أعرب برلمانيون وخبراء اقتصاد عن ترحيبهم بقرار الحكومة الأردنية، عدم حبس المدين حتى نهاية العام الجاري، لكنهم أكدوا على ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات للتخفيف من التداعيات المالية المترتبة على المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية بسبب جائحة فيروس كورونا الجديد.
وقررت الحكومة، مساء الأحد، استمرار إجراءات التقاضي، دون تنفيذ إجراءات الحبس بحق المدين مع تثبيت حق الدائن، في ما يعرف بـ "أمر الدفاع 28"، نافذاً إلى نهاية العام الجاري 2021، مع التأكيد على منع المدين من السفر لحين قضاء الدين.
وقال وزير الإعلام، صخر دودين، إن "الأمر يأتي نظرا للظروف الاقتصادية الضاغطة التي تسببت بها جائحة كورونا، ومن أجل تعزيز قيم التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع الأردني الواحد، وبما يتيح إيجاد حلول توافقية، تضمن حق الطرفين، مع التأكيد على عدم التأثير على المراكز القانونية".
وحددت الحكومة سقفاً للدين لغايات منع حبس المدين بواقع 100 ألف دينار(ما يعادل 141 ألف دولار)، فيما يتم إيقاع عقوبة الحبس إذا زاد المبلغ عن ذلك، حيث تقع غالبية حالات التعثر عن السداد دون السقف المحدد.
واعتبر خبراء اقتصاد قرار رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، خطوة مهمة، لكنه غير كاف لمواجهة التداعيات السلبية للجائحة على المتعثرين مالياً من المواطنين وأصحاب المنشآت الاقتصادية المختلفة.
وكان القضاء الأردني قد قرر بالأساس في مارس/ آذار من العام الماضي تأجيل تنفيذ الأحكام الجزائية على كل محكوم عليه لا يتجاوز مجموع قيم الشيكات المحكوم عليه فيها مبلغ 100 ألف دينار في ما يتعلق بإصدار شيك من دون رصيد.
وقال ثابت الور، رئيس هيئة الاستثمار السابق لـ"العربي الجديد"، إن "تأجيل تنفيذ الأحكام الخاصة بحسب المدين مهم جداً بسبب ارتفاع أعداد المتعثرين مالياً وعدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم تجاه الدائنين بسبب تداعيات أزمة كورونا، حيث يعطي القرار الأشخاص الفرصة لتصويب أوضاعهم وعمل تسويات مع أصحاب الدين، وبالتالي تفادي حدوث كارثة اجتماعية في حال تنفيذ عقوبات الحبس".
ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، ارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة من قبل البنوك العام الماضي إلى 2.3 مليار دولار بزيادة بلغت نسبتها 4% عن عام 2019، وذلك من إجمالي قيمة الشيكات المتداولة في الأردن والتي بلغت قيمتها 48.4 مليار دولار.
وأشار رئيس هيئة الاستثمار السابق إلى أنه لا بد من اتخاد خطوات أخرى لتعزيز إجراءات الحماية للمواطنين والمتعثرين مالياً، ومن ذلك وقف بيع العقارات من شقق ومنازل سكنية وعقارات وممتلكات تعود للمواطنين في المزاد العلني، بسبب التعثر المالي وعدم قدرة أصحابها على تسديد الالتزامات المالية خلال هذه الفترة.
وأضاف: "يقع على الأفراد وأصحاب الأعمال غبن في كثير من الأحيان، عندما يتم الحجز على ممتلكاتهم وبيعها بالمزاد العلني بأسعار تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية، ما يرتب أعباء وخسائر كبيرة على المواطنين".
ولفت إلى أنه من خلال عمليات الرصد للإعلانات الصادرة عن الجهات القضائية، يتم يومياً طرح عقارات وممتلكات خاصة للبيع بالمزاد العلني، لعدم تمكن أصحابها من تسديد الأقساط والوفاء بالتزاماتهم المالية.
وبحسب بيانات البنك المركزي، تجاوزت مديونية الأفراد 15 مليار دولار، وهو الرقم الموثق في كشوفات البنوك المحلية، فيما هناك مديونية لجهات أخرى غير المصارف، ما يرفع حجم ديون الأفرد عن هذا المبلغ بكثير.
وبلغ مجموع الأقساط المؤجلة من قبل البنوك لكل من العملاء الأفراد والشركات خلال الفترة من مارس/ آذار وحتى نهاية يونيو/حزيران من العام الماضي حوالي 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار)، منها 573.18 مليون دينار للأفراد، و1.113 مليار دينار للشركات، فيما اتخذت البنوك قراراً جديداً الأسبوع الماضي بتأجيل الاقساط عن شهر إبريل/ نيسان المقبل لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
ويواجه آلاف الأردنيين الحبس بسبب عدم قدرتهم على سداد ديونهم، حيث إن "قانون التنفيذ" يجيز السجن للمدين المتعثر في الوقت الذي تصاعدت فيه نسب الفقر والبطالة وتردت الأوضاع المعيشية بسبب تداعيات أزمة كورونا.
فاقمت الجائحة الأوضاع الاقتصادية. وبحسب أحدث بيانات رسمية صدرت عن دائرة الإحصاءات العامة الحكومية في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، وصلت نسبة البطالة إلى 24.7% خلال الربع الأخير من العام الماضي، بزيادة 5.7% عن نفس الفترة من العام 2019.
وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب ضرار الحراسيس لـ"العربي الجديد"، إنه يفترض بالتزامن مع قرار عدم حبس المدين، أن تتخذ الحكومة إجراءات إضافية لتمكين المدينين من تصويب أوضاعهم وإجراء تسويات لتفادي حبسهم بعد انتهاء المهلة المحددة من قبل الحكومة بنهاية العام الجاري.
ووفق دراسة أعدتها لجنة حكومية مشكلة لمراجعة قانون التنفيذ القضائي، فإن 57% من الديون المترتبة على المطلوبين أقل من ألفي دينار.
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد" إن تأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين مهم لشريحة كبيرة من الأفراد وأصحاب الأعمال، لكنه بمثابة ترحيل للأزمة لعدة أشهر، ومن ثم تعود المشكلة مجدداً وبعدد متعثرين أكبر.
وأضاف مرجي أن المخاوف من أن تكون هنالك ارتدادات عكسية للقرار بضعف النشاط الاقتصادي وخاصة التجارة الداخلية من خلال إحجام كبار التجار عن البيع لتجار التجزئة بموجب كمبيالات أو شيكات مؤجلة، ما يؤثر سلبياً على وضع السوق.
ووفقاً لتصنيف البنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة، التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لكورونا، متوقعا أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة إلى 27%.