استحوذت مؤخرًا إحدى كبرى شركات توزيع الأدوية في مصر على أكثر من 300 صيدلية، عن طريق تأجيرها من أصحابها الأصليين، في ظاهرة تهدد مستقبل أصحاب الصيدليات الصغيرة، إذ إن أصحاب هذه السلاسل، بحكم قوة المال والنفوذ، لديهم من الإمكانيات ما يتيح لهم القضاء على أصحاب المهنة الحقيقيين.
وأوضح المسؤول النقابي، الدكتور محمد سرحان، أن النقابة العامة والنقابات الفرعية تتصدى لمثل هذه السلاسل عن طريق إبلاغ الجهات المعنية، لكنها ليست جهة تنفيذ للقانون.
وقال سرحان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "خطورة هذه الكيانات تكمن في أنها تؤثر في أصحاب الصيدليات الصغيرة، وهم الغالبية، فبحكم نفوذها المالي تستطيع الحصول على تخفيضات من شركات الأدوية أكثر من سواها، وهو ما يخل بمبدأ المنافسة، كذلك يمكن للأمور أن تصل إلى حد أن تحتكر بيع نوع معين من الدواء، وهو ما يضرّ بالمريض والصيدلي الصغير".
وأضاف: "لمجابهة هذه الظاهرة تنبّهت النقابة العامة وأنشأت في كل نقابة فرعية لجنة هدفها مقاومة الدخلاء على المهنة، وذلك عام 2010، لذلك تجد أن معظم الصيدليات التي تُستأجر من أصحابها يعود ترخيصها إلى ما قبل هذا التاريخ".
وكشف أحد الصيادلة أنه عُرض عليه تأجير صيدليته لإحدى السلاسل الشهيرة بـ40 ألف جنيه شهريًا، في الوقت الذي لا تتجاوز أرباحه منها 10 آلاف جنيه شهريا.
وأكد أن رفضه جاء من منطلق "الحفاظ على المهنة، وخاصة على زملائه من أصحاب الصيدليات الصغيرة".
ويرى الدكتور حاتم البدوي، السكرتير العام لشعبة الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أنه لمجابهة مثل هذه الأمور المستحدثة "يجب تعديل قانون ممارسة مهنة الصيدلة الصادر عام 1955، ليواكب المستجدات والتحديات الراهنة".
وتابع البدوي، لـ"العربي الجديد": "من التحديات الراهنة، تسويق وبيع الأدوية عبر الإنترنت "التطبيقات الإلكترونية"، وانتشار ظاهرة السلاسل التي تتجه نحو احتكار سوق الدواء في مصر، فإحدى شركات توزيع الأدوية استولت حتى الآن على أكثر من 300 صيدلية، وهو ما سيؤدي إلى سيطرة الكبار على سوق الأدوية ويضر بالمريض والصيدلي معًا"، لافتًا إلى أنهم تقدموا بشكاوى إلى جهاز حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية، وكذلك إلى جهاز حماية المستهلك.
وكانت النقابة قد تقدمت، خلال الشهور الماضية، بأربع بلاغات ضد كل من تطبيق "علاجي" وشركة "فيزيتا" للرعاية الصحية، وتطبيق "دواء.كوم"، وأخيرًا "صيدليات مصر".
وأكدت النقابة في بلاغاتها أن تلك الكيانات تمارس عملا يخالف نص المادة 37 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955، إذ إنه غير مرخص لها تحضير التذاكر الطبية أو صرفها أو بيع المستحضرات الصيدلية للجمهور.
ونجحت مقاطعة أعضاء النقابة العامة للصيادلة لمنتجات "شركة ابن سينا"، خلال الشهور القليلة الماضية، في تخلي الشركة عن صفقة الاستحواذ على شركة "علاجي تك" المالكة لتطبيق "علاجي" لتوصيل الأدوية عبر الإنترنت.