مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تبدأ الأسر في ترتيب أولوياتها، وخصوصاً في التبضع بما تيسر لها من أدوات لازمة ومعلبات تكفيها للصمود عدة أيام، تزامناً مع نقص واضح في السلع الغذائية نتيجة لإغلاق المعابر.
ومنذ الثلاثاء الماضي، تغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم التجاري الواقع أقصى جنوب شرقي القطاع، الذي تشكل 80% من الشاحنات الواردة من خلاله مصدراً للسلع والبضائع الأساسية لسكان القطاع.
وأدت الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة إلى توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل، نتيجة لمنع الاحتلال إدخال شاحنات الوقود عبر المعبر التجاري الوحيد، فضلاً عن تضرر قطاعات اقتصادية وعمالية من إغلاق معبر بيت حانون الشمالي، جراء إغلاقه هو الآخر.
وبالتزامن مع الإجراءات المتخذة ضد القطاع، حذّر مراقبون للشأن الاقتصادي من إمكانية نفوق ملايين الدواجن والأبقار والماعز في غزة، جوعاً في ظل إغلاق الاحتلال للمعابر ومنع دخول الأعلاف لإطعامها.
تضرر الثروة الحيوانية
يخشى من أن يؤدي هذا الإغلاق والحصار الإسرائيلي المحكم للقطاع من تضرر السلة الغذائية لأكثر من مليوني نسمة يعيشون على مساحة جغرافية لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً ويرزحون تحت حصار خانق للعام الخامس عشر على التوالي.
إضافة إلى ذلك، يجد أصحاب المزارع صعوبة في الوصول إليها من أجل تزويد المواشي والدواجن بالغذاء، نظراً لأن غالبية هذه المنشآت والقطاعات الحيوانية توجد على امتداد المنطقة الشرقية للقطاع قرب الحدود.
وبموازاة ذلك، إن عدم تلقي موظفي الحكومة الفلسطينية التي تديرها حركة حماس في غزة لرواتبهم، رغم مرور أكثر من 40 يوماً على صرف آخر دفعة مالية، يفاقم صعوبة الوضع المعيشي للسكان بفعل الحصار والعدوان.
ويعمل قرابة 50 ألف موظف في الحكومة التي تدير شؤون أكثر من مليونَي نسمة منذ عام 2007، إضافة إلى موظفي السلطة الفلسطينية الذين صرفت رواتبهم بنسبة 80% مع بعض الأموال المتراكمة التي لا تتجاوز 10% من الشهور الماضية.
تعطل الواردات
في هذا الإطار، يقول الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر، إنّ البضائع الواردة للقطاع من خلال معبر كرم أبو سالم تراوح ما بين 78% و80% من إجمالي الواردات التي تصل إلى غزة، فيما النسبة الباقية تدخل عبر بوابة صلاح الدين مع مصر.
ويوضح أبو قمر لـ "العربي الجديد" أنّ عدة قطاعات تضررت جراء الإغلاق الحاصل للمعبر التجاري الرئيسي للقطاع، من أهمها المصانع التي تفتقر إلى المواد الخام اللازمة للصناعة، إضافة إلى عمال المياومة، إلى جانب قطاع الطاقة الذي توقفت فيه محطة توليد الكهرباء عن العمل.
ويشير الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي إلى أنّ إغلاق المعبر سيفقد الغزيين الكثير من السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تداعيات كارثية على حياة السكان والقطاعات التجارية والاقتصادية المتعددة.
ووفق أبو قمر، فإنّ إغلاق المعبر يؤثر سلباً بالحكومة الفلسطينية في رام الله التي تستفيد عبر أموال المقاصة، إلى جانب الحكومة في غزة التي تحصّل بعض الضرائب الجمركية على السلع الواردة، ما سيؤدي إلى عدم تمكنها من صرف رواتب موظفيها في ظل أزمتها المالية الحالية.
ويلفت إلى أنّ القطاع الزراعي والحيواني هو الأكثر تضرراً جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، نظراً للقصف على الأراضي الزراعية، ومنع الاحتلال إدخال الأعلاف الخاصة بالمواشي والدواجن، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلباً في السلة الغذائية.
نقص حاد في السلع
ويعاني القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 من تراجع حاد في مستوى الأمن الغذائي، مع اعتماد شريحة واسعة من السكان على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الإغاثية والأممية بنسبة لا تقل عن 80%، فضلاً عن البطالة التي تتجاوز 54% في صفوف السكان.
في هذا السياق، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل، أنّ إجمالي عدد الشاحنات الواردة إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري يراوح ما بين 320 إلى 370 شاحنة يومياً محملة بمختلف السلع والبضائع التجارية.
يعاني القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 من تراجع حاد في مستوى الأمن الغذائي، مع اعتماد شريحة واسعة من السكان على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الإغاثية والأممية بنسبة لا تقل عن 80%،
ويقول نوفل لـ "العربي الجديد" إنّ عدد الشاحنات الواردة للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم شهد تراجعاً واضحاً في الفترة الأخيرة لعدة عوامل أبرزها تراجع القدرة الشرائية للسكان، فضلاً عن تحسن إدخال بعض السلع عبر بوابة صلاح الدين مع مصر.
ويلفت الباحث إلى تضرر مختلف القطاعات التجارية والصناعية جراء إغلاق المعبر وتواصل العدوان الإسرائيلي، بفعل شحّ المواد الخام وتوقف محطة توليد الكهرباء وعدم السماح بإدخال أيّ بضائع.
ويحذر من إمكانية نقص الكثير من السلع، وتحديداً التي لا يتوافر لها بديل عبر بوابة صلاح الدين، نتيجة لتفاوت المخزون المتوافر منها لدى التجار، الذي يراوح بين أيام وشهر بخصوص مختلف السلع الاستهلاكية.