ماليزيا تخطط للانضمام إلى تكتل "بريكس"

18 يونيو 2024
أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا - طوكيو 24 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم يعلن انضمام ماليزيا لكتلة "بريكس" الاقتصادية، مما يعكس تعميق العلاقات بين الصين وماليزيا ويشير إلى توسع الكتلة التي تضم كبرى دول منتجة ومستهلكة للطاقة.
- "بريكس" تستعد لضم دول جديدة مثل السعودية وإيران، معززة نفوذها العالمي ومؤشرة على تحول في موازين القوى الاقتصادية العالمية، في ظل سعي الصين لتعزيز علاقاتها مع دول أصغر.
- الانضمام لـ"بريكس" يعزز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد الرقمي، ويعكس جهود تأسيس بدائل للمؤسسات الغربية، مما يشير إلى تحول محتمل في النظام الاقتصادي العالمي.

قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إن الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا ستنضم إلى كتلة "بريكس" الاقتصادية، لتصبح أحدث دولة تشارك في مجموعة موسعة تتحدى النظام الاقتصادي والمالي العالمي الذي يهيمن عليه الغرب، وفقاً لما ذكرته "بلومبيرغ".

وقال أنور في مقابلة مع قناة جوانشا الإخبارية الصينية، بُثَّت قبل زيارة مقررة لرئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ لماليزيا: "لقد أشرنا إلى أننا ننضم. لقد اتخذنا قراراً. سنضع الإجراءات الرسمية قريباً". وتضاعف حجم مجموعة بريكس المكونة من دول الأسواق الناشئة، وتكون اسمها من الأحرف الأولى لأسماء الدول الأعضاء الأوائل، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، في بداية عام 2024. وتجمع الكتلة بين بعض أكبر منتجي الطاقة في العالم مع بعض أكبر المستهلكين بين الدول النامية، ما قد يعزز النفوذ الاقتصادي للمجموعة في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وقبلت المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا ومصر الدعوات إلى الانضمام ابتداءً من الأول من يناير/ كانون الثاني. ودُعيت الأرجنتين أيضًا، لكن الرئيس خافيير مايلي، الذي تولى منصبه في 10 ديسمبر/ كانون الأول، قرر عدم الانضمام. وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الشهر الماضي إن بلاده تتوقع الانضمام إلى مجموعة بريكس خلال قمتها في أكتوبر/ تشرين الأول.

وتأتي تعليقات أنور في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتعميق العلاقات مع الدول الأصغر مثل ماليزيا التي أكدت حيادها في المنافسة الأميركية الصينية المتزايدة الشدة. وسيشهد لي وأنور التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء وتصدير السلع المتعلقة بالزراعة إلى الصين، وفقاً لوزارة الخارجية الماليزية.

وابتكر مصطلح "بريك" في 2001 من قبل الاقتصادي جيم أونيل، الذي كان يعمل آنذاك لدى "غولدمان ساكس"، للإشارة إلى معدلات النمو الاقتصادي القوية في البرازيل وروسيا والهند والصين، ليكون سيناريو متفائلاً للمستثمرين وسط تشاؤم السوق في أعقاب الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام. وعقدت المجموعة أول قمة لقادتها في 2009، ودُعيت جنوب أفريقيا إلى الانضمام بعد عام، وأضافت قارة أخرى وحرف "S".

وقبل نهاية العام الماضي أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن نحو 30 دولة ترغب في إقامة علاقات مع الكتلة. وبالإضافة إلى الدول التي أعلنت قبولها الدعوة إلى الانضمام، أعربت أكثر من دولة أخرى عن رغبتها في الالتحاق بخطط التكتل، الذي ينظر إليه الآن باعتباره أحد أهم التحديات للنظام الرأسمالي العالمي الحالي. وقال وزير الخارجية النيجيري يوسف توجار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إن نيجيريا، أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، ستسعى لأن تصبح عضواً في مجموعة بريكس خلال العامين المقبلين.

وباستثناء الهند، كان أداء مجموعة "بريكس" أقل من نظيراتها في الأسواق الناشئة على مدى السنوات الخمس الماضية، وفق "بلومبيرغ إنتليجنس"، حيث سبّبت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول التابعة لهما إبعاد روسيا عن رادار العديد من المستثمرين الأجانب، وفُرضت عقوبات على بعض القطاعات في الصين، بما فيها شركات التكنولوجيا، الأمر الذي سبّب تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي إليها.

بريكس وسوق النفط العالمية

وبينما تتباين الآراء بشأن مدى استفادة الأعضاء من توسيع المجموعة، يرى بعض المحللين أن انضمام السعودية والإمارات وإيران قد يساعد على توحيد الأهداف الاقتصادية للدول التي تسيطر حالياً على ما يقرب من نصف إمدادات النفط العالمية من جهة، وأهم المستوردين في آسيا من جهة أخرى، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة الاستثمار في الصناعات المرتبطة بالنفط، كالتكرير والكيماويات، فضلاً عن التسويق بين الدول الأعضاء، وفقاً لما كتبه مركز الأبحاث "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".

وبانضمام السعودية، أصبح أعضاء "بريكس" مسيطرين على 42% من إنتاج النفط العالمي، و35% من الاستهلاك الإجمالي، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وتولي الدول المؤسسة للمجموعة، مثل الهند والصين، أهمية لاستمرار تدفق سلع الطاقة دون اضطرابات.

وتستحوذ السعودية والإمارات وإيران على 17% من إنتاج النفط في العالم، وتعد الدول الثلاث الموردة الرئيسية لنوعية الخام الذي تفضله مصافي التكرير في آسيا، إلا أن حصصها في السوق تلقى منافسة من التدفقات الروسية التي تباع بسعر أقل بكثير نتيجة آلية سقف السعر التي فرضتها مجموعة الدول السبع ضمن العقوبات على روسيا، بعد غزوها لأوكرانيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وضع الصين باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم يمنحها دافعاً لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع السعودية والإمارات وإيران، فضلاً عن روسيا والبرازيل، بحسب مركز الأبحاث.

وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتأسيس بدائل للمؤسسات الاقتصادية والسياسية الغربية، ضمن سياسته الخارجية لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها. ولعب بوتين دوراً حاسماً في تأسيس عدة منظمات دولية جديدة، من بينها منتدى الدول المصدرة للغاز ومنظمة شنغهاي للتعاون في 2001، وتحالف "أوبك+" في 2016، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وتحمس شركاء روسيا في "بريكس" لفكرة فكّ الارتباط مع الاقتصادات الغربية، فأسّس الأعضاء بنك التنمية الجديد لدعم مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النامية.

ويُعَدّ اتفاق تحالف "أوبك+" لإنتاج النفط من أهم ثمرات التعاون بين روسيا وأعضاء "بريكس" الجدد في مجال الطاقة، وقد صمد هذا الاتفاق رغم التباطؤ الاقتصادي وغزو أوكرانيا، الذي أدى إلى فرض العقوبات الغربية ومطالبات من الولايات المتحدة وبعض الاقتصادات الكبرى في أوروبا بعزل موسكو عن الاقتصاد العالمي. ويُتوقع أن تعزز روسيا جهودها لضمّ أعضاء جدد إلى "بريكس" خلال فترة رئاستها، حيث يُرتقب عقد قمة قادة المجموعة المقبلة في أكتوبر/ تشرين الأول بمدينة كازان الروسية.

المساهمون