رجحت مصادر برلمانية مصرية تثبيت أسعار البنزين، بأنواعه الثلاثة، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، تبدأ اعتباراً من 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وهو الموعد الذي حددته لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بيع بعض منتجات الوقود في مصر، وفقاً لمتوسطات سعر (خام برنت) عالمياً، خلال الفترة من يونيو/ حزيران حتى سبتمبر/ أيلول 2020، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار في الفترة نفسها.
وقالت المصادر في حديث خاص، إن "تثبيت سعر البنزين يحقق مزيداً من الوفورات في بند دعم الوقود في موازنة الدولة، والذي تراجع من 53 مليار جنيه إلى 28.2 مليار جنيه في الموازنة الحالية"، مستطردة بأن "تراجع سعر برميل الوقود العالمي إلى أقل من 45 دولاراً، كان يقتضي خفض سعر البيع في السوق المحلية، إلا أن الحكومة تجد في ذلك مساحة لتوجيه هذا الوفر إلى الخزانة العامة، بدلاً من تمتع المواطنين بهذا الانخفاض".
وأضافت أن "المعادلة السعرية تقضي بتعديل الأسعار بما لا يتجاوز 10 في المائة، صعوداً وهبوطاً، في وقت قررت الدولة تجنيب جزء من الوفر المُحقق من خفض التكلفة، بدعوى مواجهة الارتفاع المتوقع في التكلفة خلال الفترة القادمة"، منبهة إلى "غياب الشفافية بشأن مصادر إنفاق هذه الوفورات، لا سيما في ما يتعلق بالاعتمادات الموجهة من الحكومة، لاحتواء الآثار السلبية لتداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا".
وتعتمد آلية التسعير التلقائي لأسعار البنزين في مصر على ثلاثة عوامل رئيسية، هي السعر العالمي لبرميل النفط، وسعر صرف الدولار أمام الجنيه، ومقدار التغير في عناصر الكلفة، غير أن هناك حالة من عدم الشفافية إزاء إدارة الحكومة لملف دعم المحروقات، حيث تصر الأخيرة على عدم تخفيض السعر المبيع للمواطنين، تحت ذريعة مواجهة العجز المتفاقم في الموازنة العامة للدولة (جراء التوسع في سياسة الاقتراض من الخارج).
وكانت مصر قد خفضت سعر ليتر بنزين (أوكتان 80) من 6.50 جنيهات إلى 6.25 جنيهات، وليتر بنزين (أوكتان 92) من 7.75 جنيهات إلى 7.50 جنيهات، وليتر بنزين (أوكتان 95) من 8.75 جنيهات إلى 8.50 جنيهات في 10 إبريل/ نيسان الماضي، مع الإبقاء على أسعار السولار والبوتاغاز من دون تغيير، على الرغم من التراجع الكبير في سعر البترول العالمي، والذي وصل مع بداية أزمة فيروس كورونا إلى نحو 70 في المائة.
وتشهد مصر حالة غير مسبوقة من الاحتقان المجتمعي، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والتعسف الحكومي حيال ملف التصالح في مخالفات البناء، وما صاحبه من إزالات لمنازل الآلاف من المواطنين، الأمر الذي دفع الآلاف من المصريين إلى التظاهر في أنحاء متفرقة من محافظات، أبرزها: "القاهرة، والقليوبية، والمنوفية، ودمياط، والجيزة، والمنيا، وأسيوط، والأقصر، وأسوان"، للمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي من الحكم.
وفي 24 يونيو/ حزيران الماضي، صادق السيسي على القانون رقم 83 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984، بشأن فرض رسوم تنمية الموارد المالية للدولة، والذي وافق عليه مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 4 مايو/ أيار 2020، ويقضي بفرض رسوم بقيمة 30 قرشاً لكل لتر مبيع من البنزين بأنواعه، و25 قرشاً لكل لتر من السولار.
وتعد تلك الرسوم بمثابة "ضريبة مقتطعة" على المنتجات البترولية المبيعة محلياً، والتي تُعادل أسعارها في مصر ضعف القيمة الحقيقية للمحروقات تقريباً، على وقع تراجع الأسعار العالمية للنفط ومشتقاته بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا، وذلك بغرض الاستفادة من تراجع أسعار النفط، وتوجيه الوفر الحالي لصالح الموازنة العامة، عوضاً عن خفض أسعار البنزين للمستهلكين.