تزامناً مع تأكيد شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" التي تسيطر عليها الدولة، اليوم الجمعة، أنها أكملت بناء خط أنابيب الغاز المثير للجدل "نورد ستريم 2" إلى ألمانيا، اتخذت الرئاسة الأوكرانية موقفاً أكثر تشدداً بتأكيدها أنها "ستحارب" المشروع حتى النهاية.
وبذلك يُختتم مشروع خط الأنابيب الذي يربط روسيا بألمانيا "أُنجز بالكامل"، إثر ورشة استراتيجية تأخرت مرات عدة بسبب تهديدات بفرض عقوبات أميركية وتوترات جيوسياسية.
"غازبروم" أعلنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نقلاً عن رئيسها التنفيذي أليكسي ميلر، أنّ بناء "نورد ستريم 2" قد "اكتمل بالكامل" عند الساعة 08:45 بتوقيت موسكو (05:45 بتوقيت غرينتش) اليوم الجمعة، علماً أنّ الخط المملوك للشركة بُني باستثمارات من العديد من الشركات الأوروبية، تحت بحر البلطيق، وتجاوز بولندا وأوكرانيا، مما أثار اعتراضات من كلا البلدين.
⚡️ During a morning briefing at Gazprom, Alexey Miller, Chairman of the Management Committee, announced that the construction of the Nord Stream 2 gas pipeline was fully completed at 8:45 am (Moscow time) earlier this morning.@NordStream2
— Gazprom (@GazpromEN) September 10, 2021
ودعا الكرملين، الجمعة، إلى وضع الخط في الخدمة في "أقرب وقت ممكن". وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، أثناء مؤتمر صحافي عبر الهاتف مع صحافيين، "جميعنا لدينا مصلحة" في أن تعطي ألمانيا "في أقرب وقت ممكن" الإذن لإطلاق عمليات تسليم الغاز.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدا أكثر تشدداً اليوم، بتأكيده أنّ كييف سوف تحارب حتى النهاية مشروع خط الأنابيب الجديد الذي رآه سابقاً بمثابة سلاح جيوسياسي قوي لروسيا، التي ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014 بعد إطاحة الرئيس السابق الصديق للكرملين، وألقت بثقلها وراء تمرد انفصالي في شرق أوكرانيا.
وصرّح المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية سيرغيي نيكيفوروف، لوكالة "فرانس برس"، بأنّ أوكرانيا ستحارب تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2". وقال إنّ "الرئيس (فولوديمير زيلنسكي) أشار دائماً إلى أن أوكرانيا ستحارب هذا المشروع السياسي الروسي حتى استكمال بنائه، وبعد ذلك وحتى بعد بدء إمدادات الغاز".
وقد عارضت واشنطن بشدة بناء "نورد ستريم 2"، لكن إدارة جو بايدن اختارت عدم معاقبة الشركة الألمانية التي تشرف على المشروع بينما أعلنت عن عقوبات ضد الشركات والسفن الروسية، وفقاً لما أوردته "أسوشييتد برس".
وفي يوليو/تموز، توصلت الولايات المتحدة وألمانيا إلى اتفاق للسماح بإكمال مشروع "نورد ستريم 2" من دون فرض عقوبات أميركية على الكيانات الألمانية.
وبموجب شروط اتفاق 21 يوليو/تموز، التزمت الولايات المتحدة وألمانيا بمواجهة أي محاولة روسية لاستخدام خط أنابيب "نورد ستريم 2" كسلاح سياسي. ووافقتا على دعم أوكرانيا وبولندا من خلال تمويل الطاقة البديلة ومشاريع التنمية.
ويُفترض أن يضاعف خط الأنابيب الممتد تحت مياه بحر البلطيق عمليات تسليم الغاز الروسي إلى ألمانيا، المروّج الرئيسي للمشروع. لكن بالنسبة لمنتقديها في أوروبا وكذلك الولايات المتحدة، فالمشروع سيزيد على المدى الطويل اعتماد الدول الأوروبية في مجال الطاقة على روسيا الخصم الاستراتيجي الكبير بالنسبة للدول الغربية.
ولم تكفّ المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تأكيد أنّ "نورد ستريم 2" ليس سوى مشروع تجاري بحت بدون بُعد سياسي، علماً أنّ هذا الأنبوب الذي تبلغ قدرة نقله 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، يمتدّ على 1230 كيلومتراً تحت مياه بحر البلطيق وهو الطريق نفسه الذي يمتدّ عليه مشروع "نورد ستريم 1" الذي وضع في الخدمة منذ عام 2012.
وعلى مدى سنوات، تواجهت واشنطن وبرلين بشأن المشروع إنما أيضاً الأوروبيون في ما بينهم، كذلك روسيا وأوكرانيا، حليفة الغرب في مواجهة موسكو التي ترى أن تشغيل خط الأنابيب يُضعف موقعها.
وفي الآونة الأخيرة، سمح تغيير واشنطن موقفها بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، بالتوصل إلى تسوية ألمانية أميركية لمحاولة وضع حدّ لهذا الخلاف.
وترى أوكرانيا أنّ الأنبوب قد يحرم كييف على المدى الطويل من مبلغ سنوي قدره 1.5 مليار دولار على الأقل تجنيه حالياً من عبور الغاز الروسي في أراضيها نحو أوروبا، بالإضافة إلى أنه يقوّض نفوذها إزاء خصمها الروسي.
وأكدت ميركل أواخر أغسطس/آب من أوكرانيا، أنّ بلادها ستفعل كل ما بوسعها لتمديد عقد العبور الروسي الأوكراني الذي ينتهي العمل به عام 2024.