أظهرت دراسة حول أنماط الاستهلاك في الجزائر، أن نصف إنفاق الأسر يذهب إلى أشياء غير ضرورية، وأن نسبة كبيرة من الطعام الذي يجري شراؤه لا يستفاد منه، بينما تعاني معظم الأسر من ارتفاع معدل التضخم وتزايد الأعباء المعيشية.
وأشارت الدراسة التي أجراها المكتب الجزائري "بي آر سي" للدراسات والاستشارات التقنية، إلى أن "30% من أغذية الجزائريين ترمى في القمامة.. و50% من مصاريف العائلات تنفق في أشياءٍ ثانوية".
وقال رضوان بومغلة مدير مكتب " بي آر سي" إن " هذه الأرقام تكشف عن تبذير حقيقيٍ يقع في أوج أزمة التضخم التي تمر بها البلاد"، مضيفا لـ "العربي الجديد" أن "ركود الاقتصاد بعد جائحة كورونا، وتدني قدرة المواطن الشرائية بعد تهاوي قيمة الدينار هي فرص مواتية لكي يغير الجزائريون سلوكهم ويحسنوا من نمط العيش".
وبحسب الدراسة فإن "2.5 مليون خبزة" ترمى يومياً في القمامة. وفي السياق كشف رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين يوسف قلفاط لـ "العربي الجديد" أن "المخابز تنتج حاليا أكثـر من 27 مليون خبزة يومياً، مضيفا أن "نسبة ما يتبقى من الخبز المنتج وغير المستهلك تصل إلى 7.2 ملايين خبزة يومياً، نسبة منها تتوجه إلى شبكات إعادة التسويق و"الرسكلة" لفائدة مربي المواشي والدواجن والطيور، فيما تتجه النسبة المتبقية إلى القمامة".
وتوجهت "العربي الجديد" إلى سوق "علي ملاح" الشهير في ضواحي العاصمة الجزائرية، لاستطلاع رأي الجزائريين حول ما توصلت إليه الدراسة. وقال مواطنون إنه لا يمكن إنكار أن هناك من ينفق أكثر من احتياجاته، لكن ارتفاع الأسعار دفع الكثيرين لتغيير أنماط الاستهلاك فعلياً وشراء ما يحتاجون إليه.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي جمال نور الدين إن تزايد الإنفاق على احتياجات غير أساسية يرجع إلى ثلاثة عوامل، الأول نفسي ويتعلق بـ "الخوف من الندرة" خاصة مع تفاقم أزمات الندرة في بعض السلع مؤخراً، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد" أن العامل الثاني "فيتعلق بالجانب الاجتماعي حيث أصبحنا نجد في العائلة الواحدة أكثر من دخلٍ مادي، خاص بالزوج والزوجة على الأقل، ما يجعل عدم التنسيق في عمليات التسوق تكثر".
أما العامل الثالث وفق نور الدين "فيتعلق بالجانب الاقتصادي وبالقدرة الشرائية التي تحسنت قبل أزمة النفط الأخيرة سنة 2014، بفضل رفع الأجور ما أكسب المواطنين نمطاً استهلاكيا خاصا آنذاك واستمر هذا النمط حتى خلال الأزمات الأخيرة، بينما أصبح واقعياً لا يتماشى مع معطيات اليوم، فالدينار فقد بين 30% إلى 40% من قيمته والتضخم تضاعف 3 مرات".
بدوره، قال رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي إن الأرقام المعلنة التي تتحدث عن الإنفاق المتزايد على غير الضروريات تأتي في وقت تشهد فيه الدولة إحصاء نحو 9 ملايين شخص ضمن طبقة الفقراء.