لبنان: اعتصام مودعين رفضاً لخطة صندوق النقد "المقنّعة" بشطب أموالهم

31 مايو 2024
احتجاجات المودعين في بيروت، 17 أغسطس 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جمعية صرخة المودعين في لبنان نظمت وقفة احتجاجية ضد خطة صندوق النقد الدولي التي تقترح شطب جزء من أموال المودعين لمعالجة الخسائر المالية الكبيرة في مصرف لبنان.
- المحتجون يطالبون بإعادة ودائعهم كاملة، معبرين عن قلقهم من تأثير الأزمة الاقتصادية وتضخم الأسعار على قدرتهم الشرائية ورفضهم للشروط القاسية لصندوق النقد.
- صندوق النقد يؤكد على ضرورة معالجة خسائر البنوك مع حماية صغار المودعين، مشيرًا إلى التقدم في الإصلاحات النقدية والمالية لكن دون الوصول إلى مستوى يسمح بالتعافي الاقتصادي.

نظّمت جمعية صرخة المودعين في لبنان يوم الخميس وقفة احتجاجية أمام مكتب بعثة صندوق النقد الدولي لرفع الصوت عالياً اعتراضاً على خطّة "مقنّعة" لشطب أموال المودعين، مطالبين بردِّ الودائع كاملةً لأصحابها بأسرعٍ وقتٍ، في ظلّ دولرة السوق، وتضخّم الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية عند المواطنين، المُحتجَز جنى عمرهم وحقوقهم ومدخراتهم، منذ عام 2019 في المصارف اللبنانية.

وانتقل المودعون إلى منطقة الأشرفية في بيروت حيث نظموا وقفة احتجاجية أمام منزل المستشار الاقتصادي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الوزير السابق نقولا نحاس، قبل التوجّه إلى بنك "سرادار" حيث أكدوا أن الجمعية "ستكون الكابوس المميت لكلّ من يتجرّأ على شطب أموال المودعين".

واعترض المحتجّون على خطة شطب الودائع، مطالبين بحلول أخرى وتدابير عادلة ومنصفة، بدل "السير بإجراءات تربط بالنهوض الاقتصادي بينما تؤدي إلى تعويم المصارف لتسير العجلة الاقتصادية مجدداً على جثث المودعين".

وفي الإطار، قال مصدرٌ في جمعية صرخة المودعين لـ"العربي الجديد" إنّ "صندوق النقد الدولي يضع شرطاً اساسياً على الحكومة اللبنانية حتى تستفيد من قرضه، يتمثل بشطب الخسائر أو الفجوة المالية في مصرف لبنان والمقدَّرة بأكثر من 60 مليار دولار، وهي ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، وبالتالي أموال المودعين، ما يعني أيضاً شطب التزامات البنوك".

ويلفت المصدر إلى أنّ "صندوق النقد يرى استحالة في ردّ الودائع كاملة وعدم قدرة للبنان على إعادة قرضه وهو ما يعرّض أموال الدول الأعضاء المساهمة في الصندوق أيضاً للخطر، من هنا يسعى إلى تخفيض الدين، ويحاول تمرير خطة تقوم على حماية الحدّ الأقصى من الودائع، عبر إعادة مبالغ تحت الـ100 ألف دولار، وتحويل ما يتبقّى إلى صندوق يسمّى صندوق استرداد الودائع، الذي لا قيمة له، وسيكون وهمياً وبمثابة شطب مقنّع للودائع".

ويشير المصدر إلى أنّ "الجمعية سلّمت صندوق النقد رسالة دانت فيها "بشكلٍ قاطعٍ السياسة المقترحة التي تتضمن خفضاً للودائع المصرفية في لبنان تحت غطاء الاستدامة المالية، معتبرةً أنّ هذا المقترح اللامسؤول لا يهدّد بدفع الشعب اللبناني للمزيد من اليأس الاقتصادي فحسب، وهو ما لن يمرّ من دون تحدِّ، بل يزيد أيضاً من معاناة المواطنين اللبنانيين العاديين ويضرّ بالثقة في النظام المالي للبلاد".

وقالت الجمعية في رسالتها إنّ "خفض الودائع سيُدمّر أي ثقة متبقية في النظام المالي والاقتصادي في لبنان، وسيدمّر المودعين من الطبقة المتوسطة والفقيرة، الذين يشكلون عمود الاقتصاد اللبناني، وقد يجد الأثرياء والمتصلون سبلًا لتجاوز هذه التدابير، مما يترك المواطنين العاديين ليتحملوا عبء تأثير السياسة".

واعتبرت أنّه "من المستفز أن يُقترح أن يتحمّل المواطنون العاديون عبء الأزمة بينما يتهرّب الأثرياء والمتصلون من العقوبة"، محذرة من أنّ الشعب اللبناني لن يبقى صامتاً بينما يتم الاستيلاء على مدخراته، وسيصار إلى تنظيم احتجاجات واللجوء إلى جميع الوسائل القانونية والسياسية المتاحة لمواجهة هذه الخطة.

كذلك، يقول المصدر إنّ "هناك انقساماً في المصارف حول الخطة، فالجزء الأكبر يقول إن أموالها في البنك المركزي والتي تصل تقريباً إلى 80 مليار دولار، وعليه أن يردّها لها وهي بدورها تقوم بحلّ مع المودعين، في حين هناك 5 مصارف تقول إنها لا تستطيع سوى رد 100 ألف دولار وبالتقسيط، على أن تشطب القيمة المتبقية من ميزانيتها وتحوّل إلى صندوق لا نعرف ما هو أو مصير الأموال المودعة فيه، وهو ما لا يمكن للمودعين أن يقبلوا به".

واختتم وفد صندوق النقد الدولي، برئاسة إرنستو راميريز ريغو، الأسبوع الماضي زيارته إلى لبنان التي استمرّت من 20 إلى 23 مايو/أيار الجاري، حيث ناقش "التطورات الاقتصادية الأخيرة والتقدم المحرز في الإصلاحات الرئيسية".

وقال في بيان: "لا تزال الأزمة الاقتصادية غير المعالجة تلقي بثقلها على سكان لبنان، حيث وصلت البطالة والفقر إلى مستويات مرتفعة بشكل استثنائي، وقد تعطل تقديم الخدمات العامة الحيوية بشدة. وفي الوقت نفسه، لا يزال لبنان يعاني من استضافة أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان في العالم، وسط موارد محدودة".

وأشار إلى أنه "تم إحراز بعض التقدّم في الإصلاحات النقدية والمالية، وقد ساعدت تدابير السياسة التي اتخذتها وزارة المالية ومصرف لبنان، بما في ذلك الإلغاء التدريجي للتمويل النقدي للموازنة، وإلغاء منصة صيرفة والسياسة المالية المتشددة، والخطوات نحو توحيد أسعار الصرف، على احتواء تدهور سعر الصرف، واستقرار العرض النقدي وبدأت في الحد من الضغوط التضخمية.

وبالإضافة إلى ذلك، أدت التدابير التي اتخذتها وزارة المالية إلى تحسين تعبئة الإيرادات من ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية، من خلال تعديل سعر الدولار الجمركي حسب سعر الصرف في السوق، إلى تقريب العجز المالي المتوقع لعام 2023 من الصفر.كما أتاحت الجهود المشتركة التي بذلها مصرف لبنان ووزارة المالية إلى تراكم بعض الاحتياطيات الأجنبية".

وأردف: "ومع ذلك، فإن هذه التدابير السياسية لا ترقى إلى ما هو مطلوب لتمكين التعافي من الأزمة، حيث لا تزال ودائع البنوك مجمدة، والقطاع المصرفي غير قادر على توفير الائتمان للاقتصاد، ولم تتمكن الحكومة والبرلمان من إيجاد حل للأزمة المصرفية". وأشار إلى أن "معالجة خسائر البنوك مع حماية صغار المودعين إلى أقصى حد ممكن والحد من اللجوء إلى الموارد العامة الشحيحة بطريقة موثوقة ومجدية مالياً أمر لا غنى عنه لوضع الركيزة للتعافي الاقتصادي". وقال: "بدون إحراز تقدم، سيستمر الاقتصاد النقدي والاقتصاد غير النظامي في النمو، مما يثير مخاوف تنظيمية ورقابية كبيرة".

المساهمون