سيطرت حالة من الغضب على المستوى الشعبي المصري بخلاف المستوى الرسمي، على خلفية التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد الإسلام، خلال الحفل الذي أقيم في جامعة السوربون أثناء تشييع المعلم الفرنسي المقتول صامويل باتي، وتمسك ماكرون خلال تصريحاته بنشر بلاده رسومات مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.
وتصدرت حملة "إلا رسول الله" مواقع التواصل الاجتماعي بـ"فيسبوك" وتويتر" و"يوتيوب" رداً على حملة الإساءة الفرنسية، التي تستهدف الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما دعا البعض إلى مقاطعة البضائع والمنتجات الفرنسية، بكافة أنواعها بالأسواق المصرية، وهي الدعاوى التي وجدت تجاوباً كبيراً لدى المواطنين بعدم شراء أي منتج فرنسي.
ما هي هذه المنتجات؟
وهناك العشرات من المنتجات الفرنسية الموجودة بالأسواق المصرية، من بينها أنواع معينة من الأجبان مثل" لا فاشكيرى – بيرى - بريزي دون" ومنتجات دانون للألبان منها "دانون زبادي – دانغو" وصلصة البولونيز، ومنتجات مولينكس على رأسها خلاطات المطابخ المنزلية وأواني التيفال، فضلاً عن منتجات شركة بيك من "أقلام وشفرات حلاقة" ومستحضرات التجميل من كريمات وشامبو وعطور وزيوت وأعشاب وأنواع من المنظفات، وساعات وحقائب، وعشرات الأنواع من الملابس، إضافة إلى سيارات "رينو – بيجو- سيتروين" والمياه الغازية ولبن البودرة والشكولاتة بأنواعها المختلفة، وغيرها من المنتجات.
أهالي الصعيد
فيما دعا ناشطون بمحافظات صعيد مصر، عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى حملة مقاطعة لكافة المنتجات الفرنسية، لتوجيه ضربات قوية للاقتصاد الفرنسي، كما طالب البعض بإلغاء جميع اتفاقيات التجارة الموقعة مع باريس كنوع من المقاطعة الاقتصادية في مواجهة سياسات فرنسا المعادية للإسلام والمسلمين، حيث أكد أهالي الصعيد أن ما حدث يتطلب موقفا عربيا حازما بمقاطعة المنتجات الفرنسية.
الدور الرسمي مخالف
وانتقد مسؤول بالغرفة التجارية المصرية، الدور الرسمي المصري بعدم توجيه انتقادات لتلك التصريحات المسيئة، على غرار ما حدث في بعض العواصم العربية والإسلامية، موضحاً أن هناك تعليمات بالتزام الصمت من جانب الجهات المسؤولة داخل البلاد، مشدداً على أن الحكومة المصرية تخشى من غضب فرنسا عليها، من خلال وقف عدد من الصادرات الاستراتيجية الهامة على رأسها "القمح" حيث تعتبر باريس مصدرا لتوريد القمح، وأيضا التعاون العسكري بين الجانبين، مشيراً إلى أن مثل تلك التصريحات المسيئة تساهم في نشر ثقافة الكراهية بين الشعوب.
وتابع قائلاً: "إن مقاطعة المستهلك العربي والمسلم للبضائع الفرنسية آتت ثمارها أسرع مما يتوقع كثير من المسلمين" وبدأت المخاوف تظهر بجدية على ألسنة الكثير من المسؤولين وأصحاب الشركات الفرنسية، التي ستتكبد عند تفعيلها واستمرارها خسائر فادحة تقدر بمليارات اليوروهات.
سلاح فعّال
وأيد المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، دعوة المقاطعة الجماعية من التجار والمستهلكين للمنتجات الفرنسية، لكونها سلاحاً فعالاً يمثل وسيلة ضغط جيدة للرد على تلك الإساءة، بعدما قام الآلاف من التجار بالمحافظات المصرية، برفع المنتجات الغذائية الفرنسية عن أرفف متاجرهم، والاعتماد على المنتجات البديلة وهو ما دفع أصحاب شركات ومصانع فرنسية للاتصال بجهات رسمية بالغرفة التجارية المصرية ترفض تلك الإساءة، وتؤكد وقوفها ومساندتها للشعوب العربية والإسلامية بعدما أحست بالخطر.
المقاطعة: منحنى مهم
من جانبه يرى محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أن تلك المقاطعة بدأت تأخذ منحنى هاما لدى المنتجات الغذائية، ومستحضرات التجميل الفرنسية برفض المستهلكين شراءها خلال الساعات القادمة خاصة بمنطقة وسط القاهرة، مبيناً أن هناك عملا لحصر عدد كبير من أسماء ماركات السلع والمنتجات الفرنسية ويتم تعريف المواطنين بها لمقاطعتها، متوقعاً أن تلقى دعوات المقاطعة تشجيعاً من الشعب المصري، خاصة أنه كانت هناك حملات مشابهة، من خلال مقاطعة المنتجات الدنماركية قبل ذلك، رافضاً ما يردده البعض من قبل الجهات المسؤولة المصرية بأن الاقتصاد المصري هو المتضرر من تلك الأزمة ، فضلاً عن الشركات والعمالة المصرية.
فرنسا شريك لمصر
وتعتبر فرنسا من أهم الدول الأوروبية المستثمرة في مصر، ويصل حجم استثمارات الشركات الفرنسية العاملة داخل البلاد إلى 160 شركة، باستثمارات تصل إلى 3 مليارات يورو، أي ما يعادل 30 مليار جنيه مصري، يعمل بها نحو 30 ألف عامل، وتلك الشركات تعمل في قطاعات التمويل والصناعات الزراعية والسياحة وتكنولوجيا المعلومات وقطاع الإنشاءات والخدمات والكهرباء والصحة والنقل الجوي ومواد البناء، وصناعات السيارات، والأدوية، والبنوك، والاتصالات، فضلاً عن دورها في إنشاء مترو أنفاق القاهرة أحد أهم مشروعات التعاون المشترك بين مصر وفرنسا.
القمح أهم صادرات فرنسا
وتوجد في القاهرة الغرفة التجارية الفرنسية التي تم إنشاؤها في عام 1992، وتضم حوالي 640 عضوا، معظمهم ممثلون عن شركات مصرية في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، إلى جانب ممثلين عن شركات فرنسية متواجدة في مصر، كما تم إنشاء مجلس الأعمال الفرنسي المصري عام 2006، لتذليل جميع المشكلات التي تعرقل نمو نشاط الشركات الفرنسية، وتدعيم العلاقات الثنائية في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمارات.
وكشف تقرير مصري أن القمح يعتبر أحد أهم البنود السلعية التي تم استيرادها من فرنسا خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2019، والذي بلغت قيمة الواردات منه نحو 106.4 ملايين يورو، تليه الأدوية ومنتجات الصيدلانية بقيمة 43.4 مليون يورو، ثم بند الطائرات بقيمة 38.2 مليون يورو، فضلاً عن المعدات، والآلات الإلكترونية، والكيماويات، والسيارات،كما لها دور في مجال علم الآثار المصرية، بعدما أسهمت في العديد من الاكتشافات الأثرية الضخمة، وتتمثل أهم الصادرات المصرية لفرنسا في الغاز الطبيعي والأسمدة والمنسوجات القطنية، والمصنوعات البلاستيكية، والخضروات والفواكه، والسيراميك.