- التحديات والفرص: يواجه المشروع تحديات مثل الاعتماد على النفط والبيروقراطية، لكنه يوفر فرصًا للاستثمار الأجنبي وزيادة القدرة التصديرية وخلق فرص عمل.
- التنويع والمنافسة: يركز على تطوير قطاعات جديدة لمواجهة المنافسة الإقليمية، مع تعزيز اقتصاد المعرفة لتحقيق الاستدامة.
تمثل منطقة العبدلي الاقتصادية في الكويت مشروعًا ضخمًا يستهدف تعزيز تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وتقع قرب الحدود مع العراق، وتتماشى مع رؤية 2035، التي تسعى من خلالها الكويت لتكون مركزًا متكاملًا يضم منشآت سكنية ولوجستية وتجارية على مساحة تقدر بخمسة كيلومترات مربعة. ومن المتوقع أن تستوعب المنطقة حوالي 35 ألف ساكن، وتوفر نحو 26 ألف فرصة عمل، ما يعزز موقع الكويت بوصفها بوابة تجارية تربطها بالأسواق الإقليمية والدولية، حسبما أورد تقرير نشرته منصة "كويت تايمز" في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتعتمد خطة المشروع على جذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الصين، التي من المرجح أن تكون شريكًا رئيسيًّا في تطوير البنية التحتية للمشروع، بتكلفة تقديرية تبلغ حوالي 3.3 مليارات دولار. وتصب توقعات العديد من الخبراء في أن تساهم منطقة عبدلي الاقتصادية أيضًا في دعم مبادرات أخرى كمشروع ميناء مبارك الكبير، وشبكة السكك الحديدية الخليجية المستقبلية، بما يعزز حركة التجارة، ويخلق بيئة لوجستية فعالة تربط الكويت بدول الخليج والشرق الأوسط.
مميزات مشروع منطقة العبدلي الاقتصادية
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن إحداث تغيير اقتصادي حقيقي يتطلب تنفيذ العديد من المشاريع المماثلة، مع استقطاب الاستثمارات الأجنبية بشكل أكبر، موضحاً أن الاستثمارات في البنية التحتية ستكون غالباً عن طريق المستثمرين الصينيين. ويتوقع رمضان أن تكون المساهمة الاقتصادية للمشروع محدودة، لأن الهدف الأساسي هو توظيف الكويتيين، في حين أن الواقع يشير إلى اعتماد المشروع على العمالة الأجنبية في الخدمات اللوجستية وغيرها، دون وجود تشغيل أكبر داخل الاقتصاد الكويتي. ورجح أن لا يتم تخصيص وظائف منطقة العبدلي للكويتيين، نظراً لتوقع قيام شركات صينية بتنفيذ المشروع، إذ غالباً ما تفضل هذه الشركات العمالة الأجنبية.
ويخلص رمضان إلى أن "مشروعًا واحدًا لن يحدث تغييرًا كبيرًا في اقتصاد الكويت، خاصة أنه ليس مشروعًا نفطيًّا يزيد من إيرادات البلد الخليجي، بل هو مشروع اقتصادي قد يكون مناسبًا ومساهمًا، لكن مساهمته ستظل محدودة"، مشددًا على أن تحقيق التغيير الاقتصادي المنشود في الكويت يقتضي تكثيف هذه النوعية من المشاريع وليس الاقتصار على عدد محدود منها.
تحديات المشروع
وفي السياق، يشير الاستشاري بشركة استشارات في لندن علي متولي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفوائد المتوقعة من إنشاء المنطقة الاقتصادية في الكويت تتمثل بزيادة الاستثمار الأجنبي من خلال الحوافز والإعفاءات الضريبية التي ستوفرها، إضافة إلى العمليات التنظيمية المبسطة. ويتوقع أن يساهم الدعم المقدم لتطوير البنية التحتية في جذب الشركات، وزيادة الاستثمار. كما ستوفر المنطقة خدمات لوجستية تسهّل عملية التصدير للشركات، ما يعزز القدرة التصديرية للبلاد، بحسب متولي، مشيراً إلى أن المناطق الاقتصادية من هذا النوع تسهل الوصول إلى الأسواق المجاورة، مثل منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي، بشكل أسرع وأقل تكلفة.
وإضافة إلى ذلك، يذكر متولي خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، سواء للكويتيين أو للمغتربين، باعتبارها إحدى أهم فوائد منطقة العبدلي، ويرى أن وجود شركات راغبة في التصدير سيخلق طلبًا على العمالة، ما قد يشجع على تنمية المهارات واكتساب الموظفين خبرة في ممارسة الأعمال الدولية. ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن إنشاء المنطقة الاقتصادية يتماشى مع رؤية الكويت 2035 لتنمية القطاعات غير النفطية، لافتًا إلى أن المنطقة قد تجذب استثمارات في مجالات التكنولوجيا والتصنيع والخدمات اللوجستية، وهي قطاعات لم تلعب دورًا تاريخيًّا كبيرًا في الاقتصاد الكويتي بسبب الاعتماد على النفط.
وعن كيفية مساهمة المنطقة في التنويع الاقتصادي، يوضح متولي أنها ستساعد في تطوير قطاعات جديدة من خلال تشجيع الاستثمارات في مجالات مثل التكنولوجيا والاتصالات والرعاية الصحية والطاقة المتجددة، ويتوقع أن تساهم في نمو القطاع الخاص، من خلال اللوائح والأطر التنظيمية التي تركز على ريادة الأعمال، وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويضيف متولي أن تشجيع الاستثمارات في الصناعات عالية التقنية داخل المنطقة الاقتصادية قد يمهد الطريق لاقتصاد قائم على المعرفة، مما يساهم في الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل، مشيرًا إلى أهمية تعزيز الصناعات الموجهة نحو التصدير لتوليد عائد من النقد الأجنبي من مصادر متنوعة.
لكن متولي يشير إلى أن المشروع يواجه تحديات عدة، منها الاعتماد على عائدات النفط لتمويل البنية الأساسية، إذ إن أي انخفاض في أسعار النفط سيؤثر بالجدوى المالية للمشروع. وتمثل البيروقراطية والعمليات التنظيمية المعقدة تحديًا آخر أمام المنطقة الاقتصادية الجديدة في الكويت، بحسب متولي، مشيرًا إلى ضرورة تبسيط هذه العمليات لتجنب إحباط الاستثمار.
كما يلفت متولي إلى مشكلة نقص القوى العاملة المؤهلة في الصناعات غير النفطية، خاصة في القطاعات التقنية والتكنولوجية، ويقترح إما استقطاب العمالة الأجنبية أو تنفيذ مبادرات تعليمية وتدريبية فعالة، مع الإشارة إلى أن الحل الأخير سيستغرق وقتًا طويلًا. ويخلص متولي إلى أن الكويت تواجه تحدي المنافسة الإقليمية، حيث توجد مناطق اقتصادية راسخة في دول مجاورة مثل الإمارات وقطر والسعودية، ويعرب عن شكوكه حول قدرة المنطقة الكويتية على المنافسة ما لم يجر التغلب على العقبات المذكورة، متوقعًا أن يكون دور منطقة العبدلي محدودًا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.