قال رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، اليوم الأحد، إن المجلس "ملتزم بالنظر في ملف القوانين المنظمة للإيجارات القديمة من منظور شامل ومتوازن، بما يضمن العدالة من دون تحيز إلى طرف على حساب آخر، ويعزز التضامن الاجتماعي بين أبناء الوطن". وأضاف جبالي، تعقيباً على حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من قانون تأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أن "مجلس النواب أمام مسؤولية تاريخية تجاه معالجة الآثار المتراكمة للقوانين الاستثنائية المنظمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر، شرط أن تكون هذه المعالجة محاطة بسياج من العدالة والتضامن الاجتماعي، ومراعاة حقوق الجميع بما يحقق التوازن بين الأطراف كافة". وتابع أن "قوانين الإيجارات القديمة تمس- بكل حال- العديد من مصالح الأسر المصرية، وهو ما يتطلب دراستها بعمق وتمعن، وفهم نقاط القوة والضعف التي تكتنفها، وصولاً إلى صياغة تشريعية متوازنة تضمن حقوق الطرفين، وتحقق العدالة بينهما، وتكفل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية تنفيذاً سديداً".
ووجه جبالي بتشكيل لجنة برلمانية مشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشؤون التشريعية، تختص بإجراء تحليل شامل ومستفيض لحيثيات حكم المحكمة الدستورية، بما يمكن أعضاء المجلس من فهم وتقييم كل الجوانب المرتبطة بمسألة الإيجار القديم، والتوصل إلى البدائل والحلول المناسبة لها، وذلك كله وفق خطة ومنهجية عمل متأنية. وأوضح أن "منهجية مناقشة ملف الإيجارات القديمة تشمل الاستماع إلى رأي وزراء الإسكان والتضامن الاجتماعي والتنمية المحلية والعدل، بهدف الاستفادة من رؤيتهم المتخصصة، في إطار التحديات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة به. والاستماع أيضاً إلى رأي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بما يضمن توفير بيانات وإحصائيات دقيقة حول هذا الملف".
مجلس النواب المصري سيدعو ممثلين للملاك والمستأجرين
وأكد جبالي أن المجلس سيتيح الفرصة لأطراف المصلحة الرئيسيين، وهما الملاك والمستأجرون، للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، عبر دعوة ممثلين عنهم من خلال وزير شؤون المجالس النيابية والقانونية، وتخصيص اجتماعات منفصلة لكل طرف حتى يتمكن من عرض وجهة نظره بشفافية، وفي بيئة هادئة بلا ضغوط.
كذلك، أشار إلى استماع المجلس لرأي أساتذة القانون وعلم الاجتماع في الجامعات المصرية، وغيرهم من الخبراء، لأخذ آرائهم العلمية في ملف الإيجارات القديمة، وضمان الحصول على رؤية متكاملة تجمع بين التحليل القانوني والمقاربة الاجتماعية.
وقال جبالي إن البرلمان سيعمل على إعداد الخطابات اللازمة للجهات المعنية للحصول على جميع البيانات والإحصاءات، التي تساعد اللجنة المشتركة على دراسة الملف، والاستعانة بالدراسات والبحوث التي أعدتها الجهات البحثية المعنية، على غرار المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. وختم قائلاً إن اللجنة المشتركة ستضع تحت بصرها تقرير لجنة الإسكان والمرافق العامة، الذي أعدته بدور الانعقاد السنوي الرابع (السابق) من الفصل التشريعي الحالي، في ما يخص بعض الجوانب المتصلة بهذه القوانين. وأن تتخذه اللجنة المشتركة أحدَ أسس بناء تقريرها النهائي، لما يحتويه من إحصاءات وبيانات هامة تتعلق بإعداد دراسة الأثر التشريعي لبعض قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية.
وطالبت المحكمة الدستورية المشرّع (مجلس النواب)، في حيثيات حكمها الأخير، بعدم تمكين المؤجِّر من فرض قيمة إيجارية مبالغ فيها استغلالاً لحاجة المستأجر إلى مسكن يؤويه، أو إهداره في الوقت نفسه عائد استثمار الأموال، ممثلة في قيمة الأرض والمباني، بثبات أجرتها بخساً لذلك العائد فيحيله عدماً. وتتركز أغلب الإيجارات القديمة في مصر في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، وبعض محافظات الوجه البحري. ويشكو ملاك العقارات الخاضعة لأحكام القانون من ضعف القيمة الإيجارية، التي تراوح بين 5 إلى 20 جنيهاً (0.1 إلى 0.4 دولار تقريباً) شهرياً في أغلب الأحوال.
وكان البرلمان قد أدخل تعديلاً على قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في عام 2022، يتعلق فقط بإخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غـرض السكن خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات، مع زيادة قيمتها الإيجارية بواقع خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وزيادتها سنوياً، وبصفة دورية، بنسبة 15% من آخر قيمة قانونية مستحقة لها. ولاحقاً، شُكلت لجنة حكومية – برلمانية مشتركة لتعديل قانون الإيجارات السكنية القديمة، استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن سرعان ما جمد عملها بسبب ردات الفعل الغاضبة إزاء تعديل القانون، كونه يمس أوضاع نحو تسعة ملايين وحدة سكنية تخضع لأحكامه، يقطنها ما بين 15 إلى 20 مليون مواطن.
(الدولار = 49.45 جنيهاً تقريباً)