وزير الزراعة اللبناني: العدوان أضر 70% من القطاع... والأمن الغذائي مهدد

16 نوفمبر 2024
وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ أكتوبر 2023 أدى إلى تدمير آلاف الهكتارات ونزوح عشرات الآلاف من المزارعين، مما يهدد الأمن الغذائي في البلاد.
- تأثرت 70% من القطاع الزراعي، مع تدمير مساحات واسعة ونفوق أكثر من مليون طير دجاج و18 ألف رأس ماشية، مما أثر على إنتاج الزيتون والصنوبر والتفاح والحمضيات والقمح.
- تعمل الحكومة اللبنانية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة لدعم المزارعين النازحين والتحضير للمواسم الزراعية الشتوية في المناطق غير المتأثرة بالقصف.

أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عباس الحاج حسن، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن لبنان خسر حتى الآن آلاف الهكتارات، من جراء العدوان الإسرائيلي، كما نزح عشرات الآلاف من المزارعين، مضيفاً أن "الأمن الغذائي مهدد إذا ما استمر العدوان على وتيرته".

وأشار الوزير إلى ضرورة الالتفات إلى أن إسرائيل قصفت عدداً من المعابر الحدودية، وهذا خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الإنساني، وهي تريد الإطباق على البلد وخنقه من كافة الاتجاهات، مطمئناً في المقابل أن "إنتاجنا وإن تراجع قليلاً، إلا أنه لا يوجد أي منتج مفقود من الأسواق، ونعمل على أن يكون هناك استمرارية في سلاسل الإنتاج".

وإلى نص المقابلة:

ـ كم بلغت الخسائر في القطاع الزراعي اللبناني منذ بدء العدوان الإسرائيلي في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023؟

الخسائر بدأت تُسجَّل في القطاع الزراعي منذ 8 أكتوبر من العام الماضي، مع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكانت تركز على المناطق الجنوبية المحاذية لفلسطين المحتلة. بيد أن الضرر الأكبر بدأ منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، مع توسّع العدوان، ويمكن وصفه بالكبير جداً، بحيث تؤكد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، أنّ 70% من القطاع الزراعي في لبنان تأثر بشكل مباشر وغير مباشر، حيث إنّ آلاف الهكتارات قُضيَ عليها بشكلٍ كاملٍ أو شبه كاملٍ، وإن 65 ألف شجرة زيتون أحرقت بالكامل نتيجة القصف بالفوسفور الأبيض المحرَّم دولياً، وأيضاً القصف بالقنابل العنقودية التي ستدفع حتماً الحكومة ووزارة الزراعة إلى العمل طويلاً لتنظيف هذه الحقول الشاسعة، لأنه بمجرد أن تكون هناك قنابل عنقودية يعني عدم إمكان وصول المزارعين إلى هذه الحقول، لأنها ستكون مهدِّدة لحياتهم.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

- ما هي أكثر القطاعات التي تأثرت؟ وكم يبلغ عدد الأراضي المدمَّرة بالكامل أو المتضرّرة جزئياً من جراء القصف الإسرائيلي؟

إن إجمالي عدد الحرائق وصل إلى 1518، كبيرا وصغيرا، وإجمالي عدد البلدات المستهدفة بالعدوان الإسرائيلي في محافظتي الجنوب والنبطية بلغ 56 بلدة، حتى تاريخ 23 سبتمبر. أما عدد البلدات المستهدفة في جميع المحافظات بعد 23 سبتمبر فقد بلغ 712 بلدة.

وبلغت المساحة المحروقة بالكامل أكثر من 3220 دونماً (الدونم يعادل ألف متر مربع)، والمساحة المتضررة (حرجي وزراعي) 7200 دونم في محافظات الجنوب، كذلك بلغ عدد أشجار الزيتون المعمّر المستهدفة أكثر من 60000 شجرة.

على صعيد أنواع المزروعات المستهدفة، فهي الزيتون والصنوبر والسنديان والتفاح والموز والحمضيات والقمح، مع الإشارة إلى تضرر أكثر من 2000 خيمة زراعية.

كذلك، فإنّ 32% من المساحة المزروعة لم تتأثر بشكل مباشر بالعدوان (جبل لبنان، عكار، الشمال)، و47% منها تأثر بشكل محدود (البقاع وبعلبك الهرمل)، لناحية توقف القنوات التسويقية وتعليق بعض الممارسات الزراعية، و21% تأثر بشكل مباشر وكبير (الجنوب والنبطية).

كما يلاحظ أن المساحات الدائمة (أشجار الزيتون والأشجار المثمرة) في محافظتي الجنوب والنبطية تشكل 62% من إجمالي المساحة المزروعة في هاتين المنطقتين، مما يعني أن الأضرار الناتجة عن العدوان الإسرائيلي سيكون لها أثر على قطاع الزراعة، ليس فقط على المدى القريب، ولكن أيضاً على المدى البعيد.

على صعيد خسائر الثروة الحيوانية، سُجّل نفوق أكثر من مليون طير من الدجاج، ونفوق أكثر من 18 ألف رأس من الماشية، وتضرر كلي لـ5200 قفير نحل (خلية)، بينما 20 ألف قفير نحل تضررت بشكل جزئي، أما تدمير مستودعات الأعلاف فوصل إلى 10 آلاف متر.

ـ كم بلغ عدد المزارعين النازحين وكيف سيتم دعمهم؟

بدأنا مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" بإجراء مسحٍ لأربعة آلاف مزارع مبدئياً، وسيُستكمَل حتى نصل إلى 22 ألف مزارع من المسجلين في سجل المزارعين، لمعرفة أين هم موجودون الآن، وهل هم في مناطق تتعرَّض للقصف أو مناطق اللجوء؟ الأمر الذي من شأنه أن يؤسِّس لمعرفة أعداد المزارعين النازحين، وكيفية انعكاس ذلك وضرره على القطاع الزراعي، وتالياً بحث سبل دعمهم.

ـ كم كان يشكل الجنوب من القطاع الزراعي؟ وكيف هو التحضير للمواسم الزراعية الشتوية؟

من بين 25% إلى 35% كان يشكل ناتج الجنوب من الناتج القومي المحلي. وعلى صعيد المواسم الشتوية، فإنّ التحضير في كلّ المناطق التي لا تتعرَّض للقصف، حيث إنّ أربع محافظات تتعرّض لقصف يومي، هي النبطية والجنوب وجزء كبير من البقاع الأوسط والشمالي. وبالتالي، فإننا نعمل على توسيع المساحات الزراعية في المناطق التي لم تتعرَّض للقصف، أي سهول عكار والضنية والشريط الساحلي وجبل لبنان والبقاع الأوسط وبعض المناطق في البقاع الشمالي.

الفكرة أننا مسحنا كشوفات حول ما يُزرع في هذه المناطق وما هي الكميات؟ وبالتالي ما هي إمكانية توسيع المساحات؟ وكانت هناك عدة لقاءات عبر غرف التجارة والصناعة والزراعة في الشمال ورئيسها توفيق دبوسي، والتقينا عدداً من المزارعين، واستكملت بلقاءات عدة مع النقابيين والتعاونيات الزراعية، ونحن اليوم أمام واقع يمكن لسهول عكار والضنية والشريط الساحلي أن تعوّض قدراً كبيراً من المساحات التي فقدناها، نتيجة تعرّضها لاعتداءات إسرائيلية مرحلياً كخطة بديلة وسريعة.

ـ ما هي الزراعات الأكثر تأثراً بسبب العدوان؟

الأشجار المثمرة والبقوليات والعنب ومعظم المنتجات الزراعية تأثرت، وتحديداً المواسم الشتوية، لأنه لم يكن بمقدورنا زراعة موسمين متتاليين، لذلك الضرر سيكون كبيراً جداً في القادم من الأيام.

ـ هل الأمن الغذائي في خطر بلبنان بعد توسع العدوان الإسرائيلي وفي حال طال القصف؟ وكم تحتاج الدولة للصمود زراعياً؟

الأمن الغذائي مهدَّدٌ إذا ما استمرَّ العدوان على وتيرته على لبنان، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ إسرائيل قصفت عدداً من المعابر الحدودية، وهذا خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الإنساني، وهي تريد الإطباق وخنق البلد من كافة الاتجاهات.

نحن الآن نعتقد أن إنتاجنا وإن تراجع قليلاً، فلا يوجد أي منتج مفقود من الأسواق، ونعمل على أن يكون هناك استمرارية في سلاسل الإنتاج كي لا نفقد أي محصول من المحاصيل، وستتأثر عمليات التصدير لا شك، لكن الأمن الغذائي مقبول حتى الآن، ونخاف من اهتزازه فيما لو استمرت وتيرة العدوان بهذا التصاعد.

ـ هل هناك مساعدات من الجهات المانحة، وخطط للطوارئ؟

نعم، هناك مساعدات من الجهات المانحة، تحديداً للقطاع الزراعي. وهناك خطط طوارئ موجودة أصلاً، ونعمل اليوم على وضع خطط وبدائل معها لكيفية تحويل بعض الأموال التي رصدت سابقاً لاستمرار وديمومة القطاع الزراعي، للتحول إلى مساعدات طارئة للمزارعين اللبنانيين.

ـ المنظمات الدولية تحذّر من مجاعة في لبنان؟ هل تخشون هذا الأمر وكيف يتم العمل على منع حدوثه؟

نحن نخاف ونحشى أن تنزلق الأمور إلى هذا الأمر، "الأمن الغذائي اللبناني" فيما لو اهتز سيهتز الأمن الغذائي العربي، لأن الأمن الغذائي تكاملي ما بين الأقطار العربية، ولا يمكن أن يكون هناك أمن غذائي للمنطقة ودولة أو عدة دول يهتز بها الأمن الغذائي.

نعم نحشى هذا الأمر، ونعمل بكل طاقتنا لمنع حدوثه، وهنا نطلق صرخة ونداءً للمجتمع الدولي أن يوقف حمّام الدم، ويوقف إسرائيل التي تتفلت من أي عقال ويُلزمها بوقف إطلاق النار، والالتزام بالقرارات الدولية، وتحديداً القرار 1701.

لبنان، الحكومة والمفاوض الأول رئيس البرلمان نبيه بري، أبلغ من يعنيهم الأمر أنّ لبنان يطلب من المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية وكل العالم إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار الفوري، ولبنان يلتزم بتنفيذ القرار 1701 بكل مدرجاته، وعلى إسرائيل أن تلتزم، فهي خرقته ما لا يقل عن 30 ألف مرة، إن كان جواً أو بحراً أو براً، والكرة اليوم في ملعب العدو.

هل أنتم متفائلون بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان؟

نحن يحدونا الأمل ونتمنى أن يكون هناك وقف لإطلاق النار لوقف جرائم إسرائيل وحمّام الدمّ. لدينا ما لا يقل عن 17 ألف شهيد وجريح حتى الآن، وهذه الدماء في وجه المجتمع الدولي، وهذه الصرخة ليست فقط لبنانية، بل القمة العربية الإسلامية في الرياض خرجت بهذا النداء وهذه المطالب، والأمم المتحدة مجتمعة، لكن إسرائيل متفلتة من أي عقال.

المساهمون