حروب ترامب وآهات الاقتصادات الهشة والتابعة

24 ديسمبر 2024
ترامب وترودو خلال قمة سابقة لحلف شمال الأطلسي في إنكلترا، 2019
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يمارس دونالد ترامب سياسة التهديد تجاه دول كبرى مثل كندا، مهددًا بضمها كولاية أميركية وزيادة الرسوم الجمركية على وارداتها، مما يفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في كندا.
- يهدد ترامب بالسيطرة على قناة بنما بسبب الرسوم المفروضة على السفن الأميركية، ويضغط على الاتحاد الأوروبي لشراء النفط والغاز الأميركي، مما يهدد التجارة الدولية.
- هذه السياسات ترفع المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، مؤثرة على الاقتصاد الأميركي والاقتصادات الضعيفة المعتمدة على التجارة الخارجية.

يمارس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منذ ما قبل تسلمه منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل سياسة البلطجة والتهديد على نطاق واسع والتي يصاحبها حروب تجارية قد تسبب ألاماً مبرحة وآهات وأوجاع قوية للاقتصادات الهشة والتابعة ومنها معظم الدول العربية.

أحدث صور البلطجة تلك هي التهديد بالاستيلاء على دول كبرى مثل كندا، وممرات مائية دولية حيث هدّد بإعادة احتلال أميركا قناة بنما، ثاني أهم ممر مائي في العالم بعد قناة السويس، كما هدد باحتلال جزر مثل غرينلاند الدنماركية التي تتمتع بالحكم الذاتي وتصنف على أنها أكبر جزيرة في العالم، والاعتداء على سيادة هذه الكيانات رغم تمتعها باستقلالية تامة.

قبل أيام جدد ترامب، فكرة ضم كندا لتكون الولاية الأميركية الـ51، واصفا الفكرة بأنها عظيمة، ويأتي التهديد لكندا التي يحتل اقتصادها المرتبة العاشرة عالميا، وتعد من أغنى الدول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في وقت تشهد فيه الدولة أزمة سياسية حادة، كما تأتي وسط بوادر أزمة تجارية حادة مع الولايات المتحدة، حيث أعلن ترامب عزمه زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات بلاده من كندا والمكسيك إلى 25%، وهو ما شكل صدمة كبيرة للدولة الجارة التي ترسل إلى الولايات المتحدة شريكتها التجارية الأولى 75% من صادراتها الخارجية وبما ياقرب 437 مليار دولار في عام 2022، كما يعتمد نحو مليوني كندي في وظائفهم، على الصادرات إلى أميركا.

جدد ترامب، فكرة ضم كندا لتكون الولاية الأميركية الـ51، واصفا الفكرة بأنها عظيمة، ويأتي التهديد لكندا التي يحتل اقتصادها المرتبة العاشرة عالميا

صحيح أن الحكومة الكندية سارعت وأعلنت عن تخصيص أكثر من مليار دولار لضبط الحدود ومنع التهريب مع الولايات المتحدة خوفا من تنفيذ ترامب تهديداته المضرة بشدة بالصادرات الكندية، لكن لا يزال ملف التوتر مفتوحاً بين البلدين. كما أن هناك مخاوف من استغلال ترامب أزمة كندا السياسية وتوجيه ضربة قوية للاقتصاد الكندي.

تهديد آخر تلقته بنما الواقعة في أميركا اللاتينية حيث هدد ترامب باستعادة السيطرة عليها وهي التي تربط بين المحيط الهادئ ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي، متهما السلطات البنمية بفرض رسوم باهظة على السفن الأميركية التي تعبر القناة، إحدى أهم المعابر المائية في العالم.

كما تحدث عن قلقه من احتمال وقوع القناة في "الأيدي الخطأ"، وهنا يلمح إلى تنامي نفوذ الصين لكونها ثاني أكبر مستخدم للممر المائي الذي يستقبل أكثر من 14 ألف سفينة سنوياً أبرزها السفن الأميركية والصينية واليابانية وتحمل سلعا وبضائع تتجاوز قيمتها 270 مليار دولار. كما تعد شرياناً للاقتصاد والتجارة الأميركية، حيث تشكل السفن الأميركية نحو 73% من حركة القناة، وتمر 40% من إجمالي حركة الحاويات الأميركية عبر القناة كل عام.

أما بالنسبة لأحدث تهديدات ترامب فقد كان من نصيب جزيرة غرينلاند حيث هدد بالاستيلاء عليها من الدنمارك لصالح الولايات المتحدة. وقال: "من أجل الأمن القومي والحرية في كافة أنحاء العالم، ترى الولايات المتحدة أن ملكية الجزيرة والسيطرة عليها ضرورة مطلقة."

وقبل هذا التهديد مباشرة أرسل ترامب تهديدا قويا للاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، حيث خيره ما بين شراء النفط والغاز الأميركي أو تحمّل الرسوم الجمركية العالية، ويرى ترامب أنه يجب على دول الاتحاد تعويض عجزها الهائل مع الولايات المتحدة والبالغ نحو 230 مليار دولار هذا العام من خلال الشراء على نطاق واسع من النفط والغاز الأميركي بدلا من الروسي، وإلا، فإن التعريفات الجمركية هي الحل الوحيد.

سياسة ترامب تهدد التجارة الدولية وأسواق السلع والممرات المائية، كما ترفع مستوى المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم

لا تتوقف تهديدات ترامب عند هذا الحد، فقد بدأها مبكرا قبل دخوله البيت الأبيض وتسلمه منصبه حيث هدد بإشعال حرب تجارية واقتصادية واسعة النطاق قد تربك كل أسواق العالم وتعيد الغلاء والتضخم للتجارة الدولية، خاصة وأنه قد يصاحبها حروب أخرى منها حروب عملات وحروب تقنية وتكنولوجيا معلومات وحروب العقوبات الاقتصادية والحصار والإغراق وغيرها، وخص الصين وأوروبا ودول أميركا اللاتينية حيث هددها برفع الرسوم الجمركية على صادراتها للأسواق الأميركية، كما هدد المقاومة الفلسطينية وإيران وغيرها من دول العالم.

سياسة ترامب تهدد التجارة الدولية وأسواق السلع والممرات المائية، كما ترفع مستوى المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم، وهذه التهديدات تلقي بظلالها على الاقتصاد الأميركي أولا ثم الاقتصادات الضعيفة والهشة التي تعتمد على الخارج في تموين أسواقها سواء من السلع أو الديون.

المساهمون