تجري السلطات الجزائرية آخر الترتيبات للإعلان عن تشكيل لجنة وطنية لإصلاح الدعم الاجتماعي، يشرف عليها الرئيس عبد المجيد تبون بعد غد الأربعاء، تتولى مراجعة آلية الدعم الذي تقدمه الدولة للطبقات الفقيرة وإسناد المستوى المعيشي، والتمهيد لرفع الدعم عن أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، ضمن خطة إصلاح الموازنة والإنفاق العام للدولة.
وطلبت الرئاسة الجزائرية من الأحزاب والنقابات العمالية والمنظمات الوطنية تعيين ممثلين عنها لعضوية لجنة إصلاح الدعم الاجتماعي، والتي ستضم خبراء اقتصاديين وأعضاء من الوزارات وممثلين عن المنظمات المهنية من النقابات.
ويأتي تعيين اللجنة وفقاً لما نص عليه قانون الموازنة لعام 2022، والذي أقر وضع جهاز وطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة للحصول على الدعم، حيث ستحصل هذه العائلات على تحويلات نقدية مباشرة، بدلاً من دعم الأسعار المواد الاستهلاكية التي كان يستفيد منها الجميع، بما فيها الطبقات الميسورة مادياً.
وتعتزم الحكومة الجزائرية إجراء تعديل على نظام أسعار بعض المواد والمنتوجات المدعمة، كالخبز والزيت والحليب والسكر وغيرها، باتجاه رفع الدعم عنها وتحريرها وفقاً لضوابط جديدة.
لكن ذلك لن يتم قبل وضع الحكومة آلية واضحة تتيح تحديد طبيعة الفئات الاجتماعية والأسر التي يستهدفها الدعم النقدي المباشر، والشروط الموضوعية لاستفادتها وكيفيات ذلك، ووضع لائحة بالمواد الاستهلاكية المعنية برفع دعم الدولة لأسعارها، وتشكيل جهاز يتولى تقديم الدعم النقدي المباشر للعائلات المعوزة، على أن يقر البرلمان هذه التدابير جميعها.
وكان تبون قد أعلن في 24 إبريل/نيسان الماضي، نيته إنشاء لجنة وطنية بالتنسيق مع النقابات والبرلمان والأحزاب السياسية، تتولى وضع مراجعة آلية الدعم الموجه للفئات الاجتماعية المعوزة، للانتقال من نظام دعم معمم إلى نظام دعم موجه إلى العائلات المعوزة والفقيرة، وفقاً لضوابط محددة.
وقال تبون، في حوار تلفزيوني، إنه حان الوقت لتوجيه الدعم الاجتماعي حصراً، للفئات المعوزة، وأن "مبدأ الدولة الاجتماعية بالنسبة للجزائر أمر ثابت منذ البيان التاريخي لثورة التحرير، لكن الجزائر تطورت وهناك فئات أصبح لديها مداخيل كبيرة ولا تحتاج إلى الدعم في الأسعار، لذلك نحن نعمل على إعادة ضبط لتوجيه الدعم إلى مستحقيه"، مشيرا إلى أن ذلك بدخل في إطار "تطبيق التعهدات الـ54 التي كنت تعهدت بها خلال الحملة الانتخابية".
واضطرت السلطة السياسية في الجزائر إلى إشراك أكبر قدر من الأحزاب والنقابات العمالية والمنظمات في خطة إصلاح آلية الدعم الاجتماعي والأسعار ومراجعة الإنفاق والموازنة العامة، للحصول على إسناد سياسي ونقابي إزاء هذه الخطة التي ستفرز تداعيات اجتماعية ومحاذير من إمكانية حدوث قلق اجتماعي وتوترات عمالية في حال تطبيقها، خاصة في المرحلة الأولى.
وشهدت الجزائر انهياراً لافتاً لمستوى القدرة الشرائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة مع ارتفاع كبير للأسعار، وهو ما دفع ائتلافاً نقابياً يضم أكثر من 24 نقابة عمالية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والخدمات إلى تنفيذ إضراب عام يومي 25 و26 إبريل/نيسان الماضي والتهديد بتصعيد الموقف للمطالبة برفع الأجور.