انتهت عصر اليوم الخميس، جلسة الاستماع الأولى إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي استمرّت لأكثر من خمس ساعات في قصر العدل بحضور الوفد الأوروبي الذي طرح عليه نحو مائة سؤال عبر قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، وذلك ربطاً بالتهم الموجهة إليه بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والتزوير واستعمال المزور والإثراء غير المشروع.
وتزامنت الجلسة اليوم، التي لم يحضرها محامي سلامة، مع تحرك نفذه عددٌ من الناشطين والمودعين أمام قصر العدل للمطالبة بمحاسبة حاكم البنك المركزي والمنظومة المصرفية على سياساتها التي أودت بالبلد إلى الانهيار وراكمت ثروات السياسيين والمسؤولين فيما ارتكبت جريمة العصر بحق المودعين بوضع يدها على ودائعهم واحتجازها منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وغادر سلامة قصر العدل في بيروت بمواكبة أمنية مشددة على أن يعود صباح غدٍ الجمعة لحضور جلسة الاستماع الثانية إليه، علماً أن مصادر قضائية أشارت إلى أن الوفد الأوروبي طلب الاستماع أيضاً إلى شقيق حاكم البنك المركزي رجا سلامة، ومساعدته ماريان الحويك، الوارد اسماهما في التحقيقات الأوروبية بالجرائم المالية المشتبه بها.
وقال القاضي أبو سمرا، المسؤول عن ملف سلامة في القضاء اللبناني، لـ"العربي الجديد"، إنه تم تحديد جلسة ثانية للاستماع إلى سلامة غداً الجمعة، ستكون استكمالاً لجلسة اليوم، مشيراً إلى أن "لا قرارات أو أحكام تتخذ بعد الجلسة، إذ إن الملف مرتبط بالمعونة القضائية، والأسئلة التي يطرحها القضاء الأوروبي بواسطتنا، والتي وصلت اليوم إلى حوالي المائة سؤال، تتعلق بعمل سلامة كحاكم للبنك المركزي، أما الملف اللبناني فلم يُحرَّك بعد بالنظر إلى الانشغال بالملف الراهن".
وحضرت جلسة اليوم القاضية الفرنسية أود بورسي، وممثل عن قنصل فرنسا، وممثلين عن الدول المعنية بالاستنابات القضائية، إلى جانب رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بحسب ما أشار القاضي أبو سمرا.
وكان القاضي أبو سمرا قد أرجأ التحقيق المحلي مع سلامة الذي كان محدداً يوم 15 مارس/آذار الجاري، لاستجوابه وشقيقه ومساعدته، استناداً إلى ادعاء النيابة العامة ضدهم بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وذلك ربطاً بالتحقيقات الأوروبية.
ويعدّ مثول سلامة اليوم هو الأول أمام القضاء وذلك بعدما رفض في المرات السابقة الحضور بذريعة أن القرارات القضائية الصادرة بحقه تأتي من بوابة تنفيذ أجندات سياسية.
وطلبت هيئة القضايا في وزارة العدل توقيف الأشخاص المذكورين وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية، وإصدار القرار الظني بحقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت، لإنزال أشد العقوبات بحقهم لخطورة الجرائم المدعى بها في حقهم، محتفظة بحق تحديد التعويضات الشخصية أمام محكمة الأساس.
في السياق، يقول المحامي هيثم عزّو، منسّق الدائرة القانونية لـ"روّاد العدالة"، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يمكن إصدار مذكرة توقيف بحق رياض سلامة لسببين، الأول باعتباره يستجوب أمام قاضي التحقيق كشاهدٍ، بصفة مستمع، والمستمع لا يمكن توقيفه بعكس حالة المدعى عليها.
أما السبب الثاني، يضيف عزو، فهو مرتبطٌ بموضوع الاستجواب الذي ينحصر بتنفيذ الاستنابات القضائية الأوروبية وليس بالدعوى العامة المقامة عليه في لبنان، وبالتالي فإن التحقيق الحاصل معه محصورٌ فقط بتنفيذ إجراء التحقيق دون غيره، عملاً بمفهوم الاستنابة القضائية الدولية.
من ناحية أخرى، يرى عزو أنه طالما أن النيابة العامة كقضاء ملاحقة جزائية ورئيس هيئة القضايا في وزارة العدل كوكيل قانوني للدولة اللبنانية، قد ادعيا جزائياً على سلامة بجرائم اختلاس مال عام وتبييض أموال وإثراء غير مشروع والناتجة جميعها عن عمله في مصرف لبنان، يقتضي فوراً كف يده عن الوظيفة المناطة به، ريثما يصار إلى إقالته، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء يقع عليه موجب الشروع باتخاذ هذه الخطوة.
ويستغرب عزو كيف يستمرّ سلامة في عمله في المرفق العام، رغم ادعاء الحق العام عليه بجرائم تتصل بوظيفته في حاكمية مصرف لبنان، الأمر الذي لا يمكن أن يتقبله أي منطق قانوني.