سر عدم قفزة أسعار النفط رغم الحرب بين إيران وإسرائيل

02 أكتوبر 2024
لحظة إطلاق الصواريخ على الاحتلال الإسرائيلي (منصة إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استقرار أسعار النفط رغم التوترات الجيوسياسية: على الرغم من التوترات في الشرق الأوسط، لم تشهد أسعار النفط قفزات كبيرة، بل سجلت تراجعاً ملحوظاً مع زيادة طفيفة بنسبة 5% بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل.

- تأثير حرب أوكرانيا على أسعار النفط: في عام 2022، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 14 عاماً بسبب العقوبات الغربية على الغاز الروسي وخفض إنتاج "أوبك +" بمقدار مليوني برميل يومياً.

- أسباب استقرار أسعار النفط الحالية: تشمل إعلان إيران عدم مواصلة الحرب، عدم تهديد التجارة في مضيق هرمز، وزيادة إنتاج السعودية، بالإضافة إلى تراجع الطلب العالمي على النفط.

يتساءل الكثير: ما هو سر عدم قفزة أسعار النفط رغم الحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، وضرب إيران إسرائيل بالصواريخ، وزيادة المخاط الجيوسياسية في لبنان وفلسطين؟ السؤال طُرح استناداً إلى نتائج حروب وأزمات سابقة شهدت الأسعار خلالها قفزة كبيرة كما جرى في أزمة السويس وحرب أكتوبر وتحرير الكويت والاحتلال الأميركي للعراق والأزمة المالية العالمية وغيرها.

وعودة للوراء سنوات، فعقب انطلاق الحرب الأوكرانية وغزو الجيش الروسي البلاد في فبراير/ شباط 2022 وصلت أسعار النفط والغاز إلى أرقام تاريخية، وحلقت بمعدل التضخم إلى مستويات قياسية هزت كل أسواق العالم، بما فيها أسواق السلع والحبوب والمواد الخام والمعادن. وأعادت حرب أوكرانيا وقتها رسم خريطة إمدادات الطاقة في ظل العقوبات الغربية القاسية بحق الغاز الروسي.

ساعتها ارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوياته منذ 14 عاماً، واقترب سعر برميل خام برنت من عتبة 140 دولاراً، مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق.

في عام 2022 وعقب اندلاع حرب أوكرانيا زاد سعر 

النفط إلى أعلى مستوياته، واقترب سعر برميل خام برنت من عتبة 140 دولاراً

وسيطرت الصدمة على قطاع الطاقة العالمي بسبب قطع روسيا الغاز عن دول أوروبية، منها بولندا وبلغاريا، بسبب مزاعم تتعلق بعدم سداد مدفوعات إمدادات الغاز بعملتها الروبل، وقرار مجموعة السبع فرض سقف سعري للنفط الروسي، ودعوة الدول التي تستورد الغاز الروسي إلى تطبيق هذا الإجراء، وتهديد الولايات المتحدة الدول المستوردة للنفط الروسي بعقوبات.

وصاحب هذا التوتر خفض تحالف "أوبك +" الذي تقوده السعودية وروسيا الإنتاج النفطي بمقدار مليوني برميل، وهو الأكبر منذ تفشي وباء كورونا.

لكن في ظل الحرب الحالية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وحالة الذعر والقلق التي صاحبت الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، ظلت أسعار النفط على حالها، بل سجلت تراجعاً ملحوظاً، وذلك على الرغم من حالة التوتر السياسي الشديد وزيادة المخاطر الجيوسياسية وتهديد جيش الاحتلال باجتياح لبنان برياً، واستهداف جيش الاحتلال قيادات بارزة بحزب الله أبرزهم حسن نصر الله.

لكن مع الهجوم الإيراني على إسرائيل بنحو 400 صاروخ باليستي والذي جرى مساء أمس الثلاثاء، شهدت أسعار النفط زيادة بنسبة 5% منها 3% قبل الهجوم مباشرة، وزادت الأسعار اليوم بنسبة 1.5%، وهذه زيادة طفيفة مقارنة بالزيادات القياسية التي جرت في حروب سابقة منها حرب أوكرانيا.

والملفت أن تلك الزيادة الطفيفة جاءت رغم بيانات أظهرت أن مخزونات النفط الأميركية تراجعت بمقدار 1.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، وانخفاض إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً للشهر الرابع على التوالي في سبتمبر/ أيلول الماضي، متأثرة بتعطل الإنتاج والصادرات الليبية نتيجة الاضطرابات الداخلية.

ضربة إيران لإسرائيل لم يصاحبها أية تهديدات للتجارة في مضيق هرمز الذي تمر من خلاله معظم صادرات الخليج والعراق النفطية، كما لم يرافقها حدوث اضطرابات في إمدادات إيران

قديماً كان وقوع توتر سياسي كفيلاً بحدوث ارتفاع شديد في أسعار النفط، وكان اندلاع حرب كفيلاً بحدوث قفزات قياسية في سعر الخام الأسود، كما جرى في سنوات سابقة منها 1956 و1973 و1980 و1991 و2003 و2022 وغيرها، فما الذي جري في الحرب الحالية ليجعل الأسعار ألا تشهد تلك القفزات، بل وتميل نحو الاستقرار؟

وإذا كانت الأسعار قد شهدت ميلاً نحو الاستقرار في الأيام الماضية، فلماذا لم تقفز مع توجيه إيران ضربة لإسرائيل، خاصة أن إيران دولة مهمة في سوق الطاقة العالمي؟

هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر تلك الحالة، الأول، صحيح أن إيران دولة نفطية مهمة حيث يبلغ إنتاجها اليومي 3.6 ملايين برميل، لكنها أعلنت أنها لن تواصل الحرب ضد إسرائيل، وأنها ستكتفي بضربة مساء الثلاثاء ما لم ترد تل أبيب.

كما أن ضربة إيران الصاروخية لإسرائيل لم يصاحبها أية تهديدات للتجارة في مضيق هرمز الذي تمر من خلاله معظم صادرات الخليج والعراق النفطية، كما لم يرافقها حدوث اضطرابات في إمدادات إيران النفطية أو تراجع تدفقات النفط والغاز عبر البحر الأحمر، أو تصاعد هجمات الحوثيين للسفن المارة عبر باب المندب، المحملة بالنفط والغاز.

السبب الثاني يكمن في توجه السعودية نحو زيادة إنتاجها النفطي، والتخلي عن هدفها غير الرسمي لسعر النفط الخام عند 100 دولار للبرميل، بهدف استعادة حصتها في السوق حتى ولو على حساب انخفاض الأسعار، وهو ما طمأن الأسواق أن المملكة، أكبر منتج للنفط للخام داخل منظمة "أوبك"، يمكن أن يعوض أي نقص متوقع في إنتاج إيران، والسبب الثالث يكمن في تراجع الطلب العالمي على النفط، خاصة من قبل دول كبرى مثل الصين مع توافر طاقة احتياطية مرتفعة.

المساهمون