عينت حركة طالبان الملا عبد القاهر، المعروف في أوساط الحركة بحاجي محمد إدريس محافظا للبنك المركزي الأفغاني، وهو رجل غير معروف في أوساط "طالبان" العسكرية، لكنه مقرب من زعيم الحركة الملا هيبت الله أخوند زاده، وكذا من رئيس المكتب السياسي الملا عبد الغني برادر، كما يقول مصدر في "طالبان" لـ"العربي الجديد".
أيضا تم تعيين كل من المولوي عبد القدير، المشهور في أوساط طالبان بأحمد، ومولوي نور أحمد آغا، نائبين لمحافظ البنك المركزي.
وكان منصب محافظ البنك المركزي الأفغاني شاغرا منذ هروب أجمل أحمدي، الذي فرّ من كابول إلى خارج البلاد عقب سيطرة "طالبان" على الحكم.
ولا تتوافر معلومات كثيرة حول محافظ البنك المركزي الجديد حتى في أوساط حركة طالبان، إلا أن مصادر قالت لـ"العربي الجديد" إنه من ولاية جوزجان ومن مديرية أيقنه في شمال البلاد.
وولاية جوزجان تقطنها الأقلية الأزبكية، لكن ليس معلوما إن كان الرجل أيضا من تلك الإثنية أو من الطاجيك أو البشتون أو غيرها.
يواجه المحافظ الجديد للبنك المركزي تحديات عاجلة، منها إعادة بناء احتياطي الأجنبي في ظل ضعف المواد الدولارية، والافراج عن الاحتياطي المجمد في الولايات المتحدة، وتدبير السيولة اللازمة لتسيير شؤون الدولة
درس محافظ البنك المركزي الجديد في بعض المدارس الدينية، لذا يشتهر بعالم الدين المسمى محليا بالمولوي، ليس لديه أي خبرة في الشؤون المصرفية وإدارة السياسة النقدية والرقابة على البنوك وهي المهمة الرئيسية للبنوك المركزية، لكنه فقط شغل منصب المسؤول المالي في حركة طالبان منذ عشرين عاما، وهو المنصب الذي أهله لشغل هذا المنصب الرفيع.
يواجه المحافظ الجديد للبنك المركزي تحديات عاجلة، منها إعادة بناء احتياطي الأجنبي في ظل ضعف المواد الدولارية، والافراج عن الاحتياطي المجمد في الخارج خصوصاً في الولايات المتحدة، وتدبير السيولة اللازمة لتسيير شؤون الدولة ومنها رواتب موظفي الحكومة وتمويل الخدمات والمشروعات العاجلة.
كما يواجه تحديات تتعلق بإعادة فتح أبواب وحدات القطاع المصرفي المغلقة منذ دخول "طالبان" كابول، وإعادة ثقة المودعين والمدخرين في البنوك في ظل حالة الذعر الشديدة المسيطرة عليهم، وتحديد شكل الأنشطة المصرفية والمالية في الفترة المقبلة، وما إذا كان سيتم "أسلمة" القطاع المصرفي من عدمه، ومواجهة ظاهرة "دولرة" الاقتصاد وتخلي المدخرين عن العملة المحلية الأفغاني لصالح الدولار والعملات الأجنبية.
ووفق مراقبين "سيواجه محافظ المركزي الجديد الذي عينته طالبان مشاكل عديدة أيضا في ظل تأزم الأوضاع المالية والاقتصادية منذ عهد الرئيس السابق، أشرف غني، وزادت خلال الفترة الأخيرة، مع تصاعد الاضطرابات السياسية والعسكرية والاقتصادية".
وما يزيد من صعوبة موقف عبد القاهر في إدارة الملف المصرفي والنقدي لأفغانستان تخلي المؤسسات المالية الدولية عن مساعدة بلاده، إذ أعلن البنك الدولي مؤخرا، تعليق مساعداته إلى أفغانستان بعد سيطرة طالبان على السلطة، مشيراً إلى أنّه يبحث في الوقت نفسه سبل "مواصلة دعم الشعب الأفغاني".
كما أعلن صندوق النقد الدولي في 18 أغسطس/آب الجاري تعليق المساعدات المرصودة لأفغانستان بسبب الضبابية المحيطة بوضعية القيادة في كابول بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد.
يعد الملا عبد القاهر من المقربين لقيادات طالبان خصوصاً زعيم الحركة الملا هيبت الله أخوند زاده، ورئيس المكتب السياسي للحركة في الدوحة الملا عبد الغني برادر، ومعروف بنزاهته في الشؤون المالية
يقول الباحث الأفغاني والأكاديمي المقرب من طالبان، حسين سعيد، لـ"العربي الجديد" إن الرجل كان يترأس اللجنة المالية في حركة طالبان، وهي كانت توازي البنك المركزي في الحكومة؛ وبالتالي تم تعيينه في هذا المنصب، مؤكدا أن الرجل ذو خبرة كبيرة في الأمور المالية.
ويعد الملا عبد القاهر من المقربين لقيادات الحركة خصوصاً زعيم "طالبان" الملا هيبت الله أخوند زاده، ورئيس المكتب السياسي للحركة في الدوحة الملا عبد الغني برادر، ومعروف بنزاهته في الشؤون المالية لدى من يعرفه من "طالبان".
والبنك المركزي الأفغاني تأسس في عام 1939 بالعاصمة الأفغانية كابول وسمي بـ"دأفغانستان بانك"، وكان المبلغ الأولي فيه هو 120 مليون أفغاني (الدولار = نحو 86 أفغاني)، ثم تم تطوير وضع البنك في فترات مختلفة، لكن بسبب الحرب تدهورت حالته كثيرا بين الحين والآخر.
وكان الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، المتخصص في الشؤون الاقتصادية، يولى اهتماما كبيرا بالبنك المركزي، وحسب مسؤول فيه، رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، فقد تطور وضع البنك المركزي في فترة حكم أشرف غني أكثر من أي وقت مضى، وتحديدا في فترة محافظه الأخير أجمل أحمدي؛ إذ عين فيه المتخصصون في شتى المجالات المالية، كما أقدم أحمدي بالتنسيق مع الرئيس الأفغاني الهارب على دعوة المتخصصين الأفغان الذين كانوا يعيشون في الخارج من أجل العمل في البنك وتطوير حالته.
وُجهت اتهامات لرئيس البنك المركزي الهارب أجمل أحمدي، بتهريب الأموال قبل خروجه من البلاد؛ عقب سقوط حكومة غني وسيطرة طالبان على سدة الحكم
لكن في المقابل وُجهت الاتهامات لرئيس البنك المركزي الهارب أجمل أحمدي، بتهريب الأموال قبل خروجه من البلاد؛ بسبب سقوط حكومة غني وسيطرة طالبان على سدة الحكم.
وكان أحمدي، الذي هرب من كابول قبل دخول "طالبان" إليها في 15 أغسطس الجاري، قد أكد في وقت سابق أن البنك المركزي يستحوذ على نحو 9 مليارات دولار من الاحتياطات الأجنبية، منها نحو 7 مليارات دولار محتفظ بها في شكل خليط من النقد والسندات الذهبية الأميركية وأوراق أخرى في مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي".
وأضاف أحمدي أنه لم تتعرض احتياطات أفغانستان الدولية للخطر بأي حال من الأحوال، كما لم تتم سرقة أي أموال من أي حساب احتياطي.