" لا حدود لطموحاته"... هكذا يقدم مؤسس شركة "فوكسكون" العملاقة للإلكترونيات العالمية، الملياردير تيري غو، الذي أعلن، الاثنين الماضي، عن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في تايوان عام 2024.
رغم تخليه عن رئاسة فوكسكون، قبل أربعة أعوام، إلا أن الجميع يُرجع له الفضل في تربع هذه الشركة على عرش صناعة الإلكترونيات العالمية، والتي توفر حوالي مليون وثلاثمائة ألف فرصة عمل، ولديها حوالي مائتي فرع عبر العالم، بينما يتجاوز رقم معاملاتها 200 مليار دولار سنوياً. في عام 2019 انسحب من التسيير اليومي للشركة، كي يتفرغ لتحقيق حلمه برئاسة تايوان، حيث خلفه ليو يونغ واي، الذي اكتسب خبرة كبيرة في الشركة، تؤهله لمواصلة ما رسخه تيري غو.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يعلن فيها تيري غو عن تطلعه إلى الترشح لرئاسة تايوان. فقد أعلن عن ذلك في إبريل/نيسان 2019 بمناسبة الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في يناير/كانون الثاني 2020. في تلك المرة برر رغبته في الترشح "برؤية تجلت له فيها إلهة البحر"، التي يقول إنها شجعته على ذلك بهدف دعم السلام بين الجزيرة والصين وفعل أشياء مفيدة وبعث الأمل في نفوس الشباب.
ولدى إعلانه، الاثنين الماضي، عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، أعاد التعبير عن نفس الهدف، حيث خاطب ساكنة الجزيرة قائلا: "أناشد سكان تايوان منحي أربع سنوات. أتعهّد بأنني سأجلب السلام إلى مضيق تايوان للسنوات الخمسين المقبلة وأبني أعمق أسس الثقة المتبادلة بين الجانبين". وعندما أثيرت تساؤلات حول علاقته بالصين، التي لدى فوكسكون كيان عملاق فيها، أكد غو الذي يحتاج إلى 290 ألف توقيع ليتأهل كمرشّح مستقل، أنه لم يقم علاقة مع إدارة تلك الشركة منذ أربعة أعوام، مضيفا: "لم أكن يوما تحت سيطرة (الحزب الشيوعي الصيني).. لن أخضع للتهديد".
ولد تيري غو، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 1950 في تايوان، التي هاجر إليها والداه، المنحدران من إقليم شانكزي في الصين. فقد حلا في الجزيرة في 1949، خلال الهجرة الكبرى التي تلت تسلم ماو تسي تونغ السلطة في الصين، وهو مؤسس الصين الشعبية.
عمل بعد الثانوية في معمل للبلاستيك، قبل أن يعمد في عام 1974، مستعيناً بقرض بقيمة 7500 دولار من والدته، إلى تأسيس مصنع للبلاستيك، حمل اسم Hon Hai Precision Industry. تولى توفير أجزاء البلاستيك لأجهزة التلفاز، قبل أن يحصل في عام 1980 على أول عقد كبير يتعلق بوحدات التحكم في ألعاب الفيديو العالمية.
تطورت الشركة كثيراً في عالم الإلكترونيات، وتحول اسم تلك الشركة بعد دخولها البورصة إلى "فوكسكون"، التي أضحت في أعوام قليلة أهم مزود للأجهزة الإلكترونية للماركات الرائدة في العالم، مثل آبل وديل وأسير وإنتل وموتورولا وميكروسوفت وسامسونغ ونوكيا.
راهن في تنافسيته على الامتياز الذي تخوله له الأجور الرخيصة، حيث توزعت مصانعه التي تشغّل أكثر من مليون شخص في الصين التي حل بها في 1988، قبل أن يتوسع في جنوب شرق آسيا والهند.
يعود أول عقد كبير وقعه مع آبل إلى عام 2000، حيث كان يتمتع في تلك الفترة بسمعة جيدة لدى منتجي الحواسيب. فقد أثار انتباه جيمس جوبز، الذي قرر إسناد تصنيع جزء جهاز الكومبيوتر iMac لشركة فوكسكون، وتشعبت عملياتها سريعاً حتى أضحت حالياً توفر حوالي 70% من الإنتاج العالمي من هاتف آيفون لشركة آبل الأميركية.
ويتربع تيري غو، خريج جامعة تابيبه للتكنولوجيا البحرية، على ثروة شخصية تقدر، حسب موقع فوربس، بنحو 7.2 مليارات دولار. وسعى إلى توسيع حضور شركته في العديد من البلدان، فقد تمكن من شراء "شارب" اليابانية قبل سبعة أعوام، وأسس مصانع في فيتنام وسلوفاكيا وهنغاريا والبرازيل والمكسيك والولايات المتحدة التي حضر رئيسها السابق دونالد ترامب افتتاح مصنع للشركة بقيمة 10 مليارات دولار في ولاية ويسكنسن، وهو ما رأت فيه بكين آنذاك مبادرة للتهدئة، غير أن المشروع كان مخيباً بعد ذلك، حيث تجلى أن المصنع متواضع لا يوفر ما يكفي من مناصب الشغل، رغم استفادته من امتيازات جبائية من الحكومة الأميركية.
يوصف بأنه مهووس بالعمل، حيث فرض طريقته العسكرية على العمال الذين يفترض عليهم تنفيذ الأوامر بحذافيرها، بل إنه في البداية، لم يكونوا يتوفرون سوى على خمس دقائق من أجل الذهاب إلى الحمام، أما المديرون، فيتوجب أن تظل هواتفهم مفتوحة على مدار 24 ساعة.
تعرض لانتقادات حادة في وسائل الإعلام العالمية بين 2008 و2012، مع تكرار حالات الانتحار بين عمال الشركة الذين قدرتهم البيانات الرسمية بـ14 عاملاً، ما جعله في بؤرة ضوء وسائل الإعلام، فيما حاول طي تلك الصفحة السوداء بتوظيف عشرات الأطباء النفسيين وزيادة الأجور. كما سعى إلى طي صفحة الممارسات التي أدت إلى احتجاجات في شركته في الصين.