استمع إلى الملخص
- رفض الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر مقترحات ليندنر، معتبرين أنها لا تخدم الطبقة المتوسطة، بينما دعا الاتحاد المسيحي إلى انتخابات برلمانية مبكرة بسبب غياب الانسجام الحكومي.
- مصير ائتلاف إشارات المرور يعتمد على ليندنر، وسط اتهامات بمحاولة استفزاز المستشار شولتز، ودعوات من المعارضة لإجراء انتخابات جديدة لإنهاء الأزمة السياسية.
طرح زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي، ووزير المالية الاتحادي في الائتلاف الحاكم، كريستيان ليندنر ورقة لحل المشكلات الاقتصادية في ألمانيا، إلا أن النقاط المدرجة أثارت الجدل والاستياء من قبل شريكيه الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، وعرضته لانتقادات شديدة الحدة.
ووصل الأمر بالاتحاد المسيحي، أكبر أحزاب المعارضة، والذي يضم كلاً من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا، للمطالبة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، مع غياب الانسجام بين أحزاب الحكومة الفيدرالية، بعد أن تسببت أرقام الميزانية العامة عن العام 2025، والتي تحمل فجوات بمليارات اليوروهات، في وصول التحالف إلى حافة الهاوية.
وعلى وجه التحديد، دعت ورقة ليندنر إلى"تحول اقتصادي"، من خلال مراجعة جوهرية للقرارات السياسية الرئيسية، لمنع الإضرار بألمانيا كموقع تجاري. وكاجراء فوري، على سبيل المثال، يبرز ليندنر أن هناك حاجة إلى الإلغاء النهائي لرسوم التضامن الإضافية التي تدفعها بشكل أساسي الشركات والعاملون لحسابهم الخاص، والأشخاص المؤهلون تأهيلاً عالياً، بتخفيضها ما بين 2.5 إلى 3% عام 2025، ثم إنهائها بشكل كامل حتى 2027، وأيضاً إلغاء جميع القواعد التنظيمية الجديدة، وبعض المقترحات التشريعية، وتغيير سياسة المناخ واستبدالها بأهداف مناخية أوروبية، أو تصميمها بطريقة تقلل البيروقراطية وترفع مستوى التنظيم.
ومن وجهة نظر ليندنر، فإن البلاد بحاجة إلى إعادة تنظيم سياستها الاقتصادية كي تتمكن من تعزيز ثقة الشركات والأسر، حيث إن الأمر لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه. وفي السياق، أكد مستشار وزير المالية وأستاذ الاقتصاد لارس فيلد، في حديث مع صحيفة هاندلسبلات، أن تحالف إشارات المرور يمكن أن يستمر إذا ما اتبع كل من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر السياسة الاقتصادية التي يقترحها ليندنر. وقال: "يجب على شركاء التحالف التواصل مع الحزب الليبرالي الحر، خاصة في ما يتعلق بسوق العمل والسياسة الاجتماعية والمناخية، مضيفاً أن "الحزب الليبرالي في معضلة وأرقامه بائسة".
وفي الانتخابات المبكرة، يخاطر الأخير بالفشل في تحقيق عقبة 5%، ولكن إذا ما دعم السياسة الاقتصادية الخاطئة لعدة أشهر مقبلة وحتى موعد الانتخابات العامة في خريف 2025، فإن أرقام استطلاعات الرأي الخاصة بحزبه لن تبدو أفضل، بل ستكون الخسارة حتمية ولن يكون ممثلا في البوندستاغ مستقبلا.
وفي ظل المعطيات التي تفيد بخطوات مالية للتطبيع الكمي والتحسين النوعي للموازنات الفيدرالية حتى العام 2028، برزت الانتقادات لوثيقة ليندنر أولا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إذ رفضت الزعيمة المشاركة للحزب الحاكم ساسكيا إسكن إجراءات "التحول الاقتصادي" والنقاط المطروحة فيها، مشيرة إلى أنه لا يمكن تنفيذها من قبل الائتلاف الحاكم، من دون أن تنكر أن "هناك شيئا ما يحترق" بين أعضاء الحكومة الفيدرالية، في إشارة إلى المناقشات حول نهاية محتملة لحكومة إشارات المرور.
من جانبه، اعتبر الشريك الثاني في زعامة الحزب لارس كلينغبايل أن المقترحات لا يمكن أن تكون الحل للمشاكل الاقتصادية التي تدور حول أن يصبح الأغنياء أكثر ثراء الآن، وأن تحصل الطبقة المتوسطة العاملة على أجور أقل، وأن تعمل لفترة أطول وتحصل على معاشات تقاعدية ضئيلة لاحقا، وأن الحزب الاشتراكي لن يوافق على هذا في أي وقت".
ودفعت الاختلافات في المقاربات الاقتصادية برئيسة كتلة الخضر في البوندستاغ كاترينا دروغه لاتهام الحزبين الليبرالي والاشتراكي بالافتقار إلى روح الفريق، مشيرة إلى أن "الجميع يريد أن بفعل ما يريده وعلى طريقته من دون التعاون مع الآخر". ولفتت دروغه، في اجتماع لمندوبي حزبها في غيفهورن بولاية سكسونيا السفلى إلى أنه من المنطقي أن يتحمل حزب الخضر مسؤولياته، وإذا ما تم تكليفه من قبل الناخبين بمهمة المشاركة في الحكومة فعليه أن يفعل ذلك لمدة أربع سنوات".
وعلى النقيض من أحزاب إشارات المرور، تحدث زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المعارض ماركوس سودر لصالح إجراء انتخابات نيابية فيدرالية مبكرة، مشددا على أن "الأمر انتهى، ودق ناقوس الموت لإشارات المرور"، ومؤكداً أن الأمر الوحيد المهم هو إجراء انتخابات برلمانية عامة جديدة مبكرة على الفور. وقال: "لا مناص من القول إن الحكومة التي ترسل أوراقا ضد بعضها البعض غير قادرة على اتخاذ أي إجراء وتشكل إحراجا لبلدنا. لقد حان الوقت لسحب القابس وإنهاء المشهد المشين، كل يوم يمر يلحق الضرر بألمانيا". وذهب سودر أبعد من ذلك، ليوضح أنه إذا لم يكن لدى المستشار شولتز القوة اللازمة لإنهاء ائتلافه، فيجب على رئيس الجمهورية فرانك فالتر شتاينماير التدخل.
ورأى الباحث توماس برغمان، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "مصير ائتلاف إشارات المرور يعتمد في المقام الأول على رجل واحد يدعى كريستيان ليندنر، وهو الذي ترك باب الخروج من الحكومة مفتوحاً مراراً وتكراراً، والمتهم من قبل شركائه في الحكم، وبالأخص الحزب الاشتراكي، بمحاولة استفزاز المستشار شولتز. وتساءل: "هل تكون ورقته الاقتصادية وثيقة الطلاق وينفرط معها عقد الحكومة الفيدرالية الألمانية؟".