- في العالم العربي، قررت البنوك المركزية، مثل مصرف قطر المركزي ومصرف الإمارات المركزي، تثبيت أسعار الفائدة دعماً للنمو الاقتصادي والاستقرار المالي، مع التأكيد على متابعة الأوضاع الاقتصادية لاتخاذ قرارات مستقبلية.
- تباينت السياسات النقدية في أوروبا وجنوب شرق آسيا، حيث ثبت بنك إنكلترا والبنك النرويجي الفائدة، بينما خفض البنك الوطني السويسري الفائدة ورفعت تركيا وتايوان الفائدة لمواجهة التضخم، مما يعكس تنوع الاستجابات النقدية استناداً للظروف المحلية.
بعد إعلان مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن قراره الخاص بتثبيت أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي، تباينت ردود الأفعال من البنوك المركزية حول العالم، حيث احتذى به البعض وثبت الفائدة على عملته المحلية كما حدث في بريطانيا والنرويج، بينما اتخذت بنوك مركزية أخرى خطوات أكثر إيجابية، تراوحت ما بين الرفع كما في تركيا وتايوان والخفض كما في سويسرا، وفقاً لحالة الاقتصاد في كل منها.
لا تغيير في أسعار الفائدة عربياً
سارت البنوك المركزية العربية على خطا البنك الفدرالي الأميركي حيث ثبتت أسعار الفائدة على عملاتها الرئيسية، ومعروف أن معظم تلك العملات مربوط الدولار.
في منطقة الخليج، قرر مصرف قطر المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية للإيداع والإقراض وإعادة الشراء، وذلك بعد تقييم السياسات النقدية الحالية لدولة قطر.
وأوضح المصرف، في بيان له، اليوم الخميس، أنّ القرار يهدف إلى أن تكون أسعار الفائدة الحالية عند مستويات مناسبة لدعم النمو الاقتصادي، مؤكداً أنه سوف يستمر في تقييم الأوضاع الاقتصادية والأخذ في الاعتبار جميع الجوانب التي قد تؤثر على الاستقرار المالي، كما سيقوم بمراجعة سياسته النقدية عند الاقتضاء لمعالجة أي تغيرات في المتطلبات الاقتصادية.
وأبقى المصرف القطري سعر الفائدة للإيداع (QCBDR) عند 5.75% وسعر فائدة الإقراض من المصرف (QCBLR) عند 6.25%، كما أبقى سعر إعادة الشراء (QCB Repo Rate) عند 6%.
وكان مصرف الإمارات المركزي قد أعلن، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في أعقاب قرار اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بأميركا (FOMC) بتثبيت أسعار الفائدة.
ولم تصدر بيانات عن باقي البنوك المركزية في السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان، وهو ما يوحي بتثبيت سعر الفائدة.
وفي الأردن، قرّرت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، في اجتماعها الثاني لهذا العام، اليوم الخميس، إبقاء أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية عند مستواها الحالي بدون تغيير.
وأكد بيان للبنك ارتفاع الودائع لدى البنوك في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2024 بنحو مليارَي دينار، وبنمو نسبته 4.6% على أساس سنوي، لتبلغ 44 مليار دينار. (الدينار= 1,4 دولار)
كما ارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة بالدينار من قبل البنوك بنحو 727.4 مليون دينار، وبنمو نسبته 2.5% على أساس سنوي، فيما تؤكد أحدث مؤشرات المتانة المالية، كما هي في نهاية عام 2023، تمتع الجهاز المصرفي الأردني بالقوة والمنعة.
ووفقاً للبيان، أسهمت السياسات الاقتصادية المتوازنة التي طبقتها الحكومة والبنك المركزي في احتواء الضغوط التضخمية بالمملكة، حيث سجل معدل التضخم 2.1% خلال عام 2023، نزولاً من 4.2% في عام 2022، كما واصل معدل التضخم انخفاضه خلال الشهرين الأولين من العام الحالي إلى 1.8%. وتشير توقعات البنك المركزي الأردني إلى تحقيق الاقتصاد الوطني معدل نمو اقتصادي حقيقي لا يقل عن 2.6% لعام 2023، مرتفعاً بـنسبة 0.2 نقطة مئوية عن مستواه المسجل في العام الماضي.
وقال البنك المركزي إنّ البيانات الأولية تشير إلى انخفاض ملموس في عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى نحو 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقابل 7.8% في عام 2022. ويأتي ذلك في ضوء انحسار العجز في الميزان التجاري بنسبة 11%، وارتفاع فائض حساب الخدمات بنسبة 62.8% مدفوعاً بزيادة الدخل السياحي بنسبة 27.4% في عام 2023.
وكان البنك المركزي المغربي أيضاً قد قرر، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 3%، متوقعاً تراجع التضخم خلال العام الجاري.
وعقب اجتماع لمجلس إدارته، قال البنك في بيان إنّ "المستوى الحالي لسعر الفائدة والمحدد بـ3%، لا يزال ملائما لتعزيز وتثبيت توقعات التضخم ودعم عودة التضخم إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار".
وتوقع استمرار تباطؤ معدل التضخم خلال 2024 ليصل إلى 2.2%، قبل أن يتسارع إلى 2.4% في 2025، بحسب البيان.
وفي مصر، ألغى البنك المركزي المصري اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر عقده 28 مارس/ آذار الجاري، مكتفياً بالاجتماع الاستثنائي للجنة السياسة النقدية الذي عقده في 6 مارس 2024، وقرر خلاله رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس (6%) لتصل إلى مستوى 27.25%.
تثبيت وخفض ورفع في أوروبا
وفي العاصمة البريطانية لندن، قرر بنك إنكلترا (المركزي) ترك سعر الفائدة دون تغيير عند 5.25%، اليوم الخميس، كما كان متوقعًا على نطاق واسع.
وصوّت أعضاء لجنة السياسة النقدية بأغلبية 8-1 لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، بينما صوّت عضو لجنة السياسة النقدية لصالح خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
وجاء في بيان البنك أنّ "السياسة النقدية قد تحتفظ بطبيعتها التقييدية على الرغم من تخفيض سعر الفائدة في البنك. لكن لا تزال المؤشرات الهامة لاستمرار التضخم مرتفعة، في حين أن موقف السياسة التقييدية الحالي يضغط على الاقتصاد، ويخفف من حدة سوق العمل، ويقمع الضغوط التضخمية".
بالإضافة إلى ذلك، أكد المحافظ أندرو بيلي أنهم في البنك المركزي لم يصلوا إلى المرحلة التي يمكنهم فيها خفض أسعار الفائدة، لكنه أقر بأنّ الظروف تسير في اتجاه مناسب.
وأبقى البنك النرويجي (المركزي) سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 4.50%، الخميس، كتوقعات الأسواق، وأكد من جديد أن كلفة الاقتراض قد تبدأ في الانخفاض في الخريف.
وقال البنك المركزي في بيان: "تشير التوقعات الحالية إلى أن سعر الفائدة سيظل عند 4.5% حتى الخريف، قبل أن يتجه نحو الانخفاض تدريجياً".
وفاجأ البنك الوطني السويسري الأسواق بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، مستبقاً أقرانه في الاقتصادات الكبرى، في محاولة من صناع السياسة لمنع الفرنك من تحقيق مكاسب.
وخفض المسؤولون في زيوريخ سعر الفائدة القياسي إلى 1.5%، وهو أول تخفيض من نوعه لواحدة من العملات العشرة الأكثر تداولًا في العالم منذ انحسار الوباء. وبينما كان بعض المستثمرين يراهنون على مثل هذا التخفيض، توقع معظم الاقتصاديين أن يظل السعر دون تغيير حتى يونيو/ حزيران على الأقل.
وهوى الفرنك بعد القرار، لينخفض 1% مقابل اليورو إلى أضعف مستوى له منذ يوليو/ تموز 2023. وانخفض 1.2% مقابل الدولار إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر.
وقال رئيس البنك توماس جوردان، اليوم الخميس، إنّ "تخفيف سياستنا النقدية أصبح ممكنا لأن مكافحة التضخم في فترة العامين ونصف الأخيرة كانت فعالة". وكشف البنك الوطني السويسري عن توقعات أقل لارتفاع أسعار المستهلكين، بما لا يتجاوز 1.5% حتى عام 2026.
وتنذر خطوة البنك المركزي السويسري بتيسير محتمل في وقت لاحق من هذا العام من قبل البنك الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي. ويمكن لتخفيض الفائدة في الاقتصادات الكبرى الأخرى أن يزيل الضغوط الصعودية عن الفرنك، ويقلل حاجة المسؤولين إلى اللجوء إلى تدخلات قد تؤدي إلى تضخم ميزانيتهم العمومية الضخمة.
ورغم إشارته في وقت سابق إلى انتهاء دورة رفع الفائدة، رفع البنك المركزي التركي، اليوم الخميس، سعر الفائدة الرئيسي، وسعر إعادة الشراء لمدة أسبوع، من 45% إلى 50%، مشيراً إلى الحاجة المستمرة لمواجهة التضخم المتصاعد في البلاد.
وقالت لجنة السياسة النقدية بالبنك في بيان بعد القرار: "في فبراير/ شباط، وبتأثير من ارتفاع أسعار الخدمات، كان الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري أعلى من المتوقع". وأشار البنك إلى أن واردات السلع الاستهلاكية والذهب تباطأت، مما أدى إلى تحسن رصيد الحساب الجاري في تركيا، وظل الطلب المحلي "مرناً".
وقال البيان "إن استمرار ارتفاع أسعار الخدمات، وتوقعات التضخم، والمخاطر الجيوسياسية، وأسعار المواد الغذائية، تبقي ضغوط التضخم حية. تراقب لجنة السياسة النقدية عن كثب مدى توافق توقعات التضخم وسلوك التسعير مع التوقعات، وتأثير زيادات الأجور على التضخم".
ارتفع التضخم السنوي لأسعار المستهلك التركي إلى 67% في فبراير، مما أثار المخاوف من أن البنك المركزي التركي، الذي أشار قبل شهر من ذلك إلى أن دورة رفع أسعار الفائدة المؤلمة التي استمرت ثمانية أشهر قد انتهت، قد يضطر إلى العودة إلى تشديد السياسة النقدية. وأوضحت لجنة السياسة النقدية أنها لن تخجل من المزيد من الارتفاعات، إذا كانت هناك حاجة إليها للحفاظ على أهداف التضخم على المسار الصحيح.
وأضافت أنه "سيتم الحفاظ على الموقف النقدي المتشدد حتى يتم ملاحظة انخفاض كبير ومستدام في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع. وسيتم تشديد موقف السياسة النقدية في حالة توقع تدهور كبير ومستمر في التضخم".
جنوب شرق آسيا
بدوره فاجأ البنك المركزي التايواني الأسواق برفع أسعار الفائدة الرئيسية يوم الخميس لحماية الأسواق من مخاطر التضخم، مبتعدًا عن العديد من نظرائه الإقليميين الذين يواصلون الإبقاء على السياسات النقدية.
وقال البنك المركزي لجمهورية الصين (تايوان) إنه يتوقع تراجع التضخم تدريجيًا خلال العام، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن رفع أسعار الفائدة سيساعد في الحفاظ على استقرار الأسعار في مواجهة الرياح المعاكسة المحتملة. وتوقع البنك أيضًا أن ينتعش النمو الاقتصادي هذا العام، ما قد يدعم حجته لرفع أسعار الفائدة.
ورفع البنك سعر الخصم القياسي بمقدار 12.5 نقطة أساس إلى 2%، متحدياً بذلك توقعات المحللين الذين انتظروا تثبيتاً. ورفع البنك سعر الفائدة على القروض المضمونة إلى 2.375%، وسعر الفائدة على القروض غير المضمونة إلى 4.250%.
ويجعل القرار البنك التايواني أول محرك لرفع الفائدة في منطقة جنوب شرق آسيا، بعد سلسلة من الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة قامت بها في أعقاب تداعيات الوباء.
واختار البنك المركزي الإندونيسي في وقت سابق من هذا الأسبوع عدم تغيير موقفه، كما فعلت ماليزيا والفيليبين وتايلاند في اجتماعاتهم الأخيرة. وأبقت تايوان أسعار الفائدة ثابتة منذ يونيو من العام الماضي.