تشهد سوق الصرف الإيرانية زحفاً ناعماً للعملة الأميركية، التي سجلت صعوداً هادئاً خلال الأيام الأخيرة أمام الريال الإيراني، فيما تترقب الأسواق آخر أسبوعين من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ تتصاعد نذر المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران بعد أكثر من عامين على العقوبات الخانقة لإيران.
وارتفعت العملة الخضراء في السوق الحرة إلى نحو 260 ألف ريال، اليوم الأربعاء، لتواصل بذلك سلسلة من الصعود الهادئ، منذ نهاية العام الماضي 2020، بينما يصف محللون الأيام الأخيرة من ولاية ترامب بفترة الريبة حيث تعول طهران على انتهاج الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن، سياسة التفاوض بدلا من الصدام.
ويتراجع سعر العملة الإيرانية، إلى مستويات ما قبل الإعلان عن فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي جرت في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث سجلت في أعقاب مؤشرات على صعود ترامب في الساعات الأولى من الانتخابات نحو 258 ريالاً للدولار، قبل أن تسجل صعوداً لافتاً إلى نحو 240 ألف ريال للدولار بعد بضعة أيام شهدت تأكيدات بفوز المرشح الديمقراطي.
ورغم أن الأسواق الإيرانية، تفاعلت سريعا مع نتائج الانتخابات الأميركية وتحسنت العملة الوطنية سريعاً، إلا أنها عاودت التذبذب لتسير في نطاق نزولي من جديد ولكن أقل حدة من الفترات اللاحقة على بدء فرض العقوبات المشددة في أعقاب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/ أيار 2018، حيث يرى محللون أن هذا التحسن سيظل مؤقتا ما لم يتم دعمه بعوامل اقتصادية متينة مثل تخفيف العقوبات أو إلغائها.
إلا أن إلغاء العقوبات أو تخفيفها مستبعد على المدى القريب، وفق المراقبين، وهو مرتبط باستئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن، وما إذا كان الطرفان سيتوصلان خلالها، إن بدأت فعلا، إلى حل للقضايا العالقة بينهما بشكل يمهد الطريق لإنهاء استراتيجية الضغوط الاقتصادية القصوى التي دشنها ترامب.
وطاولت العقوبات الأميركية كافة مفاصل إيران الاقتصادية، بما فيها الصادرات النفطية وتعاملاتها المالية والمصرفية مع الخارج، لتواجه شحاً كبيراً في مواردها بالنقد الأجنبي، ما تسبب بسقوط الريال إلى مستويات قياسية خلال العامين الماضيين، بنسبة 800%.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني، قد كشف أخيرا، أنّ العقوبات الأميركية خفضت 200 مليار دولار من إيرادات إيران قائلا: "نواجه في الوقت الحاضر أسوأ أنواع الحظر" الأميركي.
وفاقم انتشار كورونا الواسع في إيران منذ فبراير/شباط 2020، الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الدولة، لتودع البلاد عامها المالي السابق، في العشرين من مارس/آذار الماضي، بنمو اقتصادي سالب بنسبة 7.2%، وبتضخم بلغ 41.2% بحسب بيانات البنك المركزي.
ووضعت هذه الأزمة الحكومة أمام عجز كبير في الموازنة الإيرانية للعام الحالي، ليصل إلى نحو 35% من حجم الموازنة البالغ أكثر من 500 تريليون ريال.
وطيلة العامين الماضيين، نتيجة العقوبات الأميركية والتزام الدول بها رغم رفض الكثير منها لهذه العقوبات، لم تتمكن إيران من تصدير نفطها "ولو قطرة واحدة" بالطرق الرسمية، بحسب نائب الرئيس الإيراني، محمد باقر نوبخت.
وتستهدف الولايات المتحدة قطاعات الإنتاج المختلفة في إيران بجانب الخدمات المصرفية، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، مساء أمس الثلاثاء، فرض عقوبات على 12 شركة إيرانية لتصنيع الصلب والمعادن ووكلاء مبيعات.
ووفق وزارة الخزانة الأميركية، فإن قطاع الصلب يحقق إيرادات كبيرة لطهران، بينما العقوبات المفروضة تعمل على حرمان النظام الإيراني من تدفق العائدات.