تصدّر ملف تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، الذي اتخذته حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، المشهد في حملات القوى والأحزاب السياسية المتنافسة في الانتخابات المقررة يوم الأحد المقبل.
وأطلقت عدة قوى سياسية عراقية وعوداً للناخبين بإعادة قيمة الدينار إلى سابق عهده عند عتبة 1200 دينار للدولار الواحد بدلاً من القيمة الحالية وهي 1450 ديناراً للدولار، وهو ما اعتبره مراقبون ومختصون بالشأن الاقتصادي والمالي العراقي وعوداً غير قابلة للتحقيق في الوقت الحالي، وتنطوي على مخاطر اقتصادية أيضاً.
ويعتبر تحالفا "الفتح" و"دولة القانون"، بزعامة كل من هادي العامري ونوري المالكي، أبرز المتصدرين لوعود إعادة قيمة الدينار إلى سابق عهده، لكن مختصين قالوا لـ"العربي الجديد" إنّ هذه الوعود غير واقعية بالوقت الحالي.
وقررت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي خفض قيمة الدينار بنحو 25%، من سعر صرف 1200 إلى 1450 للدينار أمام الدولار، وذلك على ضوء المعالجات التي أقرتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية التي عصفت بالبلاد، وتراجع إيرادات الدولة من العملة الصعبة نتيجة انخفاض أسعار النفط آنذاك.
نائب عراقي: وعود إعادة سعر الدينار إلى سابق عهده "مزايدة إعلامية"
عضو اللجنة المالية في البرلمان النائب جمال كوجر انتقد بشدّة الأحزاب التي أطلقت وعوداً للمواطنين بإعادة سعر الصرف إلى سابق عهده، ووصف هذه الوعود بأنها "مزايدة إعلامية".
وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ "تحديد سعر العملة المحلية أمام الدولار ليس من صلاحية البرلمان، ولا حتى وزارة المالية، وإنما من صلاحيات البنك المركزي العراقي حصراً وهو صاحب القرار، وبالتالي أي وعد من هذا القبيل ليس إلا وعوداً انتخابية غير صحيحة بالإضافة إلى تدخل في السياسة النقدية للبنك المركزي".
لكن الخبير الاقتصادي العراقي همام الشماع يرى من زاويته أنّ "الخطأ الكبير الذي ارتكبته حكومة الكاظمي بتخفيض سعر العملة المحلية، لا يُمكن إصلاحه بإجراء مُعاكس؛ أي برفعه مرّة ثانية".
ووصف الشماع، في حديث لـ "العربي الجديد"، قرار تخفيض سعر الدينار من الناحية السياسية بأنه "مكسب سياسي" لحكومة الكاظمي، من منطلق أنها استطاعت أن تحلّ الأزمة الاقتصادية التي ترتّب عليها انخفاض أسعار النفط، و"هذا ما يعني أنه لا يُمكن أن تُعاكس الإجراء الذي تعدّه مكسباً اقتصادياً أيضاً".
وانتقد الشماع تذبذب أسعار الدينار العراقي منذ عام 2003 بقوله إنّ "سعر الصرف لا يُمكن أن يكون أرجوحة للدولة، ويجب أن تكون مستقرة اقتصادياً".
في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد الخضر، لـ"العربي الجديد"، إنّ قرار تخفيض سعر الدينار العراقي "اشتركت فيه جميع الكتل السياسية بالإضافة إلى اعتماد استشارات مختصين في الاقتصاد، وليس رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحده فقط".
ما دور الحكومة الجديدة في إعادة سعر الدينار العراقي إلى سابق عهده؟
ويقرّ الخضر بصعوبة إعادة سعر الصرف للعملة المحلية إلى سابق عهده مع انتهاء عمر البرلمان (بعد غد الخميس) وتحوّل حكومة الكاظمي إلى تصريف أعمال، ويُمكن ذلك في موازنة عام 2022؛ أي بعد انتهاء الانتخابات وعبر الدورة الجديدة لمجلس النواب.
ويتوقع الخضر في ذات الوقت أن يكون تعديل سعر صرف الدينار العراقي والسيطرة على السوق المحلية "من أولى مهام الحكومة الجديدة".
من جهته، يتوقع الناشط وعضو التيار المدني العراقي أحمد حقي أن يكون تأثير تخفيض قيمة الدينار "واضحاً" على الانتخابات العراقية من خلال عدد من تضرر منْ القرار، مرجحاً مقاطعة المتضررين من جراء ذلك للانتخابات.
ويضيف حقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "العامل الاقتصادي للعراقيين في ملف الانتخابات مهم جداً، لذلك كان هناك تركيز على موضوع قيمة الدينار خلال الأيام الأخيرة، والعراقي يدرك جيداً عدم صحة وعود إعادة الدينار لسابق وضعه في الفترة المقبلة، والحكومة تتحمل مسؤولية سكوتها عن هذه الوعود وكان عليها أن توضح للشارع وضع المرحلة المقبلة على أقل تقدير".