بعد وقت قصير من إعلان موسكو عن صعوبات في الوفاء بمدفوعات ديون مستحقة على سندات مقومة بالدولار في عامي 2023 و2043، خفضت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني يوم الخميس تصنيف روسيا إلى CC من -CCC، رغم أن البلد سدد سندات مستحقة عليه.
الوكالة الأميركية العالمية قالت إن مشاكل المدفوعات الروسية ناجمة عن العقوبات الدولية بسبب غزو أوكرانيا، علماً أن العقوبات قلصت من الاحتياطيات المتاحة لموسكو من النقد الأجنبي وقيدت وصولها إلى النظام المالي العالمي، حسبما أوردت "رويترز".
وقالت الوكالة: "على الرغم من أن التصريحات الصادرة عن وزارة المالية الروسية توحي لنا بأن الحكومة ما زالت تحاول تحويل المدفوعات إلى حاملي السندات، فإننا نعتقد أن مدفوعات خدمة الدين على السندات الروسية المستحقة في الأسابيع القليلة المقبلة قد تواجه صعوبات فنية مماثلة".
وأشارت وكالتا "فيتش" و"موديز" أيضاً إلى مخاوف حيال قدرة روسيا على الوفاء بالتزامات الديون عندما خفضتا تصنيف البلاد عدة درجات في وقت سابق من الشهر. ومما يفاقم مشاكل ديون موسكو أن الإعفاء الذي يسمح حالياً لمواطني الولايات المتحدة أو المقيمين فيها بتسلم مدفوعات الديون والأسهم الروسية سينقضي في 25 مايو/ أيار.
موسكو تسدد فوائد مستحقة على سنداتها
يأتي قرار الوكالة رغم تراجع خطر تخلف روسيا عن سداد ديونها بسبب العقوبات الغربية القاسية المفروضة عليها، موقتاً على ما يبدو بعدما بعد دفعت فوائد مستحقة على هذه الأموال بقيمة 117 مليون دولار في المهلة المحددة، علماً أنه كان يفترض أن تسدد روسيا 117.2 مليون دولار مرتبطة بسندين في 16 مارس/ آذار، وفقاً لفرانس برس.
وأعلنت وزارة المال الروسية أنها صرفت الأموال اللازمة، وقالت في بيان إن "أمر الدفع الخاص للفوائد على السندات بقيمة إجمالية تبلغ 117,2 مليون دولار تم تنفيذه". وقد تلقى المصرف الأميركي "جي بي مورغان" دفعة من البنك المركزي الروسي في هذا الإطار، وفق ما أكد مصدر مطلع على الملف الخميس لوكالة فرانس برس، من دون أن يعطي تفاصيل عن المبلغ الذي تسلمه المصرف.
وتشاورت شركة وول ستريت مع السلطات الأميركية للتأكد من أنها لم تنتهك العقوبات المفروضة في أعقاب غزو أوكرانيا. وبعد تلقيها الضوء الأخضر، سلمت الأموال إلى المصرف الأميركي "سيتي غروب" الذي بات مسؤولاً عن توزيع المبالغ المطلوبة على حَمَلة السندات. ولديه مهلة 30 يوماً ليفعل ذلك قبل اعتبار روسيا متخلفة عن سداد ديونها الخارجية.
روسيا تواجه أزمة في التعامل بالدولار
وفد أدت العقوبات الغربية التي اتُخذت رداً على الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى شلل في جزء من النظام المصرفي والمالي في روسيا وتسببت في انهيار الروبل. وتشمل العقوبات تجميد الاحتياطات الروسية في الخارج التي تصل قيمتها إلى نحو 300 مليار دولار.
ويثير هذا مخاوف من أن موسكو لن تكون قادرة بعد الآن على الوفاء بالكثير من المواعيد النهائية لسداد الديون بالعملات الأجنبية خلال الفترة من مارس/ آذار إلى إبريل/ نيسان، وبالتالي فهي في وضع التخلف عن السداد.
وقد استغرق الأمر 12 عاماً حتى تتمكن روسيا من العودة إلى الاقتراض من الأسواق بعد التخلف عن سداد ديونها الداخلية في 1998، عندما أدى الوضع في آسيا إلى زعزعة اقتصادها. ومنذ ذلك الحين سعت موسكو جاهدة إلى بناء اقتصاد قوي مع نسبة دين منخفضة جدا واحتياطات تزيد عن 600 مليار دولار بفضل عائدات النفط.
وكانت وزارة المال الروسية قد قالت في وقت سابق الخميس إنها أرسلت الأموال المطلوبة إلى "مصرف أجنبي" الاثنين، وهي نظرياً 73 مليون دولار لفوائد مرتبطة بسند يستحق في 2023 و44 مليوناً مرتبطة بسند يستحق سداده في 2043.
وشددت الحكومة الروسية على أن السداد تم بالدولار وليس بالروبل، وهو توضيح مهم لأن روسيا هددت مرارًا بسداد ديونها الخارجية بالعملة الروسية. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "روسيا لديها كل الوسائل والإمكانات اللازمة لتجنب التخلف عن السداد، ولا يمكن أن يحدث تقصير. إذا حدث تقصير، فسيكون مصطنعاً بطبيعته".
وتفيد مذكرة صادرة عن "جي بي مورغان" بأن الدفعة التالية للفائدة المستحقة من موسكو مقررة الاثنين 21 مارس/ آذار وتبلغ 66 مليون دولار، لكن لروسيا هذه المرة الحق التعاقدي في الدفع بعملات أخرى غير الدولار، بما في ذلك الروبل.
الهند تشتري نفطاً روسياً رغم ضغط العقوبات
في قطاع الطاقة، أوردت أسوشييتد برس أن شركة النفط الهندية الحكومية اشترت 3 ملايين برميل من النفط الخام من روسيا في وقت سابق من هذا الأسبوع لتأمين احتياجاتها من الطاقة، مقاومة الضغوط الغربية لتجنب مثل هذه المشتريات، حسبما قال مسؤول حكومي هندي.
وقال المسؤول إن الهند لم تفرض عقوبات على شراء النفط وستتطلع إلى شراء المزيد من روسيا على الرغم من الدعوات بعدم القيام بذلك من الولايات المتحدة ودول أخرى.
وردا على سؤال من الصحافيين حول شراء الهند للنفط من روسيا، قال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية، أريندام باغشي، إن العديد من الدول الأوروبية تستورد النفط والغاز الروسي.
والعراق هو أكبر مورد للهند بحصة 27%، بحسب وكالة أنباء "برس ترست أوف إنديا" التي أوردت أن السعودية تأتي في المرتبة الثانية بنحو 17%، تليها الإمارات 13% والولايات المتحدة 9%.
مضاربة إيرانية على النفط الروسي لتزويد الهند
في السياق، قال السفير الإيراني لدى الهند اليوم الجمعة إن بلاده مستعدة لتلبية احتياجات أمن الطاقة في الهند، مع استمرار المفاوضات بين طهران والقوى العالمية لرفع العقوبات المفروضة على إيران العضو في منظمة أوبك، وفقا لرويترز.
وكانت إيران ثاني أكبر مورد نفط إلى الهند، لكن نيودلهي أوقفت الواردات من طهران بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية.
والهند ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، وتغطي أكثر من 80% من احتياجاتها من النفط الخام عبر الواردات. وبسبب العقوبات تراجع التبادل التجاري بين الهند وإيران بشدة من 17 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مارس/ آذار 2019 إلى أقل من ملياري دولار بين إبريل/ نيسان ويناير/ كانون الثاني، أي خلال الشهور العشرة الأولى من السنة المالية.
وقال السفير إنه "إذا أسس البلدان آليات تبادل تجاري بالروبية والريال فقد ينمو التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار". وارتفعت واردات النفط الخام الهندية في فبراير/ شباط إلى 4.86 ملايين برميل يوميا، أعلى مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2020، مع زيادة استهلاك المصافي لتلبية الطلب المتنامي مع تحسن أرباح التكرير. وأظهرت بيانات أن واردات الدولة، صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، زادت خمسة في المائة مقارنة مع يناير/ كانون الثاني، و24 بالمائة عن مستواها المتدني في فبراير/ شباط 2021 عندما تم إغلاق مصفاة في شمال الهند إغلاقا كاملا لأعمال صيانة.