رفعت دول عربية وارداتها من المشتقات الروسية، خاصة البنزين والديزل. وحسب تقرير لشركة كيبلر الأميركية التي تراقب حركة شحنات النفط والوقود العالمية، فإن الدول العربية في شمال أفريقيا رفعت بمعدلات كبيرة وارداتها من الوقود الروسي خلال الشهور الأخيرة.
وحسب التقرير، رفعت كل من المغرب وتونس ومصر والجزائر وارداتها من الوقود الروسي، فقد ارتفعت واردات المغرب من الديزل الروسي من حوالي 600 ألف برميل لعام 2021 إلى مليوني برميل في يناير/كانون الثاني مع وصول ما لا يقل عن 1.2 مليون برميل أخرى إلى البلاد في فبراير/شباط، وفقًا لبيانات شركة كيبلر.
وتضمّن التقرير، الذي نقلته "وول ستريت جورنال" اليوم الاثنين، ما شهدته الجزائر ومصر أيضاً من ارتفاع في وارداتها من الوقود الروسي.
وزادت تونس التي لم تستورد أي منتجات نفطية روسية تقريبًا في عام 2021 من الإمدادات الروسية من الديزل والبنزين والنافثا التي تستخدم عادة في صناعة الكيماويات والبلاستيك بالبلاد. وحصلت تونس على 2.8 مليون برميل من منتجات النفط الروسية في يناير/كانون الثاني 2023، ومن المتوقع أن تستورد 3.1 ملايين برميل أخرى هذا الشهر. وتزامنت الواردات المتزايدة إلى تونس والمغرب مع زيادة طفيفة في صادراتهما من المنتجات المكررة إلى الخارج، وهو ما أثار مخاوف الدول الأوروبية من خلط الشحنات الروسية بمنتجات نفطية أخرى وإعادة تصديرها إلى أوروبا.
في هذا الصدد، قال رئيس أبحاث النفط في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة في بريطانيا أندرياس إيكونومو: "هنالك صعوبة في معرفة عما إذا كان الوقود المصدر إلى اوروبا يحتوي على شحنات روسية"، وأضاف "حتى لو أرادت الدول الأوروبية معرفة مصدر الوقود، كيف ستفعل ذلك؟"، متسائلا "إذا كانت الشحنة تحتوي على 51% من المغرب و49% من روسيا، فكيف يمكن الحكم على ذلك؟".
ولكن التقرير يشير إلى أن معظم الشحنات حدثت قبل 5 فبراير/شباط 2023، عندما أصبحت الجولة الأخيرة من العقوبات على التجارة سارية، لذلك لم تكن هناك قوانين ضد إعادة تصدير المنتجات النفطية الروسية في ذلك الوقت.
ومع ذلك، فإن محللين يشيرون إلى قلق الدول الأوروبية من تصدير الوقود الروسي إلى مصافيها. ويقول محللون إنه إذا استمر هذا الاتجاه فقد يضر بهدف الغرب المتمثل في حرمان موسكو من الدخل مقابل حربها على أوكرانيا.
وقال كبير محللي النفط في كيبلر فيكتور كاتونا إن الكميات التي تستوردها دول شمال أفريقيا أكبر من أن تأخذها بمفردها. ويتوقع أن تعيد هذه الدول جزءا من وارداتها من المنتجات الروسية إلى أوروبا.
وشحنت مملكة المغرب التي ليس لديها أي رقم قياسي سابق لأي صادرات كبيرة من الديزل، في الشهر الماضي، شحنة بلغت 280 ألف برميل من الديزل إلى جزر الكناري الإسبانية وشحنة أخرى تبلغ 270 ألف برميل إلى تركيا والتي تزامنت مع تدفق الديزل الروسي إلى المغرب. ولم ترد وزارتا النفط في المغرب وتونس على طلبات التعليق.
في وقت سابق من هذا الشهر بعد دخول العقوبات الجديدة حيز التنفيذ، قالت إسبانيا إنها أبعدت سفينة تسيطر عليها شركة "ميرسيك للناقلات" من ميناء تاراغونا لأنها تعتقد أن حمولتها من الديزل تم تحميل بعضها عبر سفينة النقل إلى سفينة في البحر الأبيض المتوسط وأن مصدر الشحنة هو روسيا.
وتوفر الموانئ في شمال أفريقيا لروسيا وجهة مثالية لتفريغ شحنات الديزل وغيرها من المنتجات التي تجنبها مشتروها المعتادون في الغرب. وبالنسبة للسفن الروسية التي تبحر من بحر البلطيق، فإن الرحلات إلى شمال أفريقيا قصيرة نسبيًا وليست أطول بكثير من رحلاتها إلى الموانئ الأوروبية. وهذا يسمح لروسيا بالحفاظ على تكاليف الشحن منخفضة ويمنع أسطولها المحدود من الناقلات من الارتباط برحلات طويلة إلى آسيا أو أي مكان آخر.
كما أن ارتفاع صادرات المنتجات النفطية الروسية إلى هذه البلدان يوفر لروسيا تدفقًا جديدًا للإيرادات. وأظهرت الصين والهند، اللتان أصبحتا أكبر المشترين للنفط الروسي الخام، اهتمامًا أقل بمنتجاتها المكررة، ما أجبر روسيا على البحث في مكان آخر عن مشترين للديزل ومنتجات أخرى.
وفي هذا الصدد، قال نائب الرئيس الأول في شركة رايستاد النرويجية لأبحاث الطاقة خورخي ليون إنه من غير الواضح حجم الزيادة في الواردات إلى شمال أفريقيا التي ستتم إعادة تصديرها ويبحث المشترون ببساطة عن مصدر أرخص للديزل وأنواع الوقود الأخرى الشائعة الاستخدام.
وأشار ليون إلى أن بعض واردات شمال أفريقيا المتزايدة من الديزل من روسيا حلت محل الموردين التقليديين في الشرق الأوسط وأميركا الشمالية، وهو ما يشير إلى أن هنالك نشاطاً روسياً في أسواق شمال أفريقيا.