شكوك حول صرف "المركزي الليبي" رواتب الموظفين

30 اغسطس 2024
أمام مصرف في بنغازي، 6 يونيو 2022 (جيانليغي غارسيا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **صرف رواتب شهر أغسطس 2024:** البنك المركزي الليبي يخاطب المصارف التجارية لتسييل رواتب شهر أغسطس للجهات العامة، مع توقع صرف الرواتب من الأربعاء حتى الأحد.

- **التحديات المالية والإدارية:** المحلل المالي عبد الحكيم عامر غيث يشير إلى تحديات إدارة المصرف المركزي في ظل إيقاف الأنظمة المالية، مع صعوبة المصارف التجارية في دفع الرواتب بسبب نقص السيولة.

- **الأزمة السياسية وتأثيرها على قطاع النفط:** النزاع السياسي يؤدي إلى إقالة رئيس المصرف المركزي وتراجع إنتاج النفط إلى 670 ألف برميل يومياً، مما يؤثر على الاقتصاد الليبي.

خاطب البنك المركزي الليبي المصارف التجارية لاستلام مخصصات رواتب شهر أغسطس/ آب 2024 لجميع الجهات العامة والوزارات والقطاعات والمؤسسات الممولة من الخزانة العامة، مع توجيهها بتسييل الرواتب إلى المستفيدين.

يُذكر أن عملية الاقتطاع ستتم من حسابات تلك الجهات بضمانة حسابات وزارة المالية لدى المصرف المركزي، الذي سيقوم بتغطية القيم المخصصة لكل قطاع، وطالب المركزي مديري المصارف باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن. يأتي هذا التوجيه وسط مخاوف تساور 2.5 مليون موظف حكومي بشأن قدرة المصرف المركزي على صرف رواتب شهر أغسطس، خاصة بعد توقف جميع العمليات المصرفية في الفترة الأخيرة.

في هذا السياق، أكدت مصادر من إدارة العمليات بمصرف ليبيا المركزي لـ "العربي الجديد" أن الإدارة الجديدة للمصرف قد باشرت عملها صباح الأربعاء، مع عودة المدير السابق مختار الطويل إلى منصبه. وأشارت المصادر إلى أن إجراءات صرف رواتب شهر أغسطس جاهزة منذ عهد المحافظ السابق الصديق الكبير، ولا توجد أي مشكلات مالية تعوق ذلك. ومن المتوقع أن يتم صرف الرواتب في حسابات الموظفين ابتداءً من الأربعاء وحتى يوم الأحد حدا أقصى.

من جانبه، طالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الجهات الممولة من الخزانة العامة بسرعة إحالة أذون صرف الرواتب إلى المصارف التجارية، مشددًا على ضرورة أن تقوم وزارة المالية بتسوية تسييل هذه الرواتب مع المصرف المركزي.

إدارة المركزي الليبي عملياته

وفي تصريحات لـ "العربي الجديد"، أكد المحلل المالي عبد الحكيم عامر غيث أنه لا توجد مشكلة في صرف رواتب شهر أغسطس، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إدارة المصرف المركزي في ظل إيقاف الأنظمة المالية. وأضاف أن استمرار الأزمة المالية بشأن مجلس إدارة المصرف قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، خاصة فيما يتعلق بكيفية الصرف عبر الموازنة التي أقرها مجلس النواب أو العودة إلى الترتيبات المالية لعام 2021.

وقال المحلل الاقتصادي سليمان الشحومي لـ "العربي الجديد": "إدارة المصرف المركزي الجديدة تطالب المصارف التجارية بدفع مرتبات شهر أغسطس من ودائعها. كيف ستتمكن المصارف من ذلك في ظل غياب آلية لإقراض الحكومة وعدم وجود سيولة جديدة لتغطية المرتبات، بينما تستمر أزمة نقص السيولة في المصارف؟".

وصرف الباب الأول للرواتب حتى نهاية شهر يوليو بلغ 36.5 مليار دينار ليبي، ما يعادل حوالي 5.21 مليارات دينار شهريًا، وذلك وفقًا للبيانات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي (الدولار 4.76 دنانير). وبلغ عدد العاملين في القطاع العام 2.5 مليون موظف حكومي في مختلف أنحاء البلاد حتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أو ما يشكل 31% من عدد سكان ليبيا، ويبلغ الحد الأدنى للأجور ما قيمته 900 دينار، أو ما يعادل 187 دولاراً.

وتصاعد النزاع الأخير مع إعلان المجلس الرئاسي، نهاية الأسبوع الماضي، إقالة رئيس المصرف المركزي الصديق الكبير وتغيير مجلس الإدارة. رفض الكبير، الذي يحظى بدعم من حكومة شرق ليبيا، التنحي من منصبه الحساس، حيث يتم إدارة مليارات الدولارات من عائدات النفط بين الحكومتين.

قوبل قرار المجلس الرئاسي بتغيير إدارة المصرف المركزي برفض من مجلسي النواب والدولة. ومع ذلك، أكدت الإدارة الجديدة أنها بدأت مهامها في إدارة العمليات بالمصرف بعد عودة الموظفين إلى العمل، وذلك عقب انتهاء عملية التسليم والتسلُّم يوم الأربعاء.

ويأتي النزاع حول إدارة مصرف ليبيا المركزي في سياق أزمة سياسية أوسع في البلاد، حيث تتصارع حكومتان متنافستان على السلطة والموارد. الانقسام السياسي الحاد بين حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا والحكومة المكلفة من مجلس النواب ينعكس بشكل مباشر على قطاع النفط، الذي تشكل عائداته 97.1% من إيرادات الميزانية.

وكشفت مصادر مطلعة من إدارة التسويق بالمؤسسة الوطنية للنفط لصحيفة "العربي الجديد" عن تراجع حاد في إنتاج ليبيا من النفط، حيث انخفض إلى 670 ألف برميل يومياً حتى مساء الأربعاء. يعود هذا التراجع إلى انخفاض إنتاج الحقول النفطية في منطقة الهلال النفطي، بالإضافة إلى التوقف الكامل لإنتاج حقل مسلة الذي يمد ميناء الحريقة.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الانخفاض التدريجي يمتد ليشمل مختلف الحقول النفطية في أنحاء البلاد، محذرة من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى مستويات قياسية منخفضة في الإنتاج. يُذكر أن ليبيا كانت تنتج 1.2 مليون برميل يومياً في شهر يوليو/ تموز، إلا أن الإنتاج انخفض الآن إلى نحو النصف.

وأدى الانقسام السياسي في البلاد إلى إغلاق حقل الشرارة، أكبر حقول النفط في ليبيا، حيث توقفت عمليات الإنتاج بشكل كامل في الخامس من أغسطس 2024. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة على الحقل نتيجة الظروف المؤثرة على إنتاج النفط الخام. ويهيمن قطاع النفط والغاز على الاقتصاد الليبي ولا يزال غير متنوع مع وجود قطاع عام متضخم.

ويمثل قطاع النفط والغاز 60% من الناتج المحلي الإجمالي، و94% من صادرات السلع والخدمات، و97% من إجمالي الإيرادات الحكومية في عام 2023. أما القطاع الخاص فهو متخلف ويوظف أقل من 14% من القوى العاملة.

المساهمون