لا تتنافس شركات التصنيف العالمية على من يعلن أولاً خفض تصنيف إسرائيل، رغم اقتصادها المأزوم حتى قبل بدء عملية طوفان الأقصى، بل إنها تكاد تعلن في بياناتها الدعم والانحياز إلى جانب الاحتلال، بما يجافي التحليل العلمي للمؤشرات الاقتصادية. وهذا الموقف لاحظته الصحافة الإسرائيلية، وخاصة موقع "ذا ماركر" الاقتصادي المتخصص.
يقول الموقع في تقرير نشره يوم الجمعة، إنه في الأسبوعين الماضيين، تلقت إسرائيل احتضاناً حاراً من عدد من رؤساء الدول الأجنبية، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، وحزمة الراحة المالية التي وعد بها بايدن، بقيمة مليارات الدولارات، ليست الحضن الاقتصادي الوحيد الذي تستقبله إسرائيل هذه الأيام، لتنضم إليه شركات التصنيف، بحسب "ذا ماركر"، رغم أن المنشورات حول قرارات شركات التصنيف في الأيام الماضية تذهب نحو السلبية، ولكن بين السطور يمكن العثور أيضاً على أن هذه القرارات تشكّل موقفاً يكاد يكون "ملاطفاً تجاه إسرائيل"، وفق تعبير الموقع الإسرائيلي.
وأعلنت شركتا التصنيف "فيتش" و"موديز" الأسبوع الماضي، أنهما قررتا في أعقاب الحرب وضع التصنيف الائتماني للحكومة الإسرائيلية قيد المراجعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تخفيض تصنيفها. ومن الناحية العملية، فإن قراراتهما معتدلة تماماً، ولكنها لم تخفض التصنيف فعلياً حتى الآن.
وأشار الموقع إلى شركة التصنيف التي لم يسمع اسمها في الأيام الأخيرة: شركة ستاندرد آند بورز. حتى كتابة هذه السطور، كانت آخر تغريدة عامة قالتها الشركة بشأن إسرائيل في شهر مايو/ أيار الماضي، عندما قررت ترك التصنيف الائتماني لإسرائيل على حاله. وقررت الشركة أمس الجمعة تخفيض تصنيف مصر تحديداً، ولم تُذكر الحرب في قطاع غزة في هذا القرار إلا كملاحظة جانبية.
على الرغم من أن الإعلان عن قرار التصنيف التالي لـS&P لإسرائيل كان مخططاً له فقط في 10 نوفمبر، فإن الأحداث في إسرائيل كان من الممكن أن تؤدي بالتأكيد إلى إعلان غير عادي من الشركة، ولكن لم يحدث هذا. ولا يمكن القول إن شركة التصنيف تستغرق دائماً بضعة أسابيع لاتخاذ قرار، وفق "ذا ماركر"، إذ على الرغم من أنه لا يمكن مقارنة الصراعات، ولكن في حالة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لأوكرانيا إلى B ناقص في 25 فبراير 2022، بعد يوم واحد من الغزو الروسي للبلاد.
أما شركتا التصنيف الأخريان، اللتان تحذران من خفض تصنيف إسرائيل، فإنهما تفعلان ذلك بشروط. وتوضح أن التخفيض الفعلي في التصنيف سيكون على الأرجح إذا اتسع الصراع إلى جبهات أخرى، بصرف النظر عن القتال الدائر بالفعل في قطاع غزة وعلى الحدود مع لبنان.
وتلمح وكالة موديز، التي وضعت إسرائيل على "مراجعة لتخفيض التصنيف"، إلى أنه سيجري تخفيض التصنيف إذا "تصاعد الصراع العسكري بشكل كبير، أو امتد إلى ما هو أبعد من حدود إسرائيل"، مما يفتح مجالاً واسعاً لنفسها لاختيار ما إذا كانت ستخفّض تصنيف إسرائيل أم لا، وفق الموقع الإسرائيلي.
كما يمنح الاقتصاديون في وكالة فيتش لأنفسهم فترة واسعة لاتخاذ قرار بطريقة أو بأخرى: في قرارهم بوضع إسرائيل على "مراقبة التصنيف السلبي"، كتبوا أن ما قد يؤدي إلى خفض التصنيف هو "تصعيد كبير في الصراع، قد يكون له تأثير مادي وممتد على الاقتصاد والمالية العامة".