تلقّى الاقتصاد السوري صفعة مع تدني حجم التعاملات في بورصة دمشق، التي تعكس، برأي مراقبين، الواقع الحقيقي للاقتصاد، على عكس الترويج الذي يسوّقه نظام بشار الأسد بأن الاقتصاد السوري بخير. ويعتبر المراقبون أن نتائج بورصة دمشق تعتبر "الدليل الأبلغ"، إضافة إلى تذبذب سعر صرف الليرة وتهاويه إلى 3550 ليرة مقابل الدولار، لمعرفة البيئة الاستثمارية ومدى حركة السوق ونشاطه والقدرة الشرائية للسوريين.
وبحسب التقرير الأسبوعي لسوق دمشق للأوراق المالية، اليوم السبت، فقد تراجعت التعاملات الأسبوعية للسوق إلى "أدنى مستوياتها منذ نحو أكثر من ثلاثة أشهر لتبلغ قيمة التداول نحو 179 مليون ليرة، بحجم التداول 194.695 سهماً، من خلال 234 صفقة عادية، بينما لم تشهد التداولات أي صفقة ضخمة".
وبيّن التقرير أن الأسهم الأكثر ربحاً خلال الأسبوع الفائت، تصدّرها سهم الأهلية للنقل، ثم سهم بنك الشرق، وحلّ أخيراً سهم بنك الشام، فيما مُنيت أسهم السورية الكويتية للتأمين وبنك سورية والمهجر والدولي للتجارة والتمويل وبنك قطر الوطني سورية، بالخسائر.
ويقول المحلل المالي السوري، نوار طالب، لـ"العربي الجديد"، إن أرقام بورصة دمشق "بائسة"، سواء على صعيد حجم التداول أو القيمة، فأن لا تزيد القيمة على 51 ألف دولار عبر خمس جلسات أسبوعية، فذلك مؤشر كافٍ على واقع الشركات والسوق السورية وحتى ثقة المتعاملين بالسوق والمساهمين والعملة الوطنية.
ويبيّن المحلل السوري أنه حسب تقرير السوق، لم تشهد بورصة دمشق خلال أسبوع أية صفقة ضخمة، لأن أسهم بورصة دمشق معظمها مقيدة ولا تزيد نسبة الأسهم الحرة التي يتداولها صغار المستثمرين على 5% من الأسهم "هذا طبعاً إن جاز لنا وصف السوق بالبورصة، فهي لم تصل إلى مستوى السوق المالية منذ انطلاقتها عام 2009".
ويشرح أن عدد الشركات المدرجة لا تزيد على 26 شركة، منها "14 مصرفاً، وأربع شركات تأمين، وشركة نقل واحدة وأخرى للتسويق وثالثة للزراعة"، معتبراً أن الذي رفع القيمة السوقية للبورصة بنسبة 59%، دخول شركتي الخليوي "سيرتيل، 94" قبل عامين.
ويرى طالب أن بورصة دمشق التي بدأت قبل الثورة السورية بعامين لم تجذب خلال السنوات العشر الماضية شركات إنتاجية أو تستقطب شركات خارجية، بل الشركات المدرجة حتى اليوم هي مالية وخدمية، وهي لا تعكس وضعية السوق والاقتصاد بأي شكل.
وحول أسباب تراجع حجم التداول وقيمته، يضيف المحلل السوري أن "عدم ثقة مالكي الأسهم المقيّدة البالغة 95% من حجم الأسهم، بالاقتصاد، وهم غالباً من أصحاب الشركات والمقربين من النظام السوري، كذلك فإن استمرار تراجع سعر الصرف، يمنع أي مضارب من المجازفة، ربما لأن السوريين مشغولون بلقمة عيشهم وترقبهم لأي حل يبدل واقعهم البائس".
ويعيد تراجع الثقة ببورصة دمشق الذاكرة إلى أدنى مستوى هبوط سجلته في 20/9/2016، وقت لم تزد الصفقات العادية على 14 صفقة والقيمة الإجمالية للتداول 1.841 مليون ليرة، ما أعاد طرح سؤال جدوى استمرار السوق، وعدم توقفها أو تعليق التداول.
وتكشف مصادر خاصة من دمشق لـ"العربي الجديد" أن رابطة شركات الوساطة المالية اقترحت على المدير التنفيذي للبورصة، تعليق العمل "على الأقل بهذه الظروف"، لكن رد المدير، عبد الرزاق قاسم، أكد أن قرار استمرار السوق "سياسي ومن فوق" حتى لو لم يُتداوَل أي سهم.
ويذكر أن سوق تداول الأسهم في سورية توقف خلال التأميم في أثناء الوحدة بين سورية ومصر عام 1958، ولم يعد إلا عام 2009، بعد أن سمحت سورية عام 2006 بإنشاء مصارف وشركات تأمين خاصة، لتعود بورصة دمشق عبر 12 شركة بقيمة إجمالية للشركات المدرجة نحو 61.1 مليار ليرة، وارتفعت القيمة السوقية للشركات عام 2010 إلى 144.3 مليار ليرة، لكنها تراجعت عام 2011 إلى 82.7 مليار ليرة.