تهدد أسعار الغذاء المرتفعة، والتي باتت تضرب جيوب الفقراء في الهند، مستقبل حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مع تزايد سخط المواطنين وقرب الانتخابات المحلية في العديد من الولايات الهندية.
وأفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، اليوم الأحد، بأن أسعار الأرز والطماطم والسلع الأساسية الأخرى ارتفعت في الأسابيع الأخيرة في الهند، حيث أدى التقلب غير المنتظم للرياح الموسمية إلى التأثير السلبي على الإنتاج الزراعي.
وفي حين جرفت الأمطار الغزيرة المحاصيل في بعض المناطق، يثير تأخر وصولها إلى الأسواق في أماكن أخرى مخاوف المواطنين من شح المعروض، وبالتالي ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن صاحب مطحنة في ضواحي ميسورو جنوبي الهند، يدعى رياض أحمد، أن "كل شخص في البلاد يعاني من ارتفاع الأسعار، حتى ذوي الدخل الأعلى بمن فيهم أنا".
وأضاف صاحب المطحنة نفسه، الذي يعمل في هذا القطاع منذ 30 عاما: "أصبح هذا الارتفاع في تضخم أسعار الغذاء مصدر قلق كبير لحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، التي حظرت الأسبوع الماضي تصدير العديد من أصناف الأرز بعد أسابيع من الغضب الشعبي من زيادة الأسعار".
الهند أكبر مصدر للأرز في العالم قررت منع تصدير الأرز الأبيض باستثناء بسمتي "بمفعول فوري"
فقد أعلنت الهند، يوم 21 يوليو/تموز الجاري، منع تصدير الأرز الأبيض باستثناء بسمتي "بمفعول فوري"، في قرار قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأرز في الأسواق العالمية.
وفي تفسيرها لهذا القرار، قالت وزارة شؤون المستهلك والأغذية الهندية، إن الحظر يجب أن يساعد على ضمان إمدادات المستهلكين الهنود و"التخفيف من ارتفاع الأسعار في السوق المحلية".
وأحدثت خطوة الحظر صدمات في جميع أنحاء العالم، حيث دعا صندوق النقد الدولي حكومة مودي إلى التراجع عن قرارها "الضار لأسواق الحبوب في العالم"
وتعد الهند من أكبر مصدري الأرز في العالم، وتعتمد العديد من الدول على شحنات الأرز الهندية.
وأكد محللون أن السيطرة على أسعار المواد الغذائية أصبحت من أولويات حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يقوده مودي في الوقت الذي يستعد فيه لسلسلة من الانتخابات المحلية الحاسمة، بما في ذلك العديد من انتخابات الولايات هذا العام، إضافة إلى انتخابات عامة في غضون 12 شهراً.
وفي هذا الإطار، قال كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أفيناش كيشور، لـ"فاينانشال تايمز": "عندما يتعلق الأمر بتجارة المواد الغذائية، لا تتبنى أي حكومة بما في ذلك حكومة مودي وجهة نظر طويلة المدى".
محللون: السيطرة على أسعار المواد الغذائية أصبحت من أولويات حزب بهاراتيا جاناتا الذي ينتمي إليه مودي
وأضاف: "يتم بالفعل الضغط على جيوب الهنود الفقراء مع ارتفاع أسعار الحبوب، ولا ترغب أي حكومة في المخاطرة، حتى في الأعوام العادية ناهيك عن أن هذا عام الانتخابات".
وغالبا ما تؤدي الرياح الموسمية، التي تمر عبر الهند من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول إلى تقلب أسعار المواد الغذائية.
في ذات الصدد، حذر علماء من أن هذه الأمطار الحيوية أصبحت أقل موثوقية، مما يؤدي إلى المزيد من الفيضانات المتكررة في بعض المناطق والجفاف في مناطق أخرى.
وبحسب تقرير "فاينانشال تايمز"، فقد كان هذا الموسم مزعجاً لأسواق المواد الغذائية، حيث ارتفعت أسعار الطماطم بنحو 400 في المائة منذ الشهر الماضي بعد أن أضرت الأمطار الغزيرة بالمحصول، في حين زادت تكلفة الأرز بنسبة 11.5 في المائة منذ العام الماضي.
وفي ذات الصدد، قال جيتو سينغ، وهو عامل مهاجر يبلغ من العمر 32 عامًا في سوق خضروات بالجملة بالقرب من ميسورو في ولاية كارناتاكا جنوب غربي الهند: "هذا هو السؤال الذي أطرحه على نفسي. طماطم، أرز، كل شيء ارتفع".
بينما قالت المتسوقة الأخرى، جايالاكشمي، إنها تقلل من استهلاك العدس والزيت والضروريات الأخرى من أجل تحمّل فواتيرها.
وعلى الرغم من أن معدل تضخم المستهلك البالغ 4.8 في المائة في يونيو/حزيران الماضي لا يزال ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي الهندي، إلا أن البنك حذر هذا الشهر من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أظهر أن "مكافحة التضخم في البلاد لم تنته بعد".