اختارت الحكومة اللبنانية الجديدة، التي حملت شعار "الإنقاذ" التوجه إلى الخارج بحثاً عن دعم مالي لوقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي الذي تشهده الدولة، بينما وصف خبراء اقتصاد التحركات الحكومية بأنها مجرد "مسكنات" دون أن تكون هناك حلول عملية لوقف معاناة المواطنين.
واستهل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، جولاته الخارجية بزيارة فرنسا على أمل أن يمدّ له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يد العون ليس فقط "النقدي" إنما لفتح باب التواصل أوروبياً وخليجياً وهي سلسلة مترابطة تعوّل عليها الحكومة كي لا تلقى مصير حكومة حسان دياب، فيما دعا ماكرون خلال استقباله ميقاتي، يوم الجمعة الماضي، إلى إجراء إصلاحات اقتصادية عاجلة وجذرية.
يقول مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد" إن باريس تعوّل على حكومة ميقاتي من أجل الالتزام بالبيان الوزاري وتطبيق بنوده الإصلاحية مضيفا: "الأنظار موجهة إلى مجلس الوزراء الجديد لأن فرنسا كانت واضحة منذ البداية أن الدعم المالي لن يكون إلا مقابل إصلاح فعلي وملموس وضمن إطار زمني غير مفتوح".
لا يعوّل كثير من اللبنانيين على الدور الفرنسي، ويعتبرون أن لباريس مصالح في لبنان وبادرت إلى تعويم الطبقة السياسية التقليدية وإعادة ترميم التسوية السياسية
في المقابل، لا يعوّل كثير من اللبنانيين على الدور الفرنسي، ويعتبرون أن لباريس مصالح في لبنان وبادرت إلى تعويم الطبقة السياسية التقليدية وإعادة ترميم التسوية السياسية.
وتأتي تحركات ميقاتي بالتزامن مع استعدادات لبدء محادثات مع صندوق النقد الدولي. لكن الخبير والمستشار اللبناني في التنمية والسياسات الاجتماعية ومكافحة الفقر أديب نعمة قال لـ"العربي الجديد" إن "طريقة التعاطي مع الأزمة اليوم يشبه إعطاء المسكنات التي على الأرجح لن تنجح خصوصاً أن مفعولها محدود ولا يمكنها أن توازي التدهور الحاصل على مستوى معيشة الناس والأزمة الاقتصادية"، مشيراً إلى ضرورة وجود خطة شاملة للنهوض الاقتصادي ومعالجة الأزمة الاجتماعية.
وأضاف نعمة، أن "المسؤولين في لبنان لا يريدون حلاً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية وأجندتهم ترتكز على استكمال الانهيار لأنه مقصودٌ، حتى تقرير البنك الدولي تحدث عن الركود المقصود المتعمّد ما يعني أن كلّ ما يحصل متعمد وعملية إفلاس الدولة تصبّ في مصلحة فئة من الناس استفادت منها وراكمت ثروات، مثل البنوك التي خفّضت خسائرها كذلك مصرف لبنان مع شطب ودائع المواطنين".
وعلى صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي رأى نعمة، أنّها "سترسّخ السياسات التقشفية والاستقطاب الطبقي" منتقدا سياسة تحرير سعر الصرف، الذي ولو استقر عند مستوى معيّن، فإنّ أسعار السلع ستتضاعف والمداخيل ستبقى على حالها.
وقال: "حتى لو زدنا الرواتب والأجور والبدلات، فهذا يعني زيادة الكتلة النقدية بالليرة للمواطنين بحجة تشجيع الاستهلاك من دون وضع خطة للنهوض الاقتصادي وزيادة الإنتاج فنكون بذلك فجّرنا المشكلة أكثر".
وتابع: "كلّ الخطوات التي ستقوم بها الحكومة يمكن وضعها في إطار المسكنات وإعادة توزيع الغنائم وتعزيز التوازنات المالية بما يخدم المسؤولين" مشيرا إلى أنه لا نية لتعديل النظام الضريبي أو وضع سياسات عامة للتعليم والصحة والسكن والنقل العام وغيرها.