ما أن أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، في ذكرى عاشوراء اليوم الخميس، أن ناقلة إيرانية محمّلة بالمازوت ستكون في طريقها إلى لبنان خلال ساعات، حتى تبلغت السلطات رسميا من السفيرة الأميركية دوروثي شيا قرار واشنطن مساعدة البلد في استجرار الكهرباء والغاز من مصر والأردن مرورا بسورية.
كلام نصر الله، الذي انطوى على تهديد واضح بالرد على أي تعرّض للسفينة الإيرانية بوصفها "أرضا لبنانية"، مسمّيا واشنطن والاحتلال الإسرائيلي، تلقى بعده بقليل رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالا من السفيرة شيا، أبلغته فيه أنه "تعقيبا على المداولات التي أجرتها معه خلال زيارتها الأخيرة إلى قصر بعبدا، تبلغت قرارا من الإدارة الأميركية بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سورية".
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة، أوضحت السفيرة أن ذلك سيتم "عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن، تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سورية".
كما أشارت إلى نية الإدارة الأميركية "تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسورية، وصولا إلى شمال لبنان".
ولفتت شيا إلى أن "الجانب الأميركي يبذل جهدا كبيرا لإنجاز هذه الإجراءات، وأن المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز".
وقد شكر عون للسفيرة "الجهد الذي تبذله لتحقيق هذه الخطوة، التي تصب في مصلحة جميع اللبنانيين الذين يمرون بأزمة اقتصادية ومعيشية حادة"، واعدا "ببذل الجهد المطلوب من لبنان لتحقيق هذا المشروع".
ويعني التعهد الأميركي عمليا موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات الدولية المفروضة على سورية بسبب النزاع القائم على أرضها منذ 2011، والتي تحظر القيام بأي تعاملات مالية أو تجارية معها، وفقا لتفسير "فرانس برس".
وأوضح مصدر مطلع على الملف للوكالة أن لبنان "يفاوض منذ أكثر من سنة مع المصريين لاستجرار الطاقة والغاز عبر الأردن وسورية"، مشيرا إلى أن "المفاوضات توقفت بسبب العقوبات الأميركية على سورية وقانون قيصر".
وأضاف أن لبنان سعى بعد ذلك إلى الحصول على "استثناء" من العقوبات نظرا للظروف الاقتصادية والإنسانية التي يمر بها ولوضع قطاع الكهرباء.
ويستورد الأردن الغاز المصري عبر خط الغاز العربي الممتد من جنوب العريش في شمال سيناء إلى الأراضي الأردنية. ويستخدمه الأردن لإنتاج الطاقة الكهربائية التي كان يزود بها سورية كذلك في الماضي.
وأوضح المصدر أن الخطة تقضي بأن يتم إمداد لبنان بجزء من هذه الطاقة عبر الأراضي السورية، وكذلك بجزء من الغاز المصري الذي يمكن استخدامه لتشغيل معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان تعمل على الغاز.
وعلى وقع انهيار اقتصادي مستمر منذ عامين صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.
وتراجعت نتيجة ذلك قدرة مؤسسة كهرباء لبنان، التي تعاني أصلا من مشاكل مزمنة، على توفير تغذية معقولة لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
كما يشهد البلد أزمة سياسية تحول دون توافق الأطراف المختلفة منذ سنة على تشكيل حكومة، يضغط المجتمع الدولي لتشكيلها لكي يكون في إمكانها إجراء إصلاحات أساسية في البلاد تمهد لتقديم مساعدات دولية.
ويثير ذلك غضبا شعبيا عارما انفجر قبل حوالى سنتين في الشارع، قبل أن تتراجع الاحتجاجات في حجمها من دون أن تتوقف الانتقادات ضد الطبقة السياسية المتهمة بالعجز والإهمال والفساد.
ولاحقا، رد رئيس "حزب الكتائب اللبنانية" سامي الجميّل على كلام نصر الله، محذرا من أن "النفط الإيراني يخرق القانون الدولي ويتسبب بحصار وعقوبات للبنان"، معربا عن أسفه لـ"غياب رئيس الجمهورية التام والوزراء والنواب".