بدأت أزمة البنزين في لبنان تشهد انفراجة بسيطة ومؤقتة، إذ باتت الزحمة خفيفة أمام محطات الوقود في اليومَيْن الماضيَيْن والتي قامت بدورها بتزويد المواطنين بكميات أكبر من المادة لتعبئة خزانات سياراتهم.
ويقول ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، لـ"العربي الجديد"، إنّ أزمة البنزين حلّت بنسبةٍ كبيرة في الوقت الراهن مع توافر الكميات المطلوبة لمحطات الوقود.
ويشدد أبو شقرا على أنّ الشركات المستوردة للنفط عادت لتوزع البنزين للمحطات، ما أدى إلى انفراج، لكن لا نعلم كم سيطول، باعتبار أنّ العملية كلها مرتبطة بقرارات وإجراءات مصرف لبنان المركزي، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار مرتبط بتحليق سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي يلامس العشرين ألف ليرة لبنانية.
وتواصل أسعار المحروقات في لبنان مسارها التصاعدي مسجلةً، أول من أمس، زيادة 1700 ليرة على صفيحة البنزين 95 أوكتان، 1600 ليرة على صفيحة البنزين 98 أوكتان، 1000 ليرة على المازوت، و5600 ليرة على الغاز.
وأصبحت الأسعار كالتالي، بنزين 95 أوكتان 73.3 ألف ليرة، بنزين 98 أوكتان 75.400 ألف ليرة، المازوت 56.5 ألفا، والغاز 51.5 ألفا.
في المقابل، أعلن ممثل موزعي المحروقات أنّ "المشكلة الأكبر تكمن حالياً في مادة المازوت، حيث إن هناك باخرتين تنتظران التفريغ ولم يصَر إلى إجراء هذه العملية بعد، وندعو المسؤولين والمعنيين إلى التحرك سريعاً وإلا فإن الأزمة ستتفاقم أكثر".
وينعكس النقص الحادّ بالمازوت سلباً على مختلف القطاعات والخدمات التي تعتمد على هذه المادة لتسيير أعمالها وأخطرها المستشفيات، التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المازوت بهدف تشغيل المولدات الكهربائية في ظل ارتفاع ساعات التقنين من جانب شركة كهرباء لبنان، وسبق أن بدأت خطة طوارئ للتقنين بقطع الكهرباء عن الأقسام الإدارية لتوفيرها لغرف المرضى والعمليات واللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
ويشهد لبنان تقنيناً قاسياً في الكهرباء تخطى العشرين ساعة في اليوم، ما دفع أصحاب المولدات الخاصة إلى اعتماد التقنين أيضاً لأكثر من خمس ساعات في اليوم حفاظاً على مخزونهم من المازوت، ولأنهم يرفضون أن يكونوا بديلاً عن الدولة، علماً أنهم لجأوا أيضاً إلى رفع التسعيرة بشكلٍ يفوق قدرة المواطنين على التحمّل وسط الأزمات المتراكمة والغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار وفقدان رواتبهم بالعملة الوطنية أكثر من 95 في المائة من قيمتها.
وتوقف العمل في معمل "زهرة" في صيدا لإنتاج الأوكسجين وتعبئته، أول من أمس، وهو المعمل الوحيد في الجنوب والثاني في لبنان الذي يمدّ المستشفيات والمؤسسات الصحية وأجهزة التنفس لمرضى كورونا بالأوكسجين، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد المازوت، وفق ما أعلنت الإدارة.
وقالت إدارة المعمل إنّ خزانات مولدات المعمل نفدت من المازوت، ولم تعد هناك أي قدرة لديها على الاستمرار في تشغيله من دون كهرباء ومازوت، علماً أن مخزون المعمل من الأوكسجين استنفد بالكامل خلال الأسبوعين الأخيرين بسبب أزمة الكهرباء والمولدات التي زادت الطلب عليه، وخصوصاً لدى القطاع الاستشفائي ومرضى كورونا الذين كانوا يتزودون به عبر آلات تعمل على الكهرباء واضطروا إلى الاستعاضة عنها بالتزود به يدوياً مباشرةً من قوارير الأوكسجين.
ولفتت إلى أن هذه الأزمة بدأت تنذر بكارثة صحية إذا لم يتم توفير الكهرباء أو المازوت للمولدات بهدف تشغيل المعمل.
وإثر ذلك، أعلنت شركة "كورال" للمحروقات أنها أمنت كمية من المازوت للمعمل وتم إفراغها، مساء أول من أمس، في خزاناته، ما ساعد على إعادة تشغيله واستئناف إنتاج الأوكسجين وضخّه إلى المدينة ومنطقتها ومستشفياتها وتأمينه للمرضى الذين يعتمدون عليه في التنفس. مع الإشارة إلى أن الكمية تكفي المعمل لثلاثة أيام فقط، أي حتى يوم الجمعة المقبل.
بالتوازي، تستمرّ عمليات التهريب التي تطاول بشكل خاص المحروقات والمواد الغذائية المدعومة، بحيث أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيانٍ، أول من أمس، عن توقيف ثلاثة مهربين لمادة البنزين بهدف بيعها في السوق السوداء.
وقالت إنه "بتاريخ 9/7/2021 وفي محلة الرميلة (محافظة جبل لبنان)، ونتيجة عمليات المراقبة، اشتبهت إحدى دوريات شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بصهريجٍ متوقف ليلاً داخل محطة محروقات وهي مطفأة الأنوار، ويتم تعبئته بمادة البنزين بواسطة خراطيم الماكينات التي يتم من خلالها بيع المواطنين".
وأضافت: "بناءً عليه، جرى توقيف سائق الصهريج وعامل المحطة، وهما لبناني وسوري الجنسية، وبالتحقيق معهما اعترفا بقيامهما بتعبئة الصهرين بمادة البنزين بغية بيعها في السوق السوداء وذلك بناءً على اتفاق بين صاحب الصهريج وصاحب المحطة".
وأشارت إلى أنه "تم ضبط الصهريج وكمية البنزين المعبأة داخله والمقدرة بحوالي 9 آلاف ليتر، كما ختمت محطة المحروقات بالشمع الأحمر وضبطت كمية من البنزين المخزنة داخلها التي تقدر بحوالي 15 ألف ليتر، إضافة إلى كمية من مادة المازوت".