مصرف لبنان يمنح المودعين 3 دفعات في ظلّ "الظروف الطارئة"

26 سبتمبر 2024
أمام مبنى مصرف لبنان في بيروت، 4 أغسطس 2023 (Getty)
+ الخط -

طلب مصرف لبنان من المصارف التسديد استثنائياً ولمرّة واحدة، مبلغ يساوي 3 دفعات شهرية في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكلّ المستفيدين من التعميمين الأساسيين رقم 158 و166، وذلك بالنظر إلى الظروف الطارئة التي تمرّ بها البلاد.

وبحسب قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان المُعمَّم يوم الأربعاء، فإنّ العمل بأحكام التعميمين المذكورين يستمرّ في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بشكلٍ طبيعيٍّ. ويمكن بذلك للمستفيدين من التعميم 158 أن يتقاضوا 3 دفعات على أساس 300 دولار لكل دفعة، أي 900 دولار، مطلع شهر أكتوبر، فيما للمستفيدين من التعميم رقم 166 حق تقاضي 3 دفعات على أساس 150 دولاراً، أي مجموع 450 دولاراً، وذلك تبعاً للقرار الاستثنائي الصادر عن البنك المركزي، ولمرّة واحدة فقط.

ورحّب العديد من المواطنين بالقرار، خصوصاً في ظلّ الحرب المندلعة والتحديات المعيشية والغلاء الحاصل، سواء على صعيد إيجارات المنازل مع ارتفاع الطلب عليها، في ظلّ حركة النزوح الكبيرة بفعل الغارات الدموية الإسرائيلية التي تطاول مناطق لبنانية عدة، وخصوصاً بقاعاً وجنوباً وفي الضاحية الجنوبية، أو ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية مع استغلال التجار للأوضاع، في ظلّ هشاشة رقابة السلطات والأجهزة المعنية.

تعميم مصرف لبنان غير كافٍ

في المقابل، يعتبر قسمٌ من اللبنانيين أنّه رغم الخطوة الجيدة لمصرف لبنان التي تجعلهم يتنفّسون قليلاً في ظلّ حاجتهم الملحّة إلى المال، بيد أنّها تبقى غير كافية ما دامت ودائعهم رهن احتجاز المصارف، وغير قادرين على سحب المبالغ التي هم فعلاً بحاجة اليها.

ويقول أحد المواطنين النازحين من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى منطقة طرابلس في الشمال اللبناني لـ"العربي الجديد": "ماذا سينفعني مبلغ 900 دولار، وأنا أدفع 800 دولار فقط بدل إيجار للمنزل الذي أقيم فيه الآن بعد النزوح، هذا من دون احتساب فواتير الكهرباء واشتراك المولد والمياه، والمصاريف الحياتية الأخرى".

ويضيف: "مصاريفنا ارتفعت كثيراً، وخصوصاً منذ يوم الاثنين الماضي مع بدء جيش الاحتلال توسِعة عملياته لبنانياً، وتكثيف غاراته في عددٍ كبير من المناطق على مساحة لبنان، سواء بقاعاً أو جنوباً أو في العاصمة، أو حتى وصولاً إلى كسروان والشوف وغيرها من البلدات، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 600 شخص في خلال 3 إيام، ونزوح أكثر من 70 ألفاً، وهذه المشهدية التي تدمي القلب، للأسف استغلها عددٌ كبير من الناس، تجاراً ومواطنين، وعمدوا إلى رفع أسعارهم، وخصوصاً بدلات الإيجار، لمنازل تؤجر الآن بـ600 و1000 دولار، وحتى 2000، وهي كانت قبل ذلك لا تتعدى 400 دولار، علماً أنه في المقابل، هناك مبادرات إنسانية وفردية ظهرت لمساعدة النازحين وتقديم منازل مجانية أو ببدلات رمزية تؤكد أن الخير لا يزال موجوداً والناس لبعضها، لكن بكل الأحوال الأموال التي نسحبها من البنك لا تكفينا للصمود يوماً واحداً".

في الإطار، تقول الباحثة في القانون الدولي والجرائم المالية والاقتصادية محاسن مرسل لـ"العربي الجديد"، إن "قرار المركزي بتأمين دفعتين إضافيتين، يهدف إلى التخفيف بالقدر الذي تتجاوب فيه المصارف اللبنانية عن كاهل الناس وأعبائهم، خصوصاً الذين هم اليوم بمرمى النيران"، مع الإشارة إلى أنّ التعميم رقم 158 يبلغ عدد المستفيدين منه حوالى 150 ألفا، فيما يستفيد من التعميم رقم 166 ما بين 50 إلى 60 ألفاً.

وتلفت مرسل إلى أنّ هناك استقراراً نقدياً نشهده، وخصوصاً على صعيد الدولار، والأمور لا تزال مضبوطة رغم الحرب والأوضاع الأمنية، يعود إلى تطبيق أحكام قانون النقد والتسليف والتنسيق الكلي والكامل بين السياسات النقدية والسياسات المالية، والخطوات الموزونة من مصرف لبنان وحاكمه بالإنابة وسيم منصوري، خصوصاً بالامتناع عن إقراض الدولة بشكل عشوائي كما كان يحصل سابقاً، إلى جانب قدرته على زيادة الاحتياطات بالعملات الأجنبية وتعزيز النقد الأجنبي في المصرف المركزي.

وتضيف: "أما في ما يتعلق بالحساب الـ 36 للدولة اللبنانية الذي بات فيه أكثر من 5 مليارات و700 مليون دولار، هم بين لولار ودولار وليرة لبنانية، فإن الدولار الذي تملكه الدولة نقداً أو فريش على عكس ما يشاع ويسوّق لا يتجاوز الـ200 مليون دولار، حققتها من الجباية، وهي تملك الحرية باستخدام المبلغ بالإنفاق على أن تكون قد خصصت اعتمادات بالموازنة وسلف خزينة، وخصوصاً أنها بحالة حرب، وقد تمكن مصرف لبنان من تنظيم الحساب الـ 36 بعد فصل مالية الدولة عن مالية البنك المركزي، وهو ما مكّن الدولة من معرفة ما لها وما عليها، ويمكنها تالياً الإنفاق بالتنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان".

وتردف: "هناك كتلة نقدية يجب إعادة تدويرها تفادياً لتعرضها للانفلاش ولحصول مضاربة كما حصل في الليرة، ويمكن القول إن الوضع الآن مضبوط، ونأمل أن يستمرّ كذلك".

أزمة اقتصادية واسعة

ومنذ أواخر عام 2019، يعيش لبنان أزمة اقتصادية ومالية وصفها البنك الدولي بأنها تأتي ضمن الأزمات الاقتصادية الأسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وقال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، اليوم الخميس، إن الأزمة الآخذة في التصاعد في الشرق الأوسط تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان وتضر بدول مجاورة مثل الأردن ومصر.

من جهته، قال صندوق النقد الدولي إنه يراقب تأثير المواجهات بين إسرائيل وحزب الله في لبنان الذي يعاني من خسائر بشرية وتدمير في البنية الأساسية، وإنّ من السابق لأوانه تقييم التأثيرات الاقتصادية.

وتعيش الجبهة اللبنانية حرباً بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، بالتزامن مع بدء عملية طوفان الأقصى، أدت إلى استشهاد أكثر من 1200 شخص في لبنان، وجرح ما يزيد على 5 آلاف ونزوح نحو 300 ألف، علماً أن الأرقام بما خصّ النازحين لا يزال متضارباً ومتفاوتاً بين الإدارات والوزارات المعنية لبنانياً.

وتعتمد إسرائيل تصعيداً موسّعاً غير مسبوقٍ منذ يوم الاثنين، أدى إلى تهجير الآلاف، واستشهاد ما يزيد على 600 شخص، إذ وصلت نيرانها إلى مناطق لم تضربها حتى في حرب يوليو/تموز 2006، فيما  يوسّع حزب الله بدوره عملياته العسكرية ويدخل إلى ميدان المعركة أسلحة جديدة ضارباً بها شمالي حيفا وضواحي تل أبيب.

ويترقب لبنان المساعي الدولية، ولا سيما الفرنسية – الأميركية، لإرساء وقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار لمدة 21 يوماً ومنح الدبلوماسية فرصة للنجاح، معرباً عن انفتاحه عليها، فيما يبقى الترقب بانتظار موقف الاحتلال الإسرائيلي الذي يناور ويفرض شروطه على وقع تكثيفه للضربات النارية اليوم الخميس في البقاع والجنوب.

المساهمون