انتقد عدد من أعضاء مجلس النواب المصري التعطل الدائم لخدمات الإنترنت داخل الهيئات والمصالح الحكومية، ما يتسبب في ضياع وقت وجهد المواطنين، داعين وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، إلى تشديد رقابة الوزارة على شركات الاتصالات، على خلفية تردي خدمات الاتصالات والإنترنت، وزيادة أسعارها مقارنة بالخدمات المقدمة إلى المستخدمين.
وقال النائب وحيد قرقر، رداً على البيان الذي ألقاه وزير الاتصالات أمام البرلمان، الأحد، إن "استمرار المشكلات المتعلقة بميكنة الخدمات التي تقدمها المصالح الحكومية، يضطر المواطنين للذهاب أكثر من مرة بسبب عبارة (السيستم واقع)"، مستطرداً "توفير الخدمات الإلكترونية بات أمراً ضرورياً في مختلف قطاعات الدولة، والتي أعلنت مراراً عن توجهها نحو التحول الرقمي".
وأضاف قرقر: "توفير خدمات الإنترنت بكل بيت مصري لم يعد من باب الرفاهية، لا سيما مع الأخذ بنظام التعلم عن بعد، وهناك العشرات من القرى في محافظة الدقهلية - على سبيل المثال - لا تتوافر بها خدمات الإنترنت"، مطالباً الوزارة بـ"العمل على حل مشكلات ضعف الخدمة، وتخفيض أسعار الباقات الشهرية، بما يتناسب مع الأوضاع المعيشية للمواطنين".
وقال النائب هاني أباظة: "الجزء الرقابي من جانب الوزارة على شركات الاتصالات غائب تماماً، والشركات الخاصة تستبيح أموال المواطن وسط مباركة من الحكومة"، داعياً إلى تفعيل رقابة "الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات" على الشركات المقدمة للخدمة، إلى جانب توفير مكتب بريد في كل قرية، خصوصاً أن أغلب عملائها من كبار السن، والذين يعانون من صعوبة شديدة في التنقل.
واتهم النائب سليمان وهدان شركات الاتصالات بـ"النصب على المواطنين" جراء الانقطاع المستمر للشبكات، قائلاً "جميع الطرق الجديدة تعاني من ضعف في خدمات الاتصالات والإنترنت، والعدالة غائبة بين أبناء المدن والريف، في ما يخص سرعة خدمات الإنترنت، وهو ما ينعكس سلباً على العملية التعليمية".
بدوره، دعا النائب محمد العماري إلى أهمية التوسع في الوحدات المتنقلة للبريد في القرى والنجوع بمحافظات الصعيد، والإسراع في التحول من الكابلات النحاسية إلى "فايبر". وهو ما أيده النائب فتحي قنديل، بقوله: "اختبارات التلاميذ والطلاب في جميع المراحل التعليمية أصبحت عن طريق شبكة الإنترنت، بما يستلزم توافر هذه الخدمات في كل قرية مصرية".
وحذرت النائبة مها عبد الناصر من تداعيات تراجع مصر في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قائلة: "شركة علي بابا أنشأت مركزاً عملاقاً للبيانات في السعودية، وكذلك شركة غوغل العالمية، وهناك دول مثل المملكة والبحرين والأردن وإسرائيل تعطي حوافز استثمار للشركات الكبرى في مجال الاتصالات، بينما تغيب مصر تماماً عن هذا السباق"، على حد قولها.
وتساءلت عبد الناصر عن موقف مصر من مرور الكابلات البحرية، خاصة أن هناك مبادرة تسمى bypass egypt لتفادي مرور الكابلات في مصر، مشددة على أهمية تسعير هذه الخدمات بصورة عادلة، وأن يتعامل القائمون على منظومة الاتصالات في مصر بسرعة شديدة، وفقاً للمتغيرات المستمرة في هذا المجال.
ودان النائب محمد الطوخي تردي الخدمات التي تقدمها مكاتب البريد للمواطنين، ما يستدعي إعادة النظر في المشكلات التي تؤرق المترددين عليها من كبار السن. وقال الطوخي: "أصحاب المعاشات يجلسون أمام مكاتب البريد في المحافظات من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، ويعودون إلى منازلهم في كثير من الأحيان من دون أن يتقاضوا معاشاتهم!".
وقال النائب محمد مدينة: "المشكلة الأساسية التي تواجه المصريين هي غياب خدمات الرقمنة، نظراً لأن العنصر البشري غير مؤهل بعد على هذه الخدمات"، مضيفاً "دائماً ما يحملون (السيستم) مشكلة تعطل الخدمات، والسيستم بريء من ذلك".
وتابع: "لا توجد رقابة على خدمات شركات الاتصالات، مع العلم أنها أغلبها خدمات سيئة، وغير متاحة لقطاع عريض من المواطنين".
من جهته، قال رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي: "أشكر المعارضة الوطنية على كلمات التعقيب على بيان وزير الاتصالات، والشكر موصول لجميع نواب البرلمان لحرصهم على عرض كافة القضايا أمام الوزراء"، مطالباً الأعضاء بعدم استخدام المصطلحات الأجنبية أثناء كلماتهم، بعدما قرر حذف كلمة "سنترز" الواردة على لسان إحدى النائبات، كونها كلمة معروفة باللغة العربية، وكان من الممكن استبدالها بكلمة "مراكز".
وأضاف جبالي، رداً على اعتراض بعض النواب بسبب عدم السماح لهم بأخذ الكلمة، إثر تقدم حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية بطلب لغلق باب المناقشة: "لا مزيد من الكلمات للنواب بعد غلق باب المناقشة، والوزير كان قادراً على عرض بيانه باللغة الإنكليزية، ولكنه لم يفعل، ونحن نشكره على ذلك".
وكان وزير الاتصالات قد زعم في بيانه، أن مصر تقدمت في ترتيب سرعة الإنترنت الأرضي في قارة أفريقيا من المركز رقم 40 في يناير/ كانون الثاني 2019، بمتوسط سرعة 6.5 ميجابت/ثانية، إلى المركز رقم 4 في ديسمبر/ كانون الأول 2020، بمتوسط سرعة 34.9 ميجابت/ثانية.
وأشار طلعت إلى إنفاق استثمارات بقيمة 30 مليار جنيه، لتنفيذ مشروع رفع كفاءة الإنترنت خلال العامين الماضيين، و5.5 مليارات جنيه للعام الحالي، منوهاً إلى ربط 11 ألف مبنى حكومي بشبكة كابلات الألياف الضوئية من إجمالي 32500 مبنى على مستوى الجمهورية، ومن المستهدف ربطهم خلال 24 شهراً باستثمارات تبلغ 6 مليارات جنيه.
وأعلن طلعت عن بدء تنفيذ المرحلة الأولى من رفع كفاءة البنية التحتية المعلوماتية بقرى مبادرة "حياة كريمة" في مليون منزل، قائلاً: "هناك تطور كبير في أداء الحكومة من خلال الوسائل الرقمية خلال الفترة المقبلة، نتيجة انتقال وزارات الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، والذي لن يكون انتقالاً مكانياً، بقدر ما سيكون انتقالاً نوعياً مقارنة بما هو قائم حالياً".
وأوضح أن الانتقال للعاصمة الإدارية سيكون تشاركياً، وليس رقمياً، لإتاحة تبادل المعلومات بين الوزارات والجهات الحكومية، مستكملاً "المواطن سيكون قادراً على الحصول على كافة المعلومات المطلوبة من دون التنقل بين الأجهزة الحكومية، والأخيرة ستتبادل مستنداتها من خلال منظومة رقمية كاملة، من دون الاعتماد على الأوراق"، حسب تعبيره.
وزاد بقوله: "الوزارة ضاعفت أعداد المتدربين في البرامج التي تقدمها، وجهاتها التابعة في مجالات التكنولوجيا المختلفة، من 4 آلاف متدرب خلال العام المالي 2018-2019 إلى 13 ألف متدرب في العام 2019-2020، ويجرى حالياً تنفيذ خطة لتدريب أكثر من 115 ألف متدرب خلال العام المالي الحالي بكلفة إجمالية 400 مليون جنيه، وذلك من خلال منهجية هرمية بالتعاون مع كبرى الشركات التكنولوجية".
وأفاد طلعت بأن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات استطاع الحفاظ على مكانته كأعلى قطاعات الدولة نمواً، من خلال تحقيق معدل نمو يبلغ 16% في العام المالي الجاري، لافتاً إلى ارتفاع حجم الناتج المحلي للقطاع من 80.1 مليار جنيه في العام المالي 2017-2018، إلى 93.5 مليار جنيه في العام 2018-2019، وصولاً إلى 107.7 مليارات جنيه في العام 2019-2020.
كما ارتفعت نسبة مساهمة قطاع الاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي للدولة المصرية من 3.2% إلى 4.4%، ونمت الصادرات الرقمية من 3.2 مليارات دولار إلى 4.1 مليارات، وشهد عدد العاملين في القطاع نمواً متزايداً من 233 ألف عامل إلى 281 ألفاً، في حين تقدم مركز مصر العالمي في مؤشر جاهزية الشبكة من المركز 92 إلى المركز 84 خلال العام الحالي، حسب الوزير.
وختم طلعت قائلاً: "كل عقار في مصر سيكون له رقم قومي متفرد به، مثل الرقم القومي للمواطنين في البطاقات الشخصية، وذلك للتعامل بهذا الرقم مع كافة الجهات الحكومية. ومع اكتمال هذه المنظومة، لن يكون هناك أي مشكلات في عناوين العقارات، وتكرارها، مثل ما يحدث في الوقت الراهن".