غموض الرجل الغامض

01 ديسمبر 2014
أحد ردود المصريين على تبرئة مبارك وأعوانه (أرشيف/Getty)
+ الخط -


القضاء المصري برأ صديقه ورئيسه، فما الذي يجعله يعيش مغترباً في إسبانيا، حيث يقبع هناك منذ هروبه من مصر عقب اتهامه في قضايا فساد وإهدار مال عام وتهريب أموال للخارج وذلك عقب قيام ثورة 25 يناير، وإذا كان ثمن العودة للوطن مجانيا، كما حصل رئيسه على براءة مجانية، فلماذا يتنازل عن ثروته لصالح الدولة؟

إنه رجل المخابرات السابق والملياردير الغامض حسين سالم، الذي قال أمس الأول إنه تنازل عن نصف ثروته، التي تقدر بنحو أربعة مليارات جنيه، لصالح مصر دون التقيد بتسوية قضائية للقضايا التي يحاكم فيها بتهم الفساد المالي والإضرار العمدي بالمال العام، وإن هذا التبرع سيتم حتى لو حصل على حكم بالبراءة في التهم التي يحاكم فيها، وإنه قدم طلباً للنائب العام بهذا الشأن، وإنه سيعود قريباً إلى مصر، ولم تمر 24 ساعة على التصريح الناري حتى لحس الرجل كلامه ومسحه باستيكة لينفي ما تردد عن تنازله عن نصف ثروته لمصر.

في البداية قلنا إن الرجل الغامض فعلها هذه المرة من باب الوطنية وبلا قيود من أحد ولا محاكم ولا إدانات، حيث تنازل من تلقاء نفسه وبدون ضغوط من أحد عن نصف ثروته التي لا يعلم سوى الله حجمها، وكيف كونها الرجل الذي بدأ حياته رجل مخابرات ثم تحول إلى ملياردير في نهاية عمره، لكن يبدو أن هناك من همس في أذنه قائلاً له "إن لجنة حكومية بوزارة المالية برأت عائلة ساويرس من تهمة التهرب الضريبي من 14.2 مليار جنيه، وضربت بأحكام القضاء عرض الحائط، فلماذا تتنازل أنت عن المليارات التي جمعتها، حتى لو كانت من بيع غاز مصر لإسرائيل برخص التراب، والحصول على نصف أراضي مدينة شرم الشيخ بالمجان؟".

مبارك صديق عمره حصل على البراءة في تهم الفساد وقتل المتظاهرين، فلماذا لا يحصل عليها الرجل الغامض المتهم في قضايا خطيرة، منها الفساد المالي وإهدار أموال الدولة، وتصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار منخفضة، وهي نفس الاتهامات التي كانت موجهة لمبارك وتمت تبرئته منها.

الفسدة ينعمون بمليارات الدولارات التي نهبوها من أوطانهم وهم طلقاء أحرار، والفقراء ينعمون أيضاً بحياة الذل والحرمان والمهانة وهم محبوسين وراء غياهب سجن كبير اسمه الوطن.

المساهمون