استمع إلى الملخص
- تأثير الغلاء على الخيارات الغذائية: نتيجة لارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 100%، تحولت المطاعم لتقديم الأطباق الشعبية والوجبات غير المكلفة، مما أدى إلى هجرة المطاعم الفاخرة نحو الطعام الشعبي للحفاظ على استمراريتها.
- تراجع الربحية وزيادة التكاليف التشغيلية: يعاني قطاع المطاعم من تراجع الربحية وارتفاع تكاليف التشغيل، مما يزيد الضغوط المالية، حيث يعتمد الزبائن على قسائم الأكل التي لا تتجاوز قيمتها 10 دنانير، بينما تصل كلفة بعض الأطباق إلى 30 دينارًا.
"نحن نضطر إلى تعديل قوائم الطعام بشكل دوري لملاءمة الأسعار مع القدرة الإنفاقية لحرفائنا، لقد ألغينا تقريبا أغلب الأطباق التي تعتمد على لحم الضأن والأسماك الفاخرة وأصبحنا نكتفي بالأطباق التي تعد بلحوم الدجاج ولحم البقر بدرجة أقل".
هذا ما قاله صاحب مطعم بإحدى الضواحي الشمالية للعاصمة تونس، هيثم عزوز، الذي أكد أن أصحاب المطاعم في صراع يومي مع غلاء السلع ما يجبرهم على تغيير قوائم الطعام وإلغاء الأطباق المكلفة لملاءمة الوجبات التي كانوا يقدمونها سابقا.
يؤكد عزوز لـ"العربي الجديد" أن غلاء الغذاء ينعكس بشكل سلبي على المطاعم التي أصبحت تحصر خياراتها في بعض الأطباق الشعبية والوجبات غير المكلفة نتيجة عدم قدرة طيف واسع من التونسيين على دفع أثمان الأطباق الفاخرة.
زيادة كلفة الوجبات بسبب الغلاء
يفيد المتحدث بأن المطاعم كانت سابقا تعرض على الحرفاء قوائم متنوعة من الأطعمة لتلبية كل الرغبات، غير أن تضاعف أسعار الخضر واللحوم وأغلب المستلزمات الغذائية زاد من كلفة العديد من الوجبات بنسبة تصل إلى 100% وحصرت خيارات الطهاة في قائمة محدودة من الأطباق غير المكلفة نسبيا.
تابع: "هاجرت العديد من المطاعم الفاخرة، اتجهت نحو الطعام الشعبي استجابة لطلبات السوق وحفاظا على استمراريتها".
وتشكو المطاعم في تونس من تداعيات غلاء الأسعار على نشاطها حيث يطاول الغلاء في تونس كل الأطباق التي تقدمها المطاعم بما في ذلك الأكلات الشعبية التي بلغت أسعارها مستويات قياسية مدفوعة بارتفاع أثمان المكونات الأساسية من خضر وزيوت نباتية إلى جانب ارتفاع أسعار كلفة تشغيل المحلات من الإيجارات ورسوم الكهرباء وغاز الطهي.
والأطباق الشعبية في تونس مكوّن مهم في غذاء التونسيين، حيث يقبل الملايين من المواطنين من شرائح اجتماعية مختلفة على المطاعم التي تقدم هذا الصنف من الأكلات، ولا سيما منهم الموظفين.
وتؤكد بيانات معهد الإحصاء لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني أن أسعار المواد الغذائية زادت بنسبة 8.5% باحتساب الانزلاق السنوي. ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 23.5% ولحم الضأن بنسبة 20.5% والدواجن بنسبة 18% والفواكه الجافة بنسبة 15% والأسماك الطازجة بنسبة 12.7% ولحم البقر بنسبة 9.7%، مقابل تراجع أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 3.5% والبيض بنسبة 3.5%.
تأثيرات عميقة عى الغلاء
يقر رئيس الغرفة المهنية لأصحاب المطاعم إسلام شعبان، بتأثيرات عميقة للغلاء على قطاع المطاعم بدأت منذ الجائحة الصحية عام 2020 واستمرت آثارها خلال السنوات التالية.
وقال شعبان في تصريح لـ"العربي الجديد" إن أصحاب المطاعم في صراع يومي مع الأسعار وغيروا طرق عملهم بشكل جذري حيث تم الاستغناء على الوجبات الفاخرة ويتم الاكتفاء بقائمة الأطعمة التي تتلاءم مع ظروف التونسيين المادية.
وأكد أن الزيادة في كلفة بعض الأطباق وصلت إلى 300% في بعض الأحيان وسيما تلك التي تعتمد على لحم الضأن أو بعض الأسماك البحرية، مشيرا إلى أن باقة الأطعمة التي تقدم في أكثر من 80% من المطاعم تعتمد على لحوم الدواجن الأقل سعرا أو بعض الأسماك متوسطة السعر والأطباق الشعبية التي تعتمد على الخضروات والبقول والبيض مصدرا للبروتين الحيواني.
وتحدث شعبان أيضا عن تراجع ربحية المطاعم، مشيرا إلى أن هامش الربح في الطبق الواحد تراجع من 50% إلى 10% وهو هامش بالكاد يغطي الكلفة، وفق قوله. وقال: "يعتمد أغلب حرفاء المطاعم على قسائم الأكل التي لا تتجاوز قيمتها 10 دنانير للقسيمة الواحدة على أقصى تقدير، وهو مبلغ بالكاد يكفي لشراء طبق شعبي أو ساندويتش".
في المقابل، يؤكد رئيس غرفة المطاعم أن كلفة طبق جيد يمكن أن تصل إلى 30 دينارا وهو مبلغ مرتفع بالنسبة لعموم التونسيين.
ويحصل الموظفون في تونس في القطاعين الحكومي والخاص على قسائم الأكل الشهرية بقيمة تتراوح ما بين 5 و10 دنانير للقسيمة الواحدة لمساعدتهم على الحصول على وجبات الغداء. وقدر رئيس غرفة المطاعم عدد التونسيين الذين يعتمدون على قسائم الأكل بأكثر من مليوني تونسي.
وحسب بيانات رسمية، سجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك الشهر الماضي تراجعا طفيفاً إلى مستوى 6.6% بعد أن كانت في حدود 6.7% خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. في المقابل، شهدت أسعار مجموعة "المطاعم، المقاهي والفنادق" تسارعًا في نسق الزيادة، حيث ارتفعت بنسبة 11.1% في شهر أكتوبر/ تشرين الأول مقابل 11.8% في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.