حالة من الارتباك تصيب الجالية السورية في تركيا، يثيرها غياب القوانين التي ترعى تملكهم العقارات، مقابل وجود قانون قديم يمنع بيعها لهم. وما يزيد المسألة غموضاً، أن السلطات التركية لا تمنع عملية التملك هذه، رغم افتقارها إلى نص قانوني تنظيمي.
حتى الساعة، لا إجابة عن جملة تساؤلات: هل يحق للسوريين التملك في تركيا؟ ما مصير العقار الذي يُتوفى مالكه الحاصل على الجنسية التركية؟ هل يورّثه لأقاربه السوريين، مثلاً؟ وهل تُنزع ملكية العقارات من السوريين المقيمين في هذا البلد؟
تحظى هذه الأسئلة الآن بإجابات اجتهادية غير قطعية، ويلجأ القضاء إلى تفعيل قوانين تركية قديمة تمنع تملّك السوريين.
عمار الخضر، وهو مواطن سوري يتاجر بالعقارات في إسطنبول، قال لـ"العربي الجديد" إنه يوجد عدة طرق لحصول المواطن السوري المقيم في تركيا على الجنسية التركية، منها إيداع 500 ألف دولار في حساب مصرفي، أو أن تقرر الدولة منحه الجنسية بصفة استثنائية، وبعد ذلك يمكن السوري أن يتملك في تركيا.
وأشار الخضر إلى أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نشروا في الآونة الأخيرة أخباراً تتعلق بوضع الدولة يدها على عقارات يمتلكها سوريون في تركيا.
مصادرة العقار وإعادة المبلغ إلى صاحبه
وأوضح أنه يتعين حالياً على السوريين توقيع إقرار في إدارة "الطابو" بموجب مادة موجودة في القانون التركي، تنص على إمكان وضع الدولة اليد على ملكياتهم العقارية في حالة سحب الجنسية التي جرى شراء العقار بموجبها، علماً أن وضع اليد يعني مصادرة العقار وتثمين قيمته ثم بيعه وإعادة المبلغ المدفوع ثمناً له إلى صاحب العلاقة.
وحول هذه النقطة، أوضح المحامي التركي مصطفى كراكولّه أن القانون ينص على أن الشخص الذي يتقدم من إدارة الطابو لاستملاك عقار في تركيا ويحمل جنسية ثالثة، يكون من حق الدولة وضع اليد عليه واتخاذ القرار إما بالمساعدة في البيع أو منع البيع، لكن لا يعني ذلك وضع اليد على الأموال، فيما يستطيع صاحب العقار السكن فيه لأي مدة يريدها.
حالة التوريث... وتوضيح قريب
واذا كان المورث غير مجنَّس تركياً، ومعه فقط الجنسية السورية، فلا يستطيع نقل الملكية، وما يمنعه هو القانون القديم الذي يمنع السوريين من التملك في هذا البلد.
وأشار كراكولّه إلى أن وارث العقار في تركيا يستطيع الاستفادة منه إن لم يكن حاصلاً على الجنسية التركية، من خلال تأجير العقار أو السكن فيه طوال المدة التي يريدها، لكن يمنع من بيعه إلا إذا قررت الدولة مساعدته في ذلك.
وكان مصدر في "حزب العدالة والتنمية" الحاكم قد صرّح لـ"العربي الجديد" سابقاً بأن "سوء فهم حصل نتيجة تفعيل بعض دوائر الطابو قانوناً قديماً صادراً منذ عام 1966، عندما ردت تركيا على سورية بالمثل حين حجزت دمشق أملاك الأتراك، والحكومة الآن عاكفة على توضيح الملابسات، وسيصدر قريباً توضيح وافٍ وشامل".
وصرّح مصدر خاص لـ"العربي الجديد" بأن من الأسباب التي جعلت الدولة تطبق القرار حالياً، أمراً يمسّ الأمن القومي، سبّبه سوري مكتسب الجنسية السويدية ولديه مشاكل تتصل بالأمن، حين اشترى عقاراً، فقرر إبراز جنسيته الثالثة عندما اكتُشِفَت مشكلته، مدعياً أنه لا يمكن المساس به في تركيا، لأنه مواطن أجنبي يحمل جنسية أُخرى إلى جانب الجنسية التركية.
وكان أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية وأعضاء الهيئة الاستشارية وممثلو المنظمات في غازي عنتاب، قد اجتمعوا مع والي المنطقة، داوود غول، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بحضور نائب الوالي المنسق العام لمناطق (جرابلس والباب) ومدير الهجرة في غازي عنتاب فاتح آينا، والقائم مقام شاهين بيه.
وناقش المجتمعون القضايا التي تهمّ السوريين في ولاية غازي عنتاب، ومن ضمنها الحديث بخصوص اللغط حول تملك العقارات للمجنسين، حيث أكد الوالي أنه سيتابع الموضوع مع الجهات المعنية.
ويصل عدد السوريين في تركيا إلى نحو 3.6 ملايين شخص، يبلغ عدد الحاصلين منهم على الجنسية التركية، بحسب أحدث البيانات الحكومية، نحو 110 آلاف شخص، هم 53 ألف شخص بالغ و57 ألف طفل.
وفي عام 2012، أصدر البرلمان التركي قراراً منح الأجانب حق تملك العقار في تركيا، لكن عند التطبيق العملي، تبين وجود تعليمات تمنع حملة بعض الجنسيات من التملك مباشرة، وكان من بينهم حملة الجنسية السورية.
ورغم ذلك، تزايد الطلب على شراء عقار في تركيا للسوريين، ولحسن الحظ فقد وُجِدت بعض الطرق التي تتيح تملك عقار في تركيا للسوريين، كان من بينها على سبيل المثال: تأسيس شركة تجارية، وتسجيل العقار المملوك باسم الشركة بصفتها شخصية اعتبارية في نظر القانون التركي، حيث تؤكد الدراسات أن الشركات التي أسسها السوريون في تركيا خلال السبع سنوات الأخيرة، بلغت أكثر من 10 آلاف شركة بمعدل 4 شركات جديدة يومياً.