كشف مصدر حكومي بارز لـ"العربي الجديد" أن وزارة النقل تدرس مقترحاً بشأن وقف تشغيل القطار الكهربائي الخفيف (LRT)، بعد شهرين فقط من تشغيله رسمياً في 3 يوليو/ تموز الماضي، والذي يربط في مرحلته الأولى ما بين مدينتي السلام والعاشر من رمضان، وصولاً إلى العاصمة الإدارية الجديدة شرقي القاهرة.
وقال المصدر إن المقترح يقضي بوقف تشغيل رحلات القطار الخفيف لمدة ستة أشهر بشكل مبدئي، بسبب عدم جدواه اقتصادياً في المرحلة الراهنة، على خلفية تراجع أعداد الركاب الذين يرتادون القطار، والذي بلغ ثلاثة ركاب فقط في إحدى رحلاته خلال الأيام الأخيرة، على الرغم من التكلفة المرتفعة لتشغيل القطار.
ترشيد الاستهلاك
وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن هناك توجيهات رئاسية لجميع الوزارات والهيئات والجهات الحكومية بترشيد استهلاك الكهرباء، من أجل توفير الغاز الطبيعي المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء، وتصديره إلى الخارج، متابعاً أن تشغيل القطار الخفيف في الوقت الحالي يمثل إهداراً لموارد الدولة، لذلك يجب إرجاء التشغيل حتى بدء انتقال الموظفين الحكوميين إلى العاصمة الإدارية.
وأوضح المصدر أن مشروع القطار الكهربائي الخفيف لا يغطي أي جزء من تكاليف التشغيل أو الصيانة بصورته الحالية، ناهيك عن التكلفة الضخمة لإنشاء المشروع نفسه، وبالتالي هناك ضرورة في وقف رحلاته حتى استكمال إنشاءات المرحلة الأولى من العاصمة الجديدة، والانتهاء من أعمال الحي الحكومي فيها، ومن ثم زيادة أعداد الركاب الذين سيرتادون القطار من موظفي الدولة المقرر انتقالهم للعاصمة الإدارية.
وزاد بقوله إن القطار الخفيف يستهدف أيضاً شريحة العاملين في المناطق الصناعية مثل العبور وبدر والعاشر من رمضان والروبيكي، كونه ينطلق من محطة "عدلي منصور" التبادلية في مدينة السلام (تمثل نهاية الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة)، ويمر بمدن العبور والمستقبل والشروق وهليوبوليس الجديدة وبدر، ثم يتفرع إلى مسارين الأول شمالاً في اتجاه مدينة العاشر من رمضان، والثاني جنوباً إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
ارتفاع أسعار التذاكر
وتصل أسعار بطاقات ركوب القطار الخفيف إلى 35 جنيهاً (الدولار = 19.25 جنيهاً) حتى 9 محطات، بما يزيد على 3 أضعاف أسعار المواصلات العامة لنفس المسافات، ما تسبب في عزوف المواطنين عن ارتياده خلال الشهرين الماضيين، واضطرار وزارة النقل إلى فتح القطار مجاناً للراغبين لمدة أسبوعين، ثم تشغيله حتى الخامسة مساءً من خلال 4 رحلات بحد أقصى، وتقليصها إلى رحلتين فقط في اليوم مؤخراً.
واقترضت مصر 1.2 مليار دولار (ما يزيد على 23 مليار جنيه) من بنك الاستيراد والتصدير الصيني (إكزيم) لتمويل مشروع القطار الكهربائي الخفيف. في حين قضت اتفاقية التمويل بسداد القرض على 15 عاماً، مع فترة سماح مدتها 5 سنوات، مقسمة بواقع 739 مليون دولار بمعدل فائدة 1.8%، و461 مليون دولار بمعدل فائدة 2%.
ويصنف مشروع القطار الخفيف ضمن قائمة طويلة من المشاريع الضخمة التي نفذتها مصر منذ عام 2014، وليس لها أي مردود أو نفع اقتصادي، باعتبارها نُفذت بـ"الأمر المباشر" من دون دراسات جدوى، ونتج عنها تحميل البلاد المزيد من أعباء الديون الخارجية، لا لشيء إلا بغرض نسبها إلى "الإنجازات المزعومة" للنظام الحالي.
تصل أسعار بطاقات ركوب القطار الخفيف إلى 35 جنيهاً (الدولار = 19.25 جنيهاً) حتى 9 محطات، بما يزيد على 3 أضعاف أسعار المواصلات العامة لنفس المسافات
زيادة الديون الخارجية
وحسب الأرقام الرسمية، ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس/ آذار الماضي من 145.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، وبنسبة ارتفاع إجمالية بلغت نحو 8.5% خلال ثلاثة أشهر فقط، علماً بأن إجمالي الدين لم يكن يتجاوز 38.3 مليار دولار في مارس/ آذار 2013.
ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم بصفة رسمية في عام 2014، توسعت الحكومات المتعاقبة في الاقتراض من الخارج لإقامة عدة مشاريع ليس لها مردود اقتصادي، وسط تفاقم معاناة المواطنين من وطأة الغلاء بفعل السياسات الاقتصادية للنظام على مدى 8 سنوات، كانت محصلتها فقر متزايد، واقتصاد متداع، وديون لم تشهد مثلها البلاد.
وتتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد من أجل تقليل عجز الموازنة وتخفيف حدة الأزمات المالية التي تواجه البلاد.