وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرس، اليوم الجمعة، انتقادات لدول مجموعة العشرين (G20) عشية عقد قمتهم التي سيشارك بها، السبت والأحد، لكنه لم يسمِّ السعودية الدولة المستضيفة للقمة بعينها.
ودعا غوتيريس، خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، قادة دول قمة العشرين إلى زيادة الموارد المالية المتاحة لصندوق النقد الدولي.
ورحّب بالخطوات التي اتخذتها مجموعة العشرين بما فيها تمديد مبادرة تعليق خدمة الديون لمدة ستة أشهر وتبني إطار مشترك لمعالجة الديون، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ تلك الخطوات "غير كافية".
ودعا في هذا السياق إلى تمديد تعليق خدمة الديون حتى نهاية العام المقبل وتوسيع نطاق المبادرة لتشمل جميع الدول النامية ومتوسطة الدخل المحتاجة.
وقال " يمكن أن تؤدي سلسلة من الإفلاسات إلى تدمير الاقتصاد العالمي. لا يمكننا أن ندع جائحة كورونا تؤدي إلى جائحة ديون".
وتستضيف السعودية، عبر الاتصال المرئي السبت والأحد، قمة مجموعة "العشرين"، وسط دعوات من منظمات حقوقية دولية وأعضاء بالكونغرس الأميركي إلى مقاطعتها؛ احتجاجاً على انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان، وحربها في اليمن.
وشدد غوتيرس على ضرورة أن يتماشى التعافي الاقتصادي والصحي من جائحة كورونا مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس للمناخ.
ووجه انتقادات شديدة اللهجة في هذا الصدد لدول في قمة العشرين ودعمها لمشاريع الوقود الأحفوري.
وقال "هناك إشارات مقلقة حيث لاحظنا في سبتمبر/ أيلول أنّ حزم الإنقاذ لدول مجموعة العشرين خصصت تمويلًا أكبر بنسبة 50% لدعم الوقود الأحفوري مقارنةً بالطاقة منخفضة الكربون".
ووصف إقدام الدول على اقتراض المال والاستثمار في طاقة تؤدي إلى زيادة في درجة حرارة الأرض بأنه "ضرب من الجنون".
ولكن الأمين العام للأمم المتحدة تحدث عن بصيص أمل "حيث بدأ عدد من الدول بتشكيل تحالف عالمي تلتزم من خلاله بأن يصل صافي انبعاثاتها إلى الصفر بحلول عام 2050".
لم يذكر غوتيريس السعودية بالاسم خلال توجيه الانتقادات وقال رداً على ذلك: ما نريده أن يتم الالتزام بحقوق الإنسان في كل مكان في العالم
ودعا إلى "تحرك فوري واتخاذ عدد من الخطوات في هذا السياق من بينها وضع ضريبة على الكربون وإنهاء دعم الوقود الأحفوري، ووقف إنشاء محطات طاقة تعمل بالفحم، والاستثمار في البنية التحتية المرنة".
ورداً على سؤال حول الانتقادات التي وجهت لاستضافة السعودية لقمة العشرين، وأنها تهدف إلى تلميع سمعتها في الوقت الذي يظهر سجلها استمرار خروقات حقوق الإنسان بما فيه عدم محاسبة المسؤولين عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي وحبس الناشطات السعوديات والناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان وتعذيبهم في سجون السعودية، قال غوتيريس "ليست مصادفة أنّ مداخلتي (في بداية المؤتمر الصحافي) تحدثت عن ضرورة أن يتمكّن الجميع من الحصول على حقوقهم الإنسانية الكاملة وهذا يشمل جميع الدول بما فيها الدولة المضيفة لقمة مجموعة العشرين (السعودية)".
وحول عدم تطرّقه وذكره لخروقات بعينها أو ذكره للسعودية بالاسم، ردّ غوتيريس "كما قلت، ما نريده أن يتم الالتزام بحقوق الإنسان في كل مكان في العالم".
وقالت وكالة الأنباء السعودية، اليوم الجمعة، إنّ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز اتصل بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتنسيق الجهود المبذولة ضمن أعمال قمة مجموعة العشرين. وقال مسؤول بارز بالإدارة الأميركية، اليوم الجمعة، إنّ الرئيس دونالد ترامب سيشارك في القمة الافتراضية لزعماء دول مجموعة العشرين. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ"رويترز"، أنّ من المتوقع أن يشارك ترامب من البيت الأبيض في فعاليات القمة.
وحث أمين عام المنظمة الدولية قادة العالم على التعاون والتضامن واتخاذ إجراءات ملموسة لمكافحة فيروس كورونا الجديد ودعم الفئات الضعيفة. ولفت الانتباه إلى أنّ رسالته لقادة الدول المجتمعة ستتمحور حول عدد من النقاط أهمها التأكيد على التعافي بطريقة شاملة للجميع ومستدامة، ومن ضمنها تكثيف العمل لمكافحة التغيير المناخي والانحباس الحراري.
وفيما يخص الجهود لمكافحة انتشار فيروس كورونا وإيجاد لقاح، قال غوتيريس "إن التطورات الإيجابية التي أعلن عنها مؤخراً بخصوص لقاح لفيروس كورونا تعطي بصيصاً من الأمل. لكنه يجب أن يصل للجميع. وهذا يعني أنه من الضروري التعامل مع اللقاحات بأنها منفعة عامة، أي أنه يمكن للجميع الحصول على اللقاح بأسعار معقولة في كل مكان في العالم".
وأشار إلى أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف الجائحة. وأكد أنه يمكن تحقيق ذلك بمساعدة مبادرة "كوفاكس"، المعنية باللقاحات للوقاية من فيروس كورونا
والتي تقودها منظمة الصحة العالمية.
وأوضح "لقد استثمرت الدول، وعلى مدى الأشهر السبعة الأخيرة، 10 مليارات دولار في الجهود المبذولة لتطوير اللقاحات والتشخيصات والعلاجات ضمن المبادرة. إلا أننا ما زلنا نحتاج إلى 28 مليار دولار إضافية، بما فيها 4.2 مليار دولار قبل نهاية العام الحالي".
وشدد على أنّ "هذه الأموال ضرورية من أجل تصنيع واسع وشامل وشراء وإيصال لقاحات ومستلزمات العلاج لفيروس كورونا حول العالم. ودول مجموعة العشرين لديها الموارد للقيام بذلك".
ومجتمعةً، تحوز دول مجموعة العشرين على حوالي 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، ويعيش فيها ثلثا سكان العالم، وتستحوذ على ثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية.
وتضم المجموعة كلا من الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي.
وتطرق غوتيريس للإشاعات والمعلومات الخاطئة التي يتم تداولها حول فيروس كورونا واللقاح على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال إنّ الأمم المتحدة "تعمل كذلك على بناء الثقة باللقاح من خلال توفير ونشر محتوى واقعي وموثوق ومقنع بعدد من الطرق من بينها منصات التواصل الاجتماعي".
ولفت الانتباه إلى أنّ الدول المتقدمة يمكنها تقديم حزمات إغاثة هائلة لمجتمعاتها، محذراً من أنّ "الدول النامية على حافة الانهيار الاقتصادي وتشهد تصاعد الفقر والجوع ومعاناة لا توصف".