- الأسهم، الذهب، والعملات المشفرة كالبيتكوين سجلت مستويات قياسية، مع توقعات بمواصلة الارتفاع بفضل أرباح الشركات القوية وتوسع الارتفاعات لتشمل صناعات أكثر.
- المستثمرون أظهروا ثقة عالية بنهاية 2023، متغلبين على الأزمة المصرفية الإقليمية والاضطرابات الجيوسياسية، مما يشير إلى بداية سوق صاعدة قوية.
كان الربع الأول من عام 2024 موسماً لتحطيم المستويات القياسية لمؤشرات الأسهم الأميركية ولبعض أنواع الأصول الأخرى، على الرغم من تحقق نبوءة البعض ببقاء أسعار الفائدة المرتفعة فترات أطول، إلا أن نجاح بنك الاحتياط الفيدرالي في تحقيق الهبوط الناعم حافظ على معنويات المستثمرين القوية، وساهم في الارتفاعات الأخيرة.
وأنهى المستثمرون عام 2023 بثقة واضحة، حيث تغلبت الأسواق على الأزمة المصرفية الإقليمية والاضطرابات الجيوسياسية، وبدأت ما اعتبره البعض سوقًا صاعدة قوية وواسعة، ارتفعت فيها أسعار الأسهم والذهب والعملات المشفرة بصورة عامة، ولم تنخفض إلا لفترات وجيزة، مع صدور بعض البيانات السيئة غير المتوقعة.
حقق البنك الفيدرالي الهبوط الناعم، حيث ابتعد بمعدل التضخم عن مستويات الذروة التي سجلها في صيف 2022، بينما تجنب الاقتصاد الركود المتوقع على نطاق واسع، وما زالت سوق العمل الأميركية قوية، ومعدل البطالة قريباً من أدنى مستوياته في أكثر من نصف قرن. ويتوقع أغلب المحللين أن يبدأ البنك الفيدرالي دورة جديدة لخفض أسعار الفائدة قبل انتصاف هذا العام.
ورغم صدور بعض البيانات الاقتصادية التي أشارت إلى ارتفاع التضخم في الأشهر الأخيرة، لم يغير أغلب المتعاملين توقعاتهم، بينما أكد البنك الفيدرالي مضيه قدماً في خطة خفض الفائدة ثلاث مرات هذا العام، بإجمالي قيمة 0.75%.
وشهدت سوق الأسهم خلال الفترة التي مضت من العام عمليات بيع مكثف متقطعة، إلا أنها استمرت في الارتفاع مدفوعة بأرباح الشركات وسوق العمل القوية، ما أكد توقعات تجنب دخول الاقتصاد الأكبر في العالم في ركود. وقبل نهاية الأسبوع والشهر والربع بساعات، يبدو مؤشر إس أند بي 500 قريباً من تجاوز ارتفاعه هذا العام نسبة 10%، بينما يقترب مؤشرا داو جونز الصناعي وناسداك من تحقيق مكاسب تتجاوز نسبة 5% و9% على التوالي.
وسجل مؤشر إس أند بي 500، يوم الأربعاء، إغلاقه القياسي الحادي والعشرين لهذا العام. وسُجّلت أول 17 حالة خلال أول 50 يوم تداول من عام 2024، وهي أكبر حصيلة خلال تلك الفترة منذ عام 1998، وفقًا لشركة Bespoke Investment Research. كما سجل مؤشرا داو جونز وناسداك مستويات قياسية بصورة متكررة.
وتعثرت بعض أسهم شركات التكنولوجيا السبعة الكبرى، المعروفة باسم "العظماء السبعة"، بعد تحقيقها ارتفاعات قوية العام الماضي، حيث انخفضت أسهم شركة آبل بنسبة 10% هذا الربع بسبب المخاوف بشأن المبيعات الضعيفة في الصين والدعوى التي أقامتها وزارة العدل الأميركية ضد الشركة بتهمة الاحتكار. أيضاً، تبدو أسهم شركة تسلا في طريقها لتحقيق انخفاض بنسبة 27.6% مع اشتعال المنافسة في سوق السيارات الكهربائية.
وارتفعت أسهم شركة ألفابيت، الشركة الأم لمحرك البحث الشهير غوغل، بنسبة 8% حتى الآن هذا العام، ولكنها تخلفت عن المكاسب القوية المكونة من رقمين، والتي سجلتها شركات إنفيديا، وميتا، ومايكروسوفت، وأمازون.
ولم تكن أسهم شركات التكنولوجيا الأربعة هذه وحدها في تحقيق المكاسب القوية في هذا الربع، حيث وصل مؤشر إس أند بي 600، الذي يتتبع الأسهم الصغيرة في الولايات المتحدة، إلى أعلى مستوى له في 52 أسبوعًا هذا الأسبوع، بعد أن تمسك بنك الاحتياط الفيدرالي في وقت سابق من هذا الشهر بتوقعاته لثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام.
وارتفع سعر الذهب إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، كما سجلت العملة المشفرة بيتكوين أيضًا مستويات قياسية جديدة للمرة الأولى منذ عام 2021، مقتربة من مستوى 74 ألف دولار للوحدة الواحدة، بعد أن وافقت الجهات التنظيمية الأميركية على إطلاق الصناديق المتداولة الفورية في البورصة الأميركية لأول مرة.
ماذا بعد؟
تقول ليزلي طومسون، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "سبكتروم" لإدارة الثروات، إنها تتوقع استمرار موجات الارتفاع، مع توسعها لتشمل صناعات أكثر، بفضل أرباح الشركات القوية.
وشهدت الشركات المدرجة في مؤشر إس أند بي 500 نموًا في الأرباح بنسبة 4.3% خلال الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالعام السابق، وفقًا لبيانات FactSet لتجميع وتحليل البيانات.
ويتوقع المحللون الذين استطلعت آرائهم FactSet نمو أرباح الشركات المدرجة في مؤشر إس أند بي 500 بأكثر من 10% لكامل عام 2024.
وفي إشارة إيجابية أخرى للأسواق، يؤكد التاريخ أن المستويات القياسية التي تُسجّل في بداية العام غالباً ما تنبئ بعوائد سنوية إيجابية. وحقق مؤشر إس أند بي 500 عائدًا متوسطًا بنسبة 15.8% في السنوات التي حقق فيها ارتفاعات جديدة في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، مقارنة بمتوسط مكاسب بنسبة 9.2% لجميع السنوات، وفقًا لبيانات أبحاث CFRA التي تعود إلى عام 1954.
لكن بعض مؤشرات السوق، بما في ذلك مؤشر وارن بافيت المفضل، يشير إلى أن قيمة الأسهم مبالغ فيها مقارنة بأداء الاقتصاد، ما يجبر المستثمرين على التمسك بحذرهم، على الرغم من شعورهم بالتفاؤل.
وفي لقاء مع شبكة "سي أن أن" الإخبارية، قال زاكاري هيل، رئيس إدارة المحافظ في شركة Horizon Investments، إنه سيراقب بعناية مؤشرات التضخم العنيد في الأشهر المقبلة، التي يمكن أن تعرقل خطط بنك الاحتياط الفيدرالي. وأضاف: "مع ذلك، لا نرى الكثير من المخاطر الكبرى هناك".