خافيير ميلي... رأسمالي فوضوي يتعهد بإغلاق البنك المركزي وإلغاء البيزو و"دولرة" الاقتصاد
حقق الاقتصادي الليبرالي، خافيير ميلي، فوزاً لافتاً في الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين، في وقت تعاني فيه البلاد ويلات أزمة اقتصادية كبرى لا يعرف أحد على وجه اليقين إلى أين يمكن أن تأخذ الدولة الأكثر اقتراضا من صندوق النقد الدولي، والتي وصل معدل الفقر بين سكانها إلى أكثر من 40%، وفقاً لأرقام البنك الدولي.
وكما حدث عند وصول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وُصف ميلي في العديد من وسائل الإعلام الأرجنتينية والعالمية بأنه دخيل، وإن أضيف أن شخصيته الثورية صيغت بعناية على يد أحد أغنى الرجال في البلاد، حيث قام الملياردير الأرجنتيني إدواردو يورنيكيان بتوصيل الاقتصادي "ذي الشعر الجامح بلا هوادة" إلى شبكته الإعلامية A24، للتصدي لأولئك الذين اعتبرهم "الطبقة السياسية المهيمنة".
اتهم ميلي المؤسسة البيرونية بأنها "اشتراكية" لأنها شرّعت زواج المثليين والإجهاض، وقدمت للمحاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية في الأرجنتين في الفترة من 1976 إلى 1983، وهددت بفرض ضرائب جديدة على الثروة.
تعهد ميلي بإغلاق البنك المركزي، والتخلص من عملة الأرجنتين المحلية (البيزو) المتهاوية بسبب التضخم والديون الخارجية، و"دولرة" الاقتصاد
يلقبه الملايين من المعجبين باسم "الرجل المجنون"، و"الشعر المستعار"، بسبب قصة شعره اللافتة وما يبدو عليه من شراسة، بينما يعرف هو نفسه باسم "الأسد" غروراً.
من أبرز أفكاره أن التثقيف الجنسي هو مؤامرة ماركسية لتدمير الأسرة، واقترح السماح للناس ببيع أعضائهم الحيوية، ومنع الإجهاض.
أما عن الاقتصاد فحدث ولا حرج، فهو يرفض الإنفاق الحكومي من أجل إصلاح الأوضاع الاجتماعية للمواطن، وكان المتحدث الرسمي باسم الرأسمالية لمرات ومرات على شاشات التلفزة، واقترح مؤخراً إنهاء دور البنك المركزي وإلغاء العملة الأرجنتينية، والتعامل بالدولار.
سيكون ميلي الرئيس الحادي عشر للأرجنتين، وأول رئيس من حزب جبهة النصر الشعبي (Frente de Todos)، وهو اقتصادي وأكاديمي ذو ميول يمينية متطرفة، ولد في بوينس آيرس عام 1961، ودرس الاقتصاد في جامعة بوينس آيرس، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ستانفورد الأميركية.
وُلد ميلي لأب رجل أعمال في مجال نقل الركاب، وأم لا تعمل خارج المنزل، وعرف عنه أنه لا يفضل التحدث كثيرًا عن طفولته، مشيراً إلى أن سنوات شبابه اتسمت بعلاقة متوترة مع والده.
وفي سنواته المبكرة، كان ميلي عازفاً في إحدى الفرق الموسيقية، كما حرس مرمى بعض فرق كرة القدم للشباب، لكنه قرر ترك كرة القدم جانبا خلال فترة التضخم المفرط، في واحدة من أزمات الأرجنتين الاقتصادية المتكررة، وكان ذلك في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، ليتوجه لدراسة الاقتصاد.
الرئيس الجديد اقتصادي وأكاديمي ذو ميول يمينية متطرفة، درس الاقتصاد في جامعة بوينس آيرس، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ستانفورد الأميركية
وفي هذه الأيام، كان العضو الوحيد في العائلة الذي تربطه به علاقة وثيقة هو أخته كارينا ميلي، التي أدارت حملته الانتخابية، ويطلق عليها لقب "الرئيسة". ووصفها في أكثر من مناسبة بأنها مهندسة صعوده إلى السلطة.
بدأ ميلي مسيرته المهنية كأستاذ في جامعة بوينس آيرس، ثم شغل مناصب حكومية عديدة، منها وزير الاقتصاد في حكومة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر بين عامي 2009 و2015، وفي عام 2023، قاد ميلي حزب جبهة النصر الشعبي إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية، متغلبًا على مرشح الحزب الحاكم، ألبرتو فرنانديز.
وصف ميلي نفسه بـ"الرأسمالي الفوضوي"، ويعد مذهبه التحرري جديدًا بالنسبة للأرجنتين، حيث تحدث عن تخفيف قوانين العمل في البلاد، وروج لتقليص حجم الحكومة بشكل صارخ لتعزيز النمو الاقتصادي، ما يعني إلغاء نحو نصف الوزارات الحكومية، بما في ذلك الصحة والتعليم.
وكرمز للتغييرات القوية التي ينوي القيام بها، قام في بعض الأحيان، خلال حملته الانتخابية، بحمل منشار. ولم يتوقف "المنشار" عن التشبه بترامب، بل إنه رفع في حملته نفس الشعار "لنجعل الأرجنتين عظيمة مرة أخرى" بدلًا من "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" كما كان ترامب يقول.
ويواجه ميلي تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، فالاقتصاد الأرجنتيني يعاني من التضخم المرتفع، وتضخم الدين العام، وضعف النمو الاقتصادي. كما أن البلاد تعاني من الانقسام السياسي، حيث يواجه ميلي معارضة من الحزب الحاكم.
وتعهد ميلي باتخاذ إجراءات لخفض التضخم، وتحسين ميزان المدفوعات، وتعزيز النمو الاقتصادي. وتشمل هذه الإجراءات رفع أسعار الفائدة، وخفض الإنفاق الحكومي، وإعادة التفاوض على الديون الخارجية.
تعهد ميلي باتخاذ إجراءات لخفض التضخم، وتحسين ميزان المدفوعات، وتعزيز النمو الاقتصادي. وتشمل الإجراءات رفع الفائدة، وخفض الإنفاق، وإعادة التفاوض على الديون
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن خطة ميلي، التي تُبنى بالأساس على رؤيته اليمينية المداعبة للولايات المتحدة، وينوي فيها الاعتماد على الدولار بديلًا عن البيزو كعملة محلية، بهدف القضاء على التضخم.
وبحسب وول ستريت جورنال، فإن خطة الدولرة ستكون مليئة بالتحديات، فليس لدى الأرجنتين في الوقت الحالي المال الكافي حتى لتنفيذ تلك الخطة.
كما نقلت "وول ستريت" أيضًا عن الرئيس الأرجنتيني قوله إن إصلاح التضخم يستلزم خفض الإنفاق وفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب، وبيع الشركات الحكومية، مثل شركة الطاقة "واي بي أف".