يؤكد رئيس مكتب الاستثمار في رئاسة الجمهورية التركية أحمد بوراك داغلي أوغلو أن دول مجلس التعاون الخليجي احتلت 7% من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى بلاده خلال 19 عاماً، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن استثمار الشركات القطرية يبلغ 9.5 مليارات دولار.
هنا نص الحوار:
• تعقد اللجنة الاستراتيجية العليا بين تركيا وقطر دورتها التاسعة في الدوحة هذا الأسبوع. ما أبرز الاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها؟
- تعد اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية بمثابة منصة للمناقشات رفيعة المستوى حول العلاقات الثنائية، والتي تتميز بحضور الرئيس رجب طيب أردوغان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والهدف الأساسي للجنة هو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.
ومع اجتماع اللجنة للمرة التاسعة هذا العام، فهي تضفي الطابع الرسمي على الاتفاقيات في مجالات مثل، الاستثمار والتعليم والتجارة والتعاون الثقافي. ولا تزال الاستعدادات والدراسات مستمرة، وسيتم الكشف عن الاتفاقيات النهائية خلال جلسة اللجنة.
وقد وقّع مكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية، في وقت سابق، مذكرات تفاهم مع وكالة ترويج الاستثمار القطرية، ورابطة رجال الأعمال القطريين، لتعزيز التعاون المؤسسي. ونحن متفائلون بأن مثل هذا التعاون سيزيد من الرغبة الاستثمارية المتزايدة للمستثمرين القطريين في تركيا.
• ما نسبة الاستثمارات القطرية في تركيا والاستثمارات التركية في قطر، وما هي أبرز القطاعات لدى الجانبين؟ وهل أنت راض عن ذلك؟
- تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي حصة 7% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا خلال الفترة 2003-2022، في حين أن قطر هي ثاني أكبر دولة خليجية في هذا المبلغ بحصة 24%.
ومع نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات القطرية في تركيا 9.5 مليارات دولار، ويعد التمويل والبنية التحتية والسياحة والإعلام والتكنولوجيا والضيافة والتصنيع، من القطاعات المتميزة التي استثمرت فيها الشركات القطرية في تركيا، واعتبارا من نهاية ديسمبر2022، هناك 209 شركات ومكاتب اتصال مع العاصمة القطرية في تركيا، إذ تعد التجارة والبناء والعقارات القطاعات التي تضم أكبر عدد من الشركات القطرية.
• ما حوافز تركيا للراغبين في الاستثمار وفي أي قطاعات تحديداً؟
- تتوافر العديد من الحوافز للاستثمارات في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة والزراعة والسياحة والتكنولوجيا والتصنيع، تتوفر هذه الحوافز في مراحل مختلفة من الاستثمار، بما في ذلك البحث والتطوير والتصميم والتصنيع والتسويق، ويمكن للشركات التي تستثمر في تركيا الاستفادة من عناصر الحوافز المختلفة، مثل الإعفاءات أو التخفيضات من أنواع مختلفة من الضرائب، والدعم النقدي المباشر، ودعم الفوائد.
مثلاً، يمكن للمستثمر الذي سينشئ مركزا للبحث والتطوير أو التصميم، أن يستفيد من عناصر الدعم، مثل تخفيض ضريبة دخل الشركات، ودعم في ضريبة الدخل، ودعم في أقساط الضمان الاجتماعي في حصة صاحب العمل، والإعفاء من الرسوم الجمركية، ودعم العلوم الأساسية، إضافة إلى ذلك، يقدم TÜBİTAK (مجلس البحث العلمي والتكنولوجي في تركيا) دعما نقديا لمشاريع البحث والتطوير.
ولا تتغير أشكال هذا الدعم حسب موقع الاستثمار، ويمكن للمستثمرين فتح مراكز للبحث والتطوير في المقاطعات الأقرب إلى مصدر العمالة المؤهلة والتي يمكن أن تستفيد من معدلات الحوافز المرتفعة. وتختلف حوافز الاستثمار باختلاف بقية القطاعات.
• احتفلت تركيا بالذكرى المئوية لتأسيسها وتسعى لحجز مكانها بين أكبر 10 اقتصادات عالمياً. كيف ستحقق ذلك؟
- لقد حققت الجمهورية التركية، التي تأسست قبل 100 عام، نجاحات عديدة في مختلف المجالات، مثل الصناعة، والتكنولوجيا، والصحة والعلوم، والدفاع، والبنية التحتية، ومنذ عام 2003، وتحت قيادة الرئيس أردوغان، برز الاستقرار السياسي الذي تم تحقيقه، وعملية الإصلاح المتواصلة، إلى جانب الإدارة المتسقة للشؤون الاقتصادية، كركائز حاسمة في تنمية تركيا وتحولها في المجال الاقتصادي على مدى العقدين الماضيين.
لقد سجلت تركيا نموا اقتصاديا متميزا، إذ بلغ متوسط معدل النمو السنوي 5.4% على مدى السنوات العشرين الماضية. وقد دفع هذا النمو المذهل تركيا من المركز الثامن عشر إلى المركز الحادي عشر كأكبر اقتصاد، من خلال تعادل القوة الشرائية (PPP)، في العالم خلال نفس الفترة.
وقد أثبتت تركيا أيضا، أن اقتصادها قادر على الصمود في مواجهة الصدمات المالية والاقتصادية. وبفضل القطاع الحقيقي المتنوع والمرن، فضلا عن القرارات الحكيمة والسريعة التي اتخذها صناع السياسات، فإن اقتصاد تركيا مجهز بشكل جيد، للاستجابة للصدمات بطريقة تؤدي إلى النتائج المثلى.
وبشكل أكثر تحديدا، تتبنى تركيا، نموذجا اقتصاديا يرتكز على ركائز زخم الاستثمار القوي، وتوليد فرص العمل على خلفية القوى العاملة الشابة والديناميكية، واستدامة اتجاهات النمو من حيث الحجم والنوع في التصدير، وأخيرا إنتاج أكثر عرضة للتكنولوجيا.
وفي هذا السياق، فإن خطة التنمية الثانية عشرة (2024-2028)، المصممة بمنظور طويل المدى في إطار رؤية 2053 للقرن الجديد لتركيا، ستكون بمثابة خريطة طريق شاملة لتحقيق أهدافنا التنموية، استنادا إلى القيم والتوقعات الأساسية للأمة، وتتكون خطة التنمية الثانية عشرة من خمسة محاور رئيسية هي: "نمو مستقر، اقتصاد قوي"، و"الإنتاج التنافسي من خلال التحول الأخضر والرقمي"، و"أفراد مؤهلون، أسر قوية، مجتمع صحي"، و"مساحات معيشية مرنة في مواجهة الكوارث والبيئة المستدامة"، و"الحكم الديمقراطي الرشيد المبني على العدالة".
على هذه الخلفية، تدخل تركيا قرنها الثاني بهدف أن تصبح واحدة من أكبر 10 اقتصادات في العالم. ووفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من المتوقع أن تحافظ تركيا على زخم هذا النمو، وستكون عاشر أكبر اقتصاد في عام 2026، وخامس أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2052 من خلال مقاييس تعادل القوة الشرائية.
• إلى أي مدى اجتذبت صناعة السيارات في تركيا المستثمرين الأجانب، وهل سيجري إطلاق سيارة "توغ" TOGG في السوق العالمية؟
- مع معدل توطين يبلغ 51%، تجلب "توغ" حركة جديدة لصناعة السيارات التركية. وبفضل ذلك فإن قاعدة الموردين التي طورت بشكل جيد للغاية في تركيا، سوف تتطور بشكل أكبر وتجذب المستثمرين الجدد إلى البلاد، وكما هو معروف، تم طرح "توغ" في نهاية أبريل/ نيسان 2023.
وكان هدف الإنتاج لعام 2023 هو 20 ألف سيارة، وتم تحديثه لاحقا إلى 28 ألفا ومع ذلك، فقد وصل عدد طلبياتها إلى 177 ألفا.
لقد اجتازت بالفعل أكثر من 100 اختبار، وتفي بجميع المعايير الدولية. بالإضافة إلى طراز سيارات الدفع الرباعي الحالي، ستطلق طرازين جديدين في نهاية عام 2024، أو أوائل عام 2025. وبما أن تركيا عضو في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، فإن أوروبا تعد سوقا طبيعيا للشركة.
• هل حقق برنامج الجنسية مقابل الاستثمار الذي أطلقتموه عام 2018 أهدافه، وأين المواطنون الخليجيون والعرب منه؟
نعم نُفذ البرنامج بنجاح، كما أثبتت برامج الاستثمار العقاري في تركيا جاذبيتها للمستثمرين، ويشير الاهتمام الكبير من قبل المستثمرين في دول الخليج بهذا البرنامج، إلى أن تركيا تعد وجهة جذابة للاستثمارات العقارية في المنطقة، وسجلت ما يقرب من 30 مليار دولار من مبيعات العقارات من عام 2018 إلى اليوم في أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر، وتظهر هذه الأرقام نجاح البرنامج.
وتشير الإحصاءات إلى اهتمام كبير بالبرنامج بشكل خاص من منطقة الخليج التي ضخ مواطنوها أكثر من 4 مليارات دولار في الاستثمارات العقارية منذ عام 2018 حتى الآن.
• إلى أي مدى يؤثر ارتفاع معدل التضخم وعدم استقرار قيمة الليرة التركية مقابل الدولار على الاستثمار الأجنبي في تركيا؟
- لم ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر على أساس سنوي بأي مستويات كبيرة على الإطلاق، خاصة في السنوات الأخيرة التي تزامنت مع ارتفاع مستويات التضخم، وفي الواقع، تفوقت تركيا على المتوسط العالمي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الفترة التي أعقبت كورونا.
ومع ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 73.1% في عام 2021، تفوقت تركيا على متوسط أداء العالم (53.7%) والدول النامية (36.3%).
علاوة على ذلك، ورغم انخفاض متوسط الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم بنسبة 12.4%، وانخفاضه في البلدان المتقدمة بنسبة 36.7%، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا بنسبة 2.1% في عام 2022، وهو العام الذي شهد أزمة في العالم. بالإضافة إلى ذلك، كانت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية إلى تركيا في العامين الماضيين، 13.3 مليار دولار في عام 2021، و13.6 مليار دولار في عام 2022 على التوالي.
وهذا أعلى من متوسط تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة على مدار العشرين عاما الماضية، وهو 12.6 مليار دولار، ويرجع ذلك أساسا إلى الأساسيات القوية مثل سياسات الاقتصاد القائم في السوق، والاقتصاد المتنوع، والمتانة في مواجهة الصدمات، والبنية التحتية المتطورة والواسعة النطاق، ومجموع العمالة الشابة والموهوبة، والموقع الاستراتيجي، والاتجاه المتزايد باستمرار في التصدير.
بالأرقام... الاستثمارات الأجنبية التي استقطبتها تركيا
حققت تركيا انتعاشاً قوياً بعد كورونا، فزادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 73% إلى 13.3 مليار دولار عام 2021.
ثم حافظت تركيا على المستوى ذاته واستقطبت 13.4 مليار دولار عام 2022، علماً أن هذا الأداء هو الأفضل قياساً بمتوسّطات العقدين الأخيرين. وإضافة إلى ذلك، اجتذبت تركيا 4.8 مليارات دولار في النصف الأول من عام 2023.
ومقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، يعكس هذا الرقم انخفاضاً نسبته 32%، في حين انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية 36% في النصف الأول من عام 2023، وفقاً لبيانات جمعتها "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية".
كما زادت تدفقات الاستثمار إلى قطاع الصناعة 40% في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023 على أساس سنوي، وكانت أوروبا وآسيا المنطقتين الرئيسيتين المـتصدرتين بنسبتَي 74% و16% على التوالي عام 2023.
وعلى مستوى الدولة، تصدرت هولندا القائمة بحصّة 25%، تليهما روسيا بنسبة 16% وألمانيا بنسبة 10%. أما بين الدول الآسيوية، فتُعد الإمارات أكبر مستثمر بحصّة 6% في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023.
سيرة أحمد بوراك داغلي أوغلو
- في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عُيّن عضواً في مجلس إدارة صناديق الثروة.
- في فبراير/ شباط 2020، عُيّن رئيساً لمكتب الاستثمار التابع للرئاسة.
- بين عامَي 2015 و2020، كان نائب رئيس المكتب للترويج الخارجي.
- بين عامَي 2010 و2015، تولى مسؤولية مشاريع الاستثمار مع الخليج والهند واليابان والولايات المتحدة.
- عمل مستشاراً في القطاع الخاص.
- حائز بكالوريوس اقتصاد من جامعة البوسفور و"ماجستير عالمي في المالية" من كلية الأعمال IE.