في موازاة الهبوط الكبير لسعر صرف الدولار دون 15 ألف ليرة لبنانية، أظهرت مسودة بيان وزاري حصلت عليها "رويترز"، اليوم الأربعاء، أن الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي ملتزمة باستئناف المفاوضات مع "صندوق النقد الدولي" بشأن برنامج إنقاذ قصير ومتوسط الأمد.
وفيما تجري مفاوضات بين ميقاتي والأحزاب السياسية بشأن نص البيان الوزاري، شهد سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء تراجعا كبيرا، حيث هبط من أكثر من 16 ألف ليرة صباح اليوم إلى هامش بين 14850 ليرة للشراء و14900 ليرة للمبيع عند الغروب.
ومن المقرر أن تجتمع الحكومة غدا، الخميس، لإقرار مسودة البيان الوزاري الذي سيطرح بعد ذلك للتصويت عليه في مجلس النواب من أجل الحصول على الثقة بناء عليه حتى تستطيع الحكومة مزاولة مهامها.
ويتعين على الحكومة التي تم الاتفاق عليها أخيرا، يوم الجمعة، بعد أكثر من عام من الصراع السياسي على مقاعد مجلس الوزراء، التصدي لإحدى أسوأ حالات الكساد الاقتصادي في التاريخ الحديث.
وحسب مسودة البيان الوزاري، فإن الحكومة ستبدأ بتنفيذ الإصلاحات بالتوازي مع استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتي توقفت الصيف الماضي.
وجاء في البيان أنه سيجري "استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق تعتمد برنامجا إنقاذيا قصيرا ومتوسط الأمد يتزامن مع المباشرة بتطبيق الإصلاحات في المجالات كافة، والتي باتت معروفة ووفقا للأولويات الملحة وبما يحقق المصلحة العامة".
وقال البيان إن الحكومة ستستأنف أيضا المفاوضات مع الدائنين للتوصل إلى اتفاق على "آلية لإعادة هيكلة الدين العام بما يخدم مصلحة لبنان" ووضع خطة لتصحيح القطاع المصرفي.
كما تتعهد الحكومة، وفقا للبيان، بالالتزام بجميع البنود الواردة في المبادرة الفرنسية "والسير بتحديث وتطوير خطة التعافي المالي" التي وضعتها الحكومة السابقة.
وقالت مسودة البيان إن الحكومة اللبنانية ستعمل مع البرلمان لتمرير قانون قيود رأس المال، كما تلتزم بإجراء الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل في موعدها.
وصباحا، أمل رئيس الجمهورية ميشال عون أن "ننطلق قريباً جداً بعد تشكيل الحكومة بالمحادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل التمويل، حيث هناك إرادة دولية لمساعدتنا".
وأكد عون خلال استقباله، اليوم، وفداً من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر، أنه "لسنا خائفين من الانهيار، بل نحن نخوض الآن معركة الخروج من الهاوية التي نحن فيها، ونأمل التوفيق وسنبذل كل جهدنا لتحقيق هذه الغاية"، مشيراً إلى أن "على كل مواطن أن يساعد الدولة في هذا الظرف الدقيق".
وشدد عون على أن "التدقيق الجنائي مهمّ، وهو سيحدد الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، إضافة إلى المسؤوليات".
ولفت إلى أن "الحاجات المطلوبة غير محدودة وهي كثيرة وفي شتى القطاعات، لذلك من أولويات الخطة التي عرضتُها على المراجع الدولية المعنية بمساعدتنا تقوم أولاً على محاربة الفقر وبما يترافق مع استقرار العملة الوطنية، التي من الواجب تثبيت سعر صرفها بصورة طبيعية. ومن ثم سنبدأ بالمشاريع الكبرى وفي أولويتها الطاقة التي هي حاجة لكل منزل، ولا سيما لجهة إنشاء محطات إنتاج للكهرباء وصولاً إلى بناء دولة حديثة، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص".