يمرّ سوق السيارات في المناطق المحررة شمال سورية بحالة من الركود، رغم انخفاض الأسعار، الذي قد يشجع على عودة الحركة للسوق وإحياء عملية البيع، وسط عزوف عن الشراء، بسبب الأوضاع الاقتصادية للسكان في المنطقة المرتبطة بتقلبات سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأميركي.
حالة جمود
وفي هذا الإطار، أوضح تاجر ومالك معرض السيد للسيارات، مصطفى السيد، لـ"العربي الجديد" أنّ القطاع حالياً يمر بحالة جمود، وهناك حالة من التخوف بسبب تقلبات السوق بين التجار، كونه أخيراً شهد انخفاضاً في الأسعار بسبب كثرة العرض.
وأضاف السيد: "السيارات التي تجاوز سعرها في وقت سابق 5 آلاف دولار أميركي تباع حالياً في الوقت الحالي بنحو 4 آلاف دولار" وعزا ذلك للعدد الكبير المعروض من السيارات في السوق، وانخفاض سعر صرف الليرة التركية وارتفاع أسعار الوقود، الذي دفع الزبائن للإحجام عن الشراء، وتسبب بحالة ركود واسعة في السوق.
بدوره، يقول الباحث الاقتصادي، عبد الله العلي، لـ"العربي الجديد" إنّ وقف العمليات العسكرية في الشمال السوري أسهم في استقرار أو نمو عدة قطاعات في المنطقة ومنها تجارة السيارات، التي عاود التجار استيرادها بوتيرة أعلى بعد فتح الحدود وتراجع حدة هجمة فيروس كورونا الجديد، لكن هذه التجارة مرتبطة كثيراً بالسوق التركي الذي تأثر بفعل تراجع قيمة الليرة، وأيضاً بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمي الذي عادة ما يؤدي إلى ركود في سوق السيارات.
تداعيات إغلاق المعابر
ويضيف الباحث الاقتصادي أنّ السوق في إدلب بات متخماً بالسيارات، وذلك بعد إغلاق المعابر بين قوات بشار الأسد في مناطق النظام والجيش الوطني السوري المعارض و"قوات سورية الديمقراطية"، كما أنّ السيارات التي تدخل المنطقة هي من الماركات الجيدة فما فوق، وهذه أسعارها مرتفعة، ولا يستطيع شراءها كثير من سكان المنطقة، الذين تأثروا كثيراً بسبب تراجع قيمة العملة التركية وارتفاع نسب التضخم.
وحسب العلي، فإنّ أهم أسباب ازدهار هذه التجارة في أوقات سابقة هي وجود السيولة بين أيدي السكان، وفتح المعابر بين قوات السيطرة، وتراجع أسعار النفط، وعكس هذه الأسباب يؤدي إلى الركود في سوق السيارات في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام.
ويشير إلى أنّ هناك سبباً آخر قد يؤدي إلى الركود وهو اعتماد سوق المنطقة على قطع التبديل (الغيار) الصينية، التي ارتفعت أسعارها كثيراً بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والنفط، ولا يستطيع السوق الاعتماد على قطع التبديل الأوروبية، لأنّ أسعارها مرتفعة كثيراً، ومسألة وصولها إلى المنطقة تحتاج إلى فترة طويلة قد تمتد لأشهر.
السيارات الكورية
يتركز الطلب في السوق بالمنطقة على سيارات كوريا الجنوبية المستوردة من أوروبا عبر تركيا، منها سيارات هيونداي سنتافي المنتجة عام 2005 نظراً لسعرها المنخفض مقارنة بأنواع أخرى من السيارات المتوفرة في السوق، وإمكانية سيرها على الطرق السيئة في المنطقة.
وما ساهم في ركود أسواق السيارات، التراجع الكبير في القدرة الشرائية للمواطنين الذين تحاصرهم الأزمات المعيشية على وقع تهاوي العملتين المحلية والتركية، وبالتالي انعكس ذلك سلباً على قطاع السيارات.