كشفت مصادر مسؤولة من مصرف ليبيا المركزي لـ"العربي الجديد" أنّ البنك يدرس تخفيض سعر صرف الدولار الأميركي وفق ثلاثة أسعار وضعتها اللجان الفنية، منها تخفيض السعر بمقدار 0.25 دينار إلى 4.23 دنانير للدولار، والسعر الثاني 4 دنانير، والثالث 3.9 دنانير.
وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أنّ هناك اجتماعاً مرتقباً لمصرف ليبيا المركزي لمناقشة مقترحات سعر الصرف الجديد بناء على التطورات الاقتصادية الأخيرة.
ووفق مراقبين، فإنّ هذه الخطوة جيدة لسوق الصرف الأجنبي إذ تعني تحسناً في قيمة العملة الليبية الدينار، في ظلّ الاستقرار الأمني والسياسي وزيادة إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.
وبلغت الإيرادات النفطية 5.94 مليارات دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، وفق بيانات المؤسسة الوطنية للنفط ومقرها العاصمة طرابلس.
وانخفض سعر العملة الأميركية في السوق الموازي مؤخراً، إلى 4.8 دنانير للدولار، مقارنة بـ4.48 السعر الرسمي.
وأكد عاشور بلقاسم، وهو أحد المتعاملين في سوق الظهرة "الموازي" لـ"العربي الجديد" أنّ الانخفاض مؤشر جيد لسوق العملات.
وتفاءل المحلل الاقتصادي، أبو بكر الهادي، باجتماعات اللجان الفنية ونية تخفيض سعر الصرف الحالي المبالغ فيه، متوقعاً انخفاض سعر الدولار إلى 4.25 دنانير، وهو سعر مناسب في ظلّ تخفيض حجم الموازنة العامة. وقال الهادي لـ"العربي الجديد" إنّ هناك فائضاً كبيراً في ظلّ مستويات إنتاج النفط الحالية ومستويات أسعاره المتجهة للتصاعد نتيجة ازدياد الطلب العالمي على النفط بسبب التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي من تأثيرات جائحة كورونا، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات النفطية. وأشار إلى أنّ انخفاض سعر الدولار يسهم في رفع القوة الشرائية للدينار.
لكنّ المحلل الاقتصادي، نور الحبارات، أكد لـ"العربي الجديد" صعوبة اتخاد المركزي قرارا بتخفيض سعر الدولار في ظلّ تنامي حجم الطلب على النقد الأجنبي ومحدودية إيرادات النفط قياساً بحجم الإنفاق العام المقدر بميزانية العام الحالي. وأوضح أنّه منذ مطلع العام الحالي حتى نهاية مايو/ أيار الماضي، وفقاً لبيانات رسمية عن المصرف المركزي، بلغت قيمة الواردات 8.2 مليارات دولار، أي تفوق قيمة المبيعات النفطية، ما يعني أنّنا نتحدث عن عجز متوقع في ميزان المدفوعات، مما سيؤدي إلى مزيد من التراجع في حجم الاحتياطي الأجنبي. ورأى أنّ هناك تخبطاً في التعامل مع سعر الصرف والأدوات المالية للحكومة.
ومطلع العام الحالي، عدّل مصرف ليبيا المركزي سعر الصرف من 1.4 دينار إلى 4.48 دنانير مقابل الدولار بانخفاض بنسبة 70%. ويعتمد الاقتصاد الليبي بصورة رئيسية على عائدات النفط في الدخل القومي، إذ يمثل نحو 95% من إيرادات الدولة، بحسب بيانات رسمية.
ودخلت ليبيا دوامة العجز المالي، خلال السنوات الماضية، في ظلّ فوضى الصراع المسلح، وتراجع إيرادات النفط، وتدهور جميع المؤشرات الاقتصادية، ما عرّض العملة لضغوط مكثفة مع تدهور الأوضاع الأمنية، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي وتراكم الدين العام المحلي والإقفالات غير القانونية للحقول والموانئ النفطية على مدار عشر سنوات، الأمر الذي أضر كثيراً بالوضع المالي للبلاد واقتصادها الذي يئن بالفعل من تضخم فواتير أجور العاملين بالدولة والدعم الحكومي.
وتحتاج ليبيا أيضاً إلى العملة الصعبة لسداد فاتورة الواردات السنوية البالغة نحو 20 مليار دولار. وحتى المنتجات الأساسية مثل الحليب والمياه المعدنية والخضروات يجري استيرادها من أوروبا وتونس وتركيا في ظل ضآلة الإنتاج الغذائي المحلي، بحسب تقارير رسمية.
وتوقع صندوق النقد العربي أن يحقق الاقتصاد الليبي نمواً حقيقياً خلال العامين 2021 و2022، في ضوء التوقعات بالتغلب على عدد من التحديات السياسية والاقتصادية، وتبنّي إصلاحات داعمة لتوحيد سعر الصرف، إضافة إلى عودة الإنتاج النفطي، وإمكانية زيادته إلى مستوى 1.4 مليون برميل يومياً خلال العام 2022.