تترقب الأسواق المصرية موجة جديدة من غلاء السلع الضرورية، عقب إعلان الحكومة رفع سعر الغاز المورد للمصانع من 3.5 دولارات إلى 5.75 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، بنسبة زيادة 28 في المائة.
ووفق مراقبين، فإن الزيادة في أسعار الغاز التي تقررت يوم الخميس الماضي قد تؤثر سلباً على البيئة التنافسية للصادرات المصرية بسبب زيادة تكلفة الإنتاج، إلا أن ارتفاع الأسعار العالمية سيقلل من هذه الآثار.
وبحسب الزيادة الجديدة في سعر الغاز سيدفع منتجو الأسمنت والحديد والصلب والبتروكيماويات والأسمدة 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ارتفاعا من 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في السابق.
ورفعت الحكومة سعر الغاز للصناعات الأخرى بنسبة 21% إلى 4.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية، على أن يعمل بتلك الأسعار اعتبارا من يوم غد الاثنين.
بحسب الزيادة الجديدة في سعر الغاز سيدفع منتجو الأسمنت والحديد والصلب والأسمدة 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ارتفاعا من 4.5 دولار
ويأتي تلك التوقعات في إطار ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات خلال الفترة الأخيرة، إذ قال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي، في تقرير صدر مؤخراً، أن معدل التضخم السنوي ارتفع في مصر خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي بنحو 8%، مقابل 6.4% في أغسطس/آب الماضي، مسجلا ارتفاعا للشهر الخامس على التوالي.
ويعتقد الخبير في الشؤون الاقتصادية، عبد النبي عبد المطلب، أن ارتفاع أسعار الغاز المورد للمصانع جاء تماشيًا مع الارتفاع العالمي للأسعار، وهو ما سيؤدي إلى زيادة أسعار السلع النهائية، وبالتالي زيادة الأعباء على المواطن.
ويشير الخبير الاقتصادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن غالبية المتعاملين في قطاع الصناعة تعجّبوا من القرار، إذ أنهم كانوا يتوقعون مع وجود وفرة الإنتاج المحلى للغاز، أن تخفض الحكومة أسعار الغاز من أجل خلق بيئة تنافسية للصادرات المصرية.
ورغم ذلك، يرى أن ارتفاع سعر الغاز لن يخرج الصادرات المصرية من المنافسة، لأن ارتفاعات أسعار الوقود كانت عالمية، كما أن ارتفاع أسعار العقارات نتيجة زيادة أسعار المدخلات مع حالة من الركود لن يدخل هذا القطاع فيما يسمى "فقاعة عقارية"، إذ أن الدولة تسيطر عليه وهي من تتحكم فيه.
ويوضح أحد خبراء الاستكشافات البترولية، أنه بالرغم من وجود اكتفاء ذاتي من الغاز الطبيعي في مصر، رفعت الحكومة سعر الغاز المورد للصناعة، بفارق ربع دولار عن السعر العالمي للغاز.
ويتوقع الخبير، الذي رفض ذكر اسمه، أن تشهد الأسواق المصرية، خلال الأيام المقبلة، موجة جديدة من التضخم، خاصة في أسعار العقارات نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات.
خبير: رغم وجود اكتفاء ذاتي من الغاز الطبيعي في مصر، رفعت الحكومة سعر الغاز المورد للصناعة، بفارق ربع دولار عن السعر العالمي للغاز
وكان أصحاب المصانع كثيفة الطاقة طالبوا الحكومة، في وقت سابق، بخفض أسعار الغاز إلى 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، دعمًا للصادرات، خاصة أن دولًا إقليمية منافسة تدعم مصانعها بالغاز على سعر دون 2.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.
وفي هذا السياق، يقول المدير الإقليمي لإحدى شركات الأسمدة العالمية، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن زيادة سعر المليون وحدة حرارية إلى 5.75 دولارات، سيزيد من تكلفة الإنتاج بحوالي 45 دولارًا (حوالي 700 جنيه) لكل طن أسمدة.
وأشار إلى أن الأسعار العالمية للأسمدة ارتفعت من 575 دولارًا للطن الشهر الماضي إلى 800 دولار في الوقت الحاضر، كما أن سعر طن اليوريا في السوق المحلي مرتفع من قبل زيادة سعر الغاز، إذ وصل إلى 9 آلاف جنيه، ويُتوقع وصوله إلى 10 آلاف جنيه .
ويكشف أنه يجري الآن الاستعداد لتحرير سعر الأسمدة، عن طريق إلغاء السماد المدعم الذي يوزع عبر الجمعيات الزراعية، وتعويض الفلاح عبر "كارت الفلاح" بنقاط يشتري بها مستلزماته الزراعية، لافتًا إلى أنه عقب انخفاض أسعار الطاقة في مارس/آذار المقبل ستعود أسعار الأسمدة إلى الدوران حول 6 آلاف جنيه للطن.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت عن زيادة أسعار بيع الغاز الطبيعي المورد للأنشطة الصناعية بنسبة 28%، اعتباراً من الغد 1 نوفمبر/تشرين الثاني، بناءً على نتائج أعمال لجنة حكومية مشكلة بموجب القرار رقم 1884 لسنة 2019، وموافقة مجلس الوزراء على توصياتها.
وسبق أن خفضت الحكومة أسعار بيع الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وفي مارس/آذار 2020، ضمن حزمة تحفيزية لمساعدة القطاع الخاص على اجتياز أعباء أزمة فيروس كورونا، في وقت تطالب فيه المصانع بتخفيض السعر إلى 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، حتى يتناسب مع السعر العالمي للغاز، ويخفف من الضغط على المصانع نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج.