ستسمح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ببعض الاستثمار الأجنبي في مناطق تقع في شمال شرقي سورية، خارج سيطرة الحكومة، من دون أن تخضع لعقوبات، حسبما أعلنت الولايات المتحدة اليوم، في خطوة تقول إنها تهدف إلى مساعدة منطقة كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً.
وأوضحت القائمة بأعمال مساعدة وزير الخارجية الأميركية في مراكش فيكتوريا نولاند، خلال اجتماع للتحالف العالمي ضد تنظيم "داعش"، أن واشنطن ستصدر رخصة عامة تحرر الشركات من قيود العقوبات. وفق ما ذهبت إليه وكالة رويترز.
وأضافت أن "الولايات المتحدة تعتزم خلال الأيام القليلة المقبلة إصدار رخصة عامة لتسهيل نشاط الاستثمار الاقتصادي الخاص في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام والمحررة من تنظيم الدولة الإسلامية في سورية".
وتحتوي هذه المنطقة الواقعة في شمال شرقي سورية، المتاخمة لتركيا والعراق على بعض احتياطيات النفط المحدودة في البلاد والأراضي الزراعية، وتطل على أحد جانبي نهر الفرات.
ومع ذلك، قال دبلوماسي ناقش القضية باستفاضة مع المسؤولين الأميركيين إن الترخيص سينطبق على الزراعة وأعمال إعادة الإعمار، وليس على النفط.
وقال الدبلوماسي إن أنقرة تعتبر قوات سورية الديمقراطية جماعة إرهابية لكنها لن تعارض الترخيص لأنه يغطي الاستثمار في كل من المنطقة التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية والمنطقة التي تسيطر عليها الجماعات التي تدعمها.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على سورية بسبب دور الحكومة في الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011، لكنها خصصت أموالاً لأنشطة "تحقيق الاستقرار" في المناطق التي انتزعها حلفاؤها من تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت نولاند إن الولايات المتحدة أنفقت العام الماضي 45 مليون دولار في تلك المناطق، وأبلغت أعضاء التحالف بأن واشنطن تريد جمع 350 مليون دولار لأنشطة تحقيق الاستقرار في شمال شرقي سورية هذا العام. وأضافت أن الولايات المتحدة تسعى للحصول على مبلغ مماثل للعراق.
وأشارت إلى أن الاستثمار في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم المتشدد ضروري لمنع عودة الدولة الإسلامية للحياة بالسماح لها بالتجنيد واستغلال مظالم السكان.
وعلى الرغم من أن واشنطن أصدرت ترخيصين سابقين لسورية، فإنهما كانا لمواد محددة تتعلق أولاً بالنشر ثم بإمدادات كورونا وليس تعزيز النشاط الاقتصادي.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت بفرض العقوبات على النظام السوري وعلى الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية الفاعلة به بعد أشهر من انطلاق الثورة السورية في عام 2011، بسبب الوحشية التي واجه بها هذا النظام السوريين المطالبين بتغيير سياسي جدي في بلادهم. وعمّقت واشنطن هذه العقوبات أكثر في منتصف عام 2020 حين فعّلت "قانون قيصر"، الذي أُقرّ في ديسمبر/ كانون الأول 2019، بهدف الحدّ من حركة النظام السوري سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
وحول تأثيرات القرار الجديدة قال الأكاديمي الكردي فريد سعدون، المقيم في مناطق شمال شرقي سورية، لـ"العربي الجديد"، إن ثمة تساؤلات عن الشركات التي يمكن أن تستثنى من العقوبات وما هي المجالات التي يمكن أن تعمل بها، مضيفاً أنه في شرق الفرات ليس هناك مصانع أو معامل كما لا يوجد وسائل إنتاج غير في الحقل النفطي، لأن المنطقة تعتمد بالأصل على الزراعة والنفط والغاز.
واعتبر أن الاستثمار في مجال الزراعة مستبعد لأسباب عديدة، أبرزها أزمة المياه والسدود، لافتاً إلى أن القرار الجديد سيمنح الشركات الأميركية على ما يبدو فرصة للاستثمار لاستخراج النفط وتكريره وتصديره والأمر ليس سهلاً، لأن تصدير النفط تعترضه عوائق قانونية دولية فكيف لدولة أن تصدر نفط دولة أخرى دون موافقتها.
واستدرك بالقول: "هذا الأمر لا يمكن إن لم تعترف واشنطن بالإدارة الذاتية كإقليم فديرالي أو حكم ذاتي حتى تستطيع التوقيع معها كما يحصل في إقليم كردستان العراق".
واستبعد سعدون أن يكون هناك تأثير كبير على المواطنين في منطقة شرق الفرات من هذا القرار، لأنه بالأصل لا يستفيد حالياً من مردود النفط، وهناك بالأصل أزمة في إيجاد المحروقات، معتبراً أن القرار قد يخدم شركات أميركية أكثر ما يستفيد منه سكان شمال شرق سورية.