تشهد الجزائر تجارب جديدة في الإقامات (النزل) السياحية، حيث يتم استغلال منازل كإقامات ودور ضيافة، بتشجيع من السلطات، خاصة في المناطق التي تفتقد إلى مؤسسات فندقية، كما برزت تجارب جديدة لإقامة خيم سياحية في قلب الصحراء.
وفي منطقة جعافرة التي تضم واحدة من أجمل القرى الجزائرية العتيقة في أعالي ولاية برج بوعريريج شرقي الجزائر، حوّل الشاب حكيم فراطسة بيته إلى إقامة سياحية، وقام بافتتاحها منذ شهر، بعدما حصل على ترخيص من السلطات واستوفى الشروط اللازمة.
وقال فراطسة لـ"العربي الجديد" إن "الفكرة جاءت بعد فراغي من بناء البيت، ففكرت في تحويله إلى إقامة للسياحة في منطقتنا البائسة والمحرومة من كل المنشآت السياحية، بالاستفادة من مضمون منشور وزاري كان صدر منذ 2012 من قبل وزارة الداخلية، لتشجيع الناس على استغلال منازلهم في الترويج للسياحة وذلك لنقص الفنادق".
تسهيلات حكومية
وينص المرسوم على فكرة "الإقامة لدى الساكنة"، أو ما يسمى أيضا "صيغة الإيواء السياحي"، ويعني إمكانية التأجير السياحي لكامل البيت، أو لقسم منه مع ضمان الأمن والسكينة والخدمات للزائر، وتوفير كافة الخدمات اللازمة في البيت من تدفئة وغيرها من ظروف الراحة.
ويقدم المرسوم تسهيلات للراغبين في ممارسة هذا النوع من النشاط السياحي، كالإعفاء من الرسوم الضريبية، ما يجعل أسعارها مخفضة مقارنة بأسعار المبيت في المؤسسات الفندقية.
وذكر فراطسة أن دار الضيافة هذه، والتي تم افتتاحها رسميا قبل أقل من شهرين، تقدم خدمة سياحية فريدة للسائح، "إضافة إلى الاستفادة من الإقامة في هذا البيت، تضعه في قلب بيئة ريفية عتيقة، وتوفر فرصة لزيارة المعالم الأثرية التي تحيط بالإقامة".
ويعتمد الترويج لمثل هذه الإقامات السياحية الجديدة في الجزائر، على طرق حديثة باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تهتم وتشتغل في قطاع السياحة، إضافة إلى التعامل مع الوكالات السياحية، لاستقطاب السياح والتعريف بالمعالم السياحية في المنطقة.
وتسمح السلطات للمهتمين بالاستفادة من النشاط بهذه الصيغة، بعد أن تضطلع لجنة خاصة من مديرية السياحة بدراسة الملفات، ومنحها الموافقة وذلك بعد معاينة المكان المخصص لممارسة هذه الصيغة ومدى توفره على جميع الشروط المحددة وضمان التجهيزات الضرورية لفائدة الزوار.
وتشهد هذه الصيغة تزايدا لافتا في الفترة الأخيرة في الجزائر، بفعل توجه حكومي لتشجيع الأنشطة السياحية والسياحة الداخلية، خاصة خلال العطل الموسمية والمدرسية، وتسخير كل الإمكانات المتوفرة والترويج للسياحة المحلية والتشجيع على زيارة المعالم الأثرية وتسويق المنتجات التقليدية، خاصة تلك التي تنتجها الأسر والحرفيون في مناطق الريف.
خيمة في الصحراء
وفي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلق الشاب زكريا عظيمي في قلب صحراء بني عباس جنوبي الجزائر، وهي منطقة سياحية فريدة، مشروعا سياحيا محليا، عبارة عن خيمة سياحية تقدم خدمة للسياح وتوفر وجبات تقليدية وسهرات فنية بالطبوع المحلية.
ولقي المشروع استحسانا كبيرا من قبل المهتمين، وأكد عظيمي لـ"العربي الجديد" أن "فكرة المشروع هي تقديم خدمة متطورة ونظيفة لتحسين سياحة التخييم، وسبب اختياري للمنطقة هو جمال المنطقة وضيافة أهل المنطقة الذين قدموا لي مساعدات كبيرة وكانوا في غاية السعادة بإنجاز مشروع الخيمة، إضافة إلى تسهيلات من قبل السلطات".
وأضاف عظيمي أن "هذه الخيمة السياحية هي الأولى من نوعها، واخترت لها تسمية خيمة الريم، نسبة إلى غزال الريم المعروف في هذه المنطقة".
وتشارك في تنشيط السهرات في الخيمة السياحية هذه، فرق فنية محلية من الرقص والفن الشعبي المحلي، ويعزز ذلك تنشيط الحياة الثقافية وتعريف السياح على التقاليد المحلية وتثمينها.
وتأمل الحكومة الجزائرية أن تسهم هذه الفرص في إضفاء حركة أكبر على القطاع السياحي، بما فيها في المناطق الجبلية والريفية، وتعتزم تعزيز قدرات السياحة الداخلية بكل الوسائل الممكنة، ووضع تشريعات جديدة تشجع الناشطين في المجال السياحي على مزيد من استقطاب السياح.
وقال وزير السياحة الجزائري ياسين حمادي أول من أمس الخميس، في جلسة في البرلمان إنه "يجرى حاليا إعادة نظر في القانون التوجيهي للسياحة ومختلف النصوص الأخرى الخاصة بالنشاط السياحي"، مبرزا "أهمية تحسين صورة الوجهة السياحية الجزائرية وتعزيز الترويج والتسويق مع التركيز على ضرورة تعميم استعمال وسائل تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة".