مضيق هرمز.. شريان النفط وممر التجارة سلاحاً في تصعيد الحرب

07 أكتوبر 2024
مضيق هرمز هو بوابة الخليج العربي، 29 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -

عاد مضيق هرمز مؤخراً للسيطرة على اهتمام وسائل الإعلام بعد تزايد التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج، بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث يعدّ هذا الممر البحري الحيوي واحدًا من أهم الممرات البحرية في العالم، يمر عبره ما يقرب من خمس إمدادات النفط العالمية، مما يجعله نقطة استراتيجية في أسواق الطاقة العالمية.

وشمل التصعيد الحالي، وفقاً لوسائل إعلام غربية احتجاز سفن واستهداف ناقلات نفط من قبل القوات الإيرانية أو حلفائها، وهو ما زاد من المخاوف بشأن تعطيل إمدادات النفط العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، أدت إلى زيادة التوترات في المنطقة، ما جعل من مضيق هرمز منطقة حساسة للغاية، يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على استقرار الأسواق العالمية وأسعار الطاقة.

ويُعد مضيق هرمز واحدًا من أهم الممرات المائية في العالم نظرًا لدوره الحيوي في التجارة الدولية، وخاصة تجارة النفط. ويقع المضيق بين الخليج العربي وخليج عمان، ويبلغ طوله نحو 100 ميل (161 كيلومتراً) وعرضه 21 ميلاً في أضيق نقطة، وحوالي 39 كيلومترًا في أوسعها، ويُعتبر ممرًا استراتيجيًا يربط الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط بالأسواق العالمية.

أهمية  مضيق هرمز الاقتصادية

وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، يعبر المضيق يوميًا ما يقرب من 21 مليون برميل من النفط، وهو ما يمثل حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية، وحوالي 30% من النفط المنقول بحرًا. وتُعد دول الخليج، مثل السعودية، الإمارات، الكويت، والعراق، وإيران من أبرز الدول التي تعتمد على المضيق لتصدير نفطها إلى الأسواق العالمية.

وإلى جانب النفط، يمرّ عبر مضيق هرمز جزء كبير من التجارة البحرية للغاز الطبيعي المسال (LNG)، حيث تمثل شحنات الغاز المسال العابرة للمضيق حوالي 25%-30% من إجمالي شحنات الغاز الطبيعي المسال عالميًا، مما يعزز أهميته للاقتصاد العالمي وللدول التي تعتمد على الغاز المستورد. وخلال الربع الأول من العام الحالي، شحنت ناقلات النفط ما يقرب من 15.5 مليون برميل يومياً من الخام والمكثفات، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ. وأظهرت البيانات أيضاً أن أكثر من خمس إمدادات الغاز العالمية، وكان معظمها من قطر، مر عبر المضيق خلال الربع الأول من العام.

ويمثل مضيق هرمز أهمية خاصة للدول الآسيوية، لكونها الأكثر اعتمادًا على النفط والغاز الذي يعبر المضيق. فعلى سبيل المثال، تستورد الصين حوالي 40% من احتياجاتها النفطية من دول الخليج عبر مضيق هرمز، كما تعتمد اليابان على المضيق في استيراد ما يقارب 80% من نفطها، وتعتمد الهند أيضًا بشكل كبير على النفط الذي يعبر المضيق لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

مضيق هرمز والتوترات الجيوسياسية

نظرًا لأهميته الاستراتيجية، يعتبر مضيق هرمز نقطة ساخنة للنزاعات الجيوسياسية، فأي تعطيل للملاحة في المضيق قد يؤثر بشكل كبير على إمدادات الطاقة العالمية ويؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار النفط. وخلال الفترات التي شهدت توترات سياسية أو تهديدات بإغلاق المضيق، ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ، مما يُبرز مدى اعتماد السوق العالمية على استمرارية حركة التجارة عبر المضيق.

وفي حين يبقى مضيق هرمز الممر الأساسي لصادرات النفط من الخليج، تسعى بعض الدول إلى إيجاد بدائل للتقليل من اعتمادها عليه. فعلى سبيل المثال، قامت الإمارات بتطوير خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام والذي يمتد من حقول أبوظبي إلى ميناء الفجيرة على بحر عمان لتفادي المرور عبر المضيق، كما سعت السعودية لتوسيع قدراتها التصديرية من خلال موانئ البحر الأحمر. ويتم شحن بعض نفط العراق بحراً من ميناء جيهان التركي، ولكن 85% من نفطه يمر عبر المضيق، في حين أنه لا توجد بدائل أمام الكويت وقطر والبحرين سوى شحن نفطها عبر مضيق "هرمز".

والأسبوع الماضي أصدرت BMI، التابعة لشركة Fitch Solutions، مذكرة تحذيرية، أشارت فيها إلى أن توسع الصراع بين إسرائيل وإيران قد يدفع أسعار النفط للارتفاع بشكل حاد. ووفقًا للمذكرة، في حال أدى النزاع إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي وصفته بأنه ممر حيوي لنقل النفط، فقد تصل أسعار النفط إلى 150 دولارًا للبرميل أو أكثر، وهو ما سيشكل ضربة قوية للاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الطلب المتزايد على النفط. وجاء هذا التحذير في وقت تستمر فيه حالة عدم اليقين السياسي في الشرق الأوسط بالتأثير على استقرار أسواق الطاقة.

ويبقى مضيق هرمز شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، خاصة فيما يتعلق بالنفط والغاز الطبيعي المسال، حيث يرى أغلب المحللين أن أي اضطراب محتمل في المضيق مع تفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران، من المرجح أن يكون أسوأ بالنسبة لشحنات النفط العالمية من أزمة البحر الأحمر، وقد يدفع الاقتصاد العالمي إلى الفوضى.

ض
المساهمون