مدينة السلام
عادت مدينة هيروشيما اليابانية إلى الأضواء مجددا، إثر احتضانها اجتماعات مجموعة السبع الأخيرة. تلك المدينة التي قصفت بقنبلة ذرية في عام 1945 تحولت اليوم إلى رمز للسلام، وباتت تعرف باسم "مدينة ثقافة السلام الدولية" قادرة على اجتذاب السياح، مع أنها لم تنسَ أبدا تاريخها المأساوي، لكن القيمين عليها سعوا إلى إعادة بنائها كمدينة نابضة بالحياة.
تحتفظ هيروشيما بذكرى أول هجوم ذري في التاريخ من خلال النصب التذكارية وشهادات شهود العيان واحتفالات الذكرى السنوية التي تجذب الكثير من السياح، حيث يتجمع الآلاف كل عام عند الساعة 8:15 صباح السادس من أغسطس/ آب، لحظة انفجار القنبلة، وذلك من أجل قرع جرس السلام. وفي المساء عينه، يُشعل الناس الشموع في احتفال "تورو ناغاشي"، فيما تكرم السلطات سنويا الأرواح التي فقدت في الانفجار وبعده.
وثمة تماثيل لـ20 ألف مواطن قتلوا، ونصب سلام للأطفال يكرم "ساداكو ساساكي"، وهي الناجية الشابة التي ماتت لاحقا بسبب اللوكيميا. ومع أن الذكرى السنوية هي أكثر أوقات السنة ازدحاما، فإن المدينة تستقطب الزوار على مدار العام بسبب مناطق الجذب التي تتمتع بها.
مواقع التراث العالمي
تضم هيروشيما موقعين للتراث العالمي: الأول ضريح مياجيما والثاني قبة القنبلة الذرية. ويقع ضريح مياجيما في جزيرة إيتسوكوشيما بالقرب من مدينة "مياجيما" في محافظة هيروشيما.
وقد تم إدراج المعلم في قائمة يونسكو للتراث العالمي سنة 1996، ويعد مثالاً للخير والأمان. وصنفت الحكومة اليابانية العديد من المباني والملحقات التي يتضمنها الضريح ضمن الكنوز الوطنية.
ويعود تاريخ بناء الضريح إلى القرن السادس الميلادي، واتخذ شكله الحالي عندما جدده "تائيرا نو كييوموري" (أحد القادة الكبار) ووسّعه عام 1168. كما تُعد القبة جزءا من حديقة هيروشيما التذكارية للسلام وصُنفت موقعاً للتراث العالمي ليونسكو عام 1996.
وكان المبنى هو الهيكل الوحيد الذي بقي قائما في المنطقة المحيطة بالقصف الذري لهيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية. وصمّم المبنى في الأصل المهندس المعماري التشيكي يان ليتزل، وتضمن التصميم قبة مميزة في أعلى المبنى، ورغم قوة القنبلة، ظلت القبة محافظة على شكلها وباتت تعرف باسم "قبة جينباكو" التي أُطلق عليها رسميا اسم "نصب هيروشيما التذكاري للسلام".
حديقة هيروشيما النباتية
رغم سوداوية الأفكار المحيطة بالمدينة، فإن التركيز على تجميل الطبيعة والبيئة يُعد سببا رئيسيا لتغيّر الأنماط الفكرية، لأن هيروشيما تضم المئات من الحدائق الخلابة، لكن أبرزها حديقة هيروشيما النباتية الكبرى، تضم حوالي 10 آلاف نوع من النباتات في العالم.
وافتُتحت الحديقة عام 1976 كمكان للتثقيف الاجتماعي لنشر المعرفة حول النباتات وتعزيز الحفاظ على الطبيعة، تبلغ مساحتها 18.3 هكتارا وتقع على تل في كوراشيغ في ولاية سايكي كو، وهي تطل على بحر سيتو الداخلي وتحتوي على دفيئة كبيرة حيث يمكنك الاستمتاع بأجواء استوائية وشبه استوائية على مدار العام، وفيها العديد من المرافق مثل البيوت الزجاجية التي تضم النباتات النادرة من حول العالم. ويراوح سعر التذكرة بين 3 و5 دولارات، ويمكن الاستمتاع بها طوال أيام الأسبوع.
القرى النائية
تتميز هيروشيما بتنوع الأماكن التقليدية، خاصة في القرى النائية التي تعكس حضارة الشعب الياباني.
وتُعد بلدة "أونوميشي" واحدة من أجمل البلدات الساحرة الصغيرة، وتقع على طول ساحل بحر سيتو الداخلي، مع الجبال على جانبيها والمعابد والمباني التراثية. وتحتوي الجزيرة على بعض من أفضل الينابيع الساخنة والشواطئ الرائعة للاسترخاء والاستمتاع بالمدينة الأصيلة المليئة بالسحر.
لقد كانت البلدة مركزا تجاريا مزدهرا منذ العصور القديمة، وهي شاهدة على شكل الحياة في القرون الوسطى، وتتضمن العديد من المنازل التقليدية القديمة، حتى أن الإقامة هناك مميزة جدا، لأنها تأخذكم في رحلة عبر الزمن، كما أنها موطن لكثير من الشعراء والفنانين والكتاب اليابانيين المشهود لهم، ولا عجب في أن جميع سكان القرية قادرون على التحدث بعدة لغات والتواصل مع السياح والزوار. وستجعلكم جولة في المدينة تتعرفوا على حياتهم إضافة إلى تاريخها الغني.
مناطق الجذب في هيروشيما
عالم آخر ينتظركم في وسط المدينة الصاخبة. المحال التجارية والمقاهي والمطاعم والكثير من القصص. ويضم وسط المدينة العديد من الشوارع المهمة، ومن أهم الشواع "هوندوري" وهو ممر للمشاة تصطف على جانبيه المتاجر والمطاعم.
وهو يبدأ بالقرب من حديقة السلام ويمتد شرقا نحو نصف كيلومتر. إضافة الى ذلك، يُعد شارعا "هندوري" و"أيوا" مركزا للعديد من المأكولات الشعبية.
وبمجرد الوصول إلى هيروشيما، تنتشر الإعلانات على الطرقات وفي الأماكن العامة. وحول أهمية زيارة طريق سيمانامي السريع، يُنصح دائما بضرورة قضاء يوم من رحلتكم لأخذ جولة منعشة بالدراجة على طريق شيمانامي السريع، ولن تندموا على ذلك. إنه أجمل الطرق الممتدة عبر المحيط والجزر وتربطها بالبر الرئيسي، وهي مصممة بشكل مثالي لراكبي الدراجات والمشاة على حد سواء.
وثمة العديد من نقاط تأجير الدراجات على طول الطريق، حيث يمكنك استئجار دراجة والذهاب في مغامرة. كما يمكنكم التوقف لالتقاط بعض الصور الخلابة فوق المحيط، وإلقاء نظرة على المعالم الجذابة في الجزر على طول الطريق السريع.