اتخذ وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس الاثنين، قرارا بفرض حصار شامل على قطاع غزة يشمل الماء والكهرباء والوقود والطعام، في ظل السيطرة الإسرائيلية على منافذ القطاع كافة، عدا المنفذ البري الذي يربط غزة بمصر (رفح)، والذي لا يزال يعمل بنفس الوتيرة المعتادة قبل "طوفان الأقصى"، والحصار الإسرائيلي الذي تبعه، فكيف يمكن لمصر أن تخفف من حدة الحصار الإسرائيلي على غزة؟
في التفاصيل، قالت مصادر حكومية في محافظة شمال سيناء (شمال شرق القاهرة) لـ"العربي الجديد" إن خطوات عملية وحقيقية ملموسة تُجرى على أرض سيناء، بناءً على قرارات سيادية، لخدمة أهالي قطاع غزة، وكمرحلة الأولى تتعلق الخدمات بالجرحى الفلسطينيين الذين بدأ نقلهم إلى مصر، في ظل ضعف الإمكانات الصحية في غزة، وضخامة أعداد المصابين بشكل يومي، وإغلاق معبر بيت حانون الرابط بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يديره الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت المصادر ذاتها -رفضت الكشف عن هويتها لحساسية الموقف- أن جهات سيادية أبلغت إدارة محافظة شمال سيناء، بتوفير كل الإمكانات المتاحة، والاستعانة بكل الوزارات المعنية، في سبيل مساعدة الأشقاء الفلسطينيين في محنتهم التي يمرون بها حاليا، مشيرا إلى أنه سيجري في الأيام المقبلة إيصال أثاث منزلي لوحدات سكانية في مدن العريش والشيخ زويد ورفح الجديدة، بهدف فتحها للفلسطينيين في حال قدومهم إلى مصر، بعد صدور قرار حكومي بتجهيز هذه الوحدات قبل أيام.
وأشارت إلى أن هناك استنفارا طبيا في كل مستشفيات سيناء، وكذلك مستشفيات الإسماعيلية (شرق)، لاستقبال الحالات الطبية، فيما تم الدفع بعدد 25 سيارة إسعاف مجهزة بكل الإمكانيات إلى معبر رفح البري لاستقبال المصابين ونقلهم إلى المستشفيات وفقا لتقييم كل حالة واحتياجاتها الصحية، فيما تم تجهيز خط اتصال ساخن بين محافظة شمال سيناء، وإدارة معبر رفح البري، والجهات الحكومية والأهلية المصرية، التي ترغب في إرسال مساعدات غذائية وطبية إلى غزة خلال الأيام المقبلة، وكذلك تسهيل مرور المساعدات القادمة من دول أخرى عبر مصر، في ظل الإغلاق الإسرائيلي الشامل على غزة عبر كافة المنافذ.
وكان محافظ شمال سيناء، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، قد ترأس اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث، ووجه باستعداد كافة المديريات لاي أزمات قد تحدث بسبب الأحداث الجارية في قطاع غزة، وخاصة مديريات الصحة والتموين والتعليم والتضامن والإسكان.
80% من احتياجات قطاع غزة كانت تُدخل عبر معبر كرم أبو سالم
فيما طالب المحافظ جميع الجهات بحصر الإمكانات المتاحة والتعرف على طاقة المطاحن والمخابز الحكومية والخاصة والأسواق ومحطات الوقود ، والمدارس والوحدات السكنية والأراضي الفضاء لاستخدامها كأماكن إيواء إذا تطلب الأمر، ووجه المحافظ بتحديد المعدات والإمكانيات المتاحة لدى كل جهة ومدى استعدادها لأية طوارئ، وذلك بالتنسيق مع مختلف المديريات والجهات التابعة، فيما أكد تحديد مكان لاستقبال المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تصل إلى المحافظة تمهيدا لإدخالها الي قطاع غزة عبر معبر رفح البري.
كما وجه بوقف الإجازات الخاصة بالأطباء وأعضاء هيئة التمريض والعاملين في القطاع الطبي والصحي والإسعاف والأجهزة الحيوية في المحافظة.
وفي معبر رفح البري، قال مصدر مسؤول في إدارة المعبر في حديث لـ"العربي الجديد" إن المعبر يعمل بكامل قدرته المعتادة قبل الحرب في غزة، فيما تعمل طواقم المعبر على تسهيل سفر الفلسطينيين وكذلك العائدين لغزة على حد سواء، فيما تم خلال اليومين الماضيين استقبال عدد قليل من الإصابات لمواطنين فلسطينيين قادمين من غزة، مضيفا أن البوابة التجارية في المعبر أيضا لا تزال تعمل إلا أن كمية البضائع الواردة إلى غزة أقل من المعتاد، وذلك لأسباب فلسطينية تتعلق بعدم قدرة التجار الفلسطينيين على الوصول إلى المعبر لاستلام البضائع أو نقلها إلى داخل القطاع، في ظل القصف الإسرائيلي في كافة محافظات غزة.
وأوضح أنه إلى حد هذه اللحظة لم تصل أي مساعدات غذائية أو طبية إلى قطاع غزة عبر المعبر، سواء كانت من جهات حكومية أو أهلية، موضحا أن البوابة التجارية تعمل ثلاثة أيام أسبوعيا (الأحد والثلاثاء والخميس)، وقد عملت الأحد الماضي بشكل طبيعي رغم وجود الحرب في غزة، ومن المقرر أن تعمل اليوم الثلاثاء أيضًا، مشيرا إلى أن البوابة التجارية ستعمل بكفاءة أكبر في حال وصول المساعدات واستلامها من قبل الجهات الحكومية الفلسطينية في غزة، سواء كانت الوزارات المختصة كالصحة والاقتصاد، أو الجهات الأهلية كالهلال الأحمر.
وكشف أن المعبر التجاري كان في الظروف الطبيعية قبل الحرب يُدخل ما يقارب 300 شاحنة بضائع أسبوعيا إلى قطاع غزة تشمل وقوداً وأدوية وأغذية بكافة أنواعها، حيث تنفرد شركة أبناء سيناء التي يديرها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني بنقل البضائع من مصر إلى قطاع غزة عبر المعبر، ويمكن أن تصبح الطاقة الاستيعابية للبوابة التجارية 300 شاحنة يوميا في حال كان ثمة حاجة إلى ذلك.
من جهته، قال الباحث الاقتصادي الفلسطيني أحمد أبو قمر في حديث لـ"العربي الجديد" إن معبر كرم أبو سالم التجاري الذي يربط قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية المحتلة كان ممراً لما يقارب 350 شاحنة يوميا من البضائع المستوردة من الخارج إلى القطاع، فيما يستطيع معبر رفح التجاري الذي يربط القطاع بمصر التعويض عن إغلاق معبر كرم أبو سالم، بإدخال مستلزمات قطاع غزة خلال فترة الحرب وما بعدها، في ظل وجود كافة البضائع التي تحتاجها أسواق غزة في مصر، أو يمكن استيرادها من الخارج إلى مصر ومن ثم إدخالها إلى القطاع في حال استمر الحصار الإسرائيلي على القطاع حتى بعد انتهاء الحرب القائمة حاليا.
وأضاف أبو قمر أن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة سيمس كل مناحي الحياة من الألف إلى الياء، في حين لا يوجد بديل سوى الجانب المصري، وبالتالي فإن الفلسطينيين يتطلعون إلى استمرار عمل معبر رفح التجاري حاليا، بما يخفف الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي ستدخل فيها غزة في ظل الحصار الإسرائيلي، مشيرا إلى أن احتياجات غزة من البضائع والوقود والأدوية تقدر بعشرات ملايين الدولارات، التي يتم استيرادها عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، وفي ذلك فائدة لمصر أيضا من ناحية إدخال العملة الصعبة إليها، بالإضافة إلى الموقف الإنساني الذي ستخرج به مصر أمام العالم كله في تخفيف حصار غزة ومنع وقوع كارثة صحية وإنسانية كبيرة.
وأشار إلى أن 80% من احتياجات قطاع غزة كانت تُدخل عبر معبر كرم أبو سالم في مقابل 20% من احتياجات غزة كانت تُدخل عبر معبر رفح التجاري، رغم أن من مصلحة الطرفين زيادة الكميات التي تدخل إلى غزة، فمن الناحية المصرية تخفف أزمة العملة الصعبة لديها، والجانب الفلسطيني يخرج من دائرة الابتزاز الإسرائيلي بإغلاق المعبر وفرض الحصار عليه كل فترة، مع الإشارة إلى أن قطاع غزة بيئة استهلاكية كبيرة وليست إنتاجية، وبالتالي تحتاج إلى مستلزمات غذائية وأدوية ووقود بشكل يومي.